لم يعد ينفع اللبنانيين سوى استبدال الطبقة السياسية الحاكمة والقوى المساندة لها والزّج بالمرتكبين منهم في السجون
 

ما كشفه بالأمس وزير المال علي حسن خليل من مخازٍ وارتكابات مالية بحقّ الوطن يكاد لا يُشكّل سوى جزءٍ يسيرٍ من فضائح الفساد والاستبداد في هذه الدولة المتهالكة، مُتهالكة على يد مسؤوليها في الحكم والإدارة والمؤسسات، لا نستثني أحداً، من القمّة حتى القاعدة، مدنيّين وعسكريّين.

كشف معالي الوزير بعض المستور، ليكتشف اللبنانيون أنّ وراء ما كُشف أدهى وأمرّ، وأنّ ما خفي كان اعظم، ورغم بعض الجرأة التي أراد وزير المال أن يوحي بامتلاكه إياها، إلاّ أنّه أحجم عن تحميل المسؤولية الكبرى لمجلس النواب، المجلس الذي عليه أن يراقب عمل السلطة التنفيذية ومحاسبتها، ومناقشة ميزانية الوزارات والمؤسسات والمصالح المستقلة، كما أحجم عن تحميل المسؤولية للقضاء، المتنازل عن دوره، والذي يغُطُّ في نومٍ عميق في أحضان السلطة التنفيذية التي تُعيّنه وتلقي له بعض الرشاوى من حينٍ لآخر، كما لم يُحاسب نفسه على إعداد موازنة العام الماضي، كما لم يُشر إلى تقاعُس وزراء المالية الذين سبقوه، والذين هدروا عشرات الآلاف من المليارات طوال السنوات العشر الماضية، حتى وصلنا إلى ما نحن فيه من مأزقٍ يطال الجميع. 

إقرأ أيضًا: أمام هول حريق كنيسة نوتردام.. اصوات عنصرية حاقدة

للأسف الشديد، لم يعُد ينفع اللبنايّين اليوم، هذا التطبيل والتزمير والعزف على معزوفة محاربة الفساد من قِبل الفاسدين الذين استباحوا المال العام وخرّبوا الإدارة العامة والمصالح المشتركة، وارهقوا الموازنة العامة للدولة ب "جيوش" الأمنيّين والعسكريين في أجهزة يمكن الاستغناء عن نصف عديدها بلا مبالغة. لم يعد ينفع اللبنانيين سوى استبدال الطبقة السياسية الحاكمة والقوى المساندة لها والزّج بالمرتكبين منهم في السجون، لذا لم تعد لتُجدي بعض "التّبجّحات" لوزير مالية لا يجرؤ على فتح ملفات الفساد المالي في موازنات رئاسة الجمهورية والسراي الحكومي ومجلس النواب، لا بل حريٌ به أن يضع استقالته بتصرّف اللبنانيين، أو يُشمّر عن ساعد الجد، ويُطيح بكلّ هذه الموازنات التي تأكل الأخضر واليابس.

عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم: إثنان في الناس إذا صَلُحا صَلَح الناس: العلماء والأمراء.