في عام 2017، تعالت المناشدات للحكومة الفرنسية من جهات معنية بالآثار، لترميم الكنيسة الفرنسية الأشهر في العالم "نوتردام"، التي يعود تاريخ تأسيسها إلى ما قبل 800 عام.
 
بدأت أعمال الترميم في الكنيسة التي تستقطب 13 مليون زائر سنوياً، ليندلع بها حريق في 15 نيسان 2019، ويلتهم العمود الأطول في المبنى، الذي يبلغ طوله 90 متراً.

تقول المؤشرات الأولية إن السبب كان عملية الترميم، لكن متى تأسست "نوتردام"؟ وما أهميتها؟ ولماذا أصبحت وجهة السياح من كل مكان بالعالم؟

تأسست كاتدرائية نوتردام التي تقع على الجانب الشرقي لمدينة باريس الفرنسية عام 1160م، لكن هذا العام كان مجرد البداية، إذ استمر تأسيسها على مدار100 عام، وبات مبناها مثالاً بارزاً على الفن القوطي المعماري الذي ساد بأوروبا في القرن الثاني عشر وحتى القرن السادس عشر.

بنى النسخة الأولى من الكاتدرائية الملك شيلدبرت الأول في العام 528، ثم تعرضت لعمليات ترميم طويلة حتى أخذت شكلها النهائي بتفاصيل فن العمارة القوطية الذي اشتهر بتصوير القديسين والرموز الدينية، وهو ما ظهر على واجهة "نوتردام"، ومنذ القرن العاشر الميلادي وهي تحتفظ بشكلها الحالي.

مشيَّدة على أنقاض أول كنيسة في فرنسا
تكتسب الكاتدرائية أهميتها من المكان الذي بُنيت فيه، فهي مشيَّدة على أنقاض أول كنيسة تأسست في فرنسا وهي بازيليك القديس ستيفان، التي كانت قد تأسست أصلاً على أنقاض معبد جوبيتير الروماني.

وظلت على مدار أعوام طويلة، رمزاً للفرنسيين سواء على المستوى الديني أو الثوري، إذ شكلت لديهم أيقونة ثورة، وظل الفرنسيون يخشون من الإساءة إليها إبان الثورة الفرنسية، بعدما تحالفت الكنيسة الكاثوليكية مع العهد الملكي.

إبان الحرب العالمية الثانية، وفي أثناء الاحتلال الألماني لفرنسا في عام 1940، أقيمت القداسات بالكاتدرائية، فعادت إلى الواجهة من جديد رمزاً دينياً ثورياً ضد الاحتلال الألماني.

رموز مهمة داخل الكاتدرائية
تحمل كاتدرائية نوتردام بداخلها رموزاً مميزة شكلت ذاكرة الفرنسيين، فالتاج المقدس الذي قيل إنه خاص بالمسيح عيسى عليه السلام موجود داخل الكاتدرائية.

كل الطرق تؤدي إلى "نوتردام"
يقتبس الفرنسيون المثل الشهير "كل الطرق تؤدي إلى روما"، للتعبير عن نقطة الصفر الموجودة داخل الكاتدرائية، ويعتبرون أن "كل الطرق تؤدي إلى نوتردام"، ففي قلب الكاتدرائية توجد نقطة تسمى "Zero Point of France roads"، تستخدم في حساب المسافات من وإلى كل المدن الفرنسية.

في السنوات الأخيرة، عانت "نوتردام" حالة من التردي، مع تآكل دعاماتها الأساسية؛ وهو ما دفع جهوداً كبيرة لجمع تبرعات ضخمة، لإخصاعها لعملية ترميم، وإنقاذ المَعلم الأهم في باريس بعد برج إيفل.

وتمت إزالة بعض التماثيل الموجودة أعلى الكاتدرائية، لترميمها كجزء من مشروع ترميم بقيمة 6.8 مليون دولار، شمل العمود الأساسي للكاتدرائية الذي يبلغ طوله 90 متراً.