غاب عن بال وليّ العهد العوني القوي أنه يوم تتوقّف الدولة عن دفع رواتب الموظفين، يكون العهد بقضّه وقضيضه قد ولّى إلى غير رجعة.
 

في نهاية العام ٢٠١٧ أقرّت الحكومة سلسلة الرتب والرواتب الجديدة، وذلك بعد مخاضٍ عسير، وعقب أكثر من عشرين عاماً على آخر تصحيح للأجور أواخر القرن الماضي، وغالبت الطبقة السياسية الحاكمة طويلاً تحقيق هذا المطلب الذي رفعه العاملون في القطاع العام لأكثر من خمس سنوات، مع المعاضدة من التجار وأصحاب الرساميل والمصارف، وقد تضمّن القانون رقم ٤٦ للعام ٢٠١٧ الذي أبصرت من خلاله السلسلة النور نصّاً صريحاً يُمنع بموجبه التوظيف في القطاع العام، ليتفاجأ الجميع فيما بعد أنّ المسؤلين عمدوا إلى حشر ازلامهم ومناصريهم في الإدارة العامة والمصالح المشتركة بأعدادٍ كبيرة تراوحت بين العشرة آلاف والخمسة عشر ألف موظف جديد. 

إقرأ أيضًا: خطّة باسيل الكهربائية والحارس بلج.

انتهت الانتخابات النيابية قبل عامٍ مضى، وتأخر تأليف الحكومة لأكثر من ثمانية أشهر، وتأخّرت نتيجة هذا الإهمال الفاضح لمصالح المواطنين أموال "سيدر" الموعودة، في حين بان للعيان هُزال الوضعين المالي والاقتصادي نتيجة النّهب المنظّم لأكثر من ثلاثة عقود متواصلة، وقبل الوصول لحافّة الانهيار المُروّع، لم يبق مسؤولٌ ممّن ساهم في نهب ممتلكات الدولة ومالها إلاّ وتطوّع لمكافحة الفساد وآفاته، ووقف المواطنون مشدوهين مذهولين من حميّة وغيرة الناهبين على الدولة ومصالحها، وبما أنّه لا بُدّ أن يكون للوزير جبران باسيل "قرصٌ في كلّ عرس"، فتطوّع وأدلى بدلوه، وتفتّحت قريحته عن ضرورة المسّ برواتب العاملين في القطاع العام لإنقاذ مالية الدولة المتهالكة، مُتوعّداً إياهم بالإذعان أو الذهاب إلى بيوتهم، وأنّ عليهم أن ينتصحوا من صاحب الأمر، (السندباد الذي لا تهدأ أسفاره)، قبل أن يأتي عليهم يومٌ لا يجدون فيه لهم وليّاً ولا نصيرا.

إقرأ أيضًا: العونيّة حالة ميؤس منها وفي طور الاحتضار

غاب عن بال وليّ العهد "العوني القوي" أنه يوم تتوقّف الدولة عن دفع رواتب الموظفين، يكون العهد بقضّه وقضيضه (الاصهرة وزوجاتهم والأنسباء والاقرباء والأنصار (ومعهم المُطبّلون والمُبخّرون) قد ولّى إلى غير رجعة. 

قديماً قيل: من كنتَ سبباً لبلائه، فالواجبُ عليك التّلطُّف له في علاجه من دائه.