تجربة حكم العسكر في كل من الجزائر والسودان هل تعتبر خلاص الشعوب العربية؟
 

فعل الجيش السوداني ما فعله الجيش الجزائري مخافة سقوط حكم العسكر في كلا البلدين حيث قاما بالتفاف مفضوح على مطالب الشعبين بتنحية رئيسيّ النظامين وبوعود غير شافية وتبدو أنها كاذبة لبقاء الجزائريين والسودانيين في الشوارع منددين بحكم العسكر.

حتى اللحظة لا شيء يطمئن الشعبين اللذين استطاعا فرض شروط محقة على من يحكم الدولتين منذ سنيين،  فحكم العسكر في الجزائر أفقر دولة غنية وأرهق شعباً لصالح نخبة من جنرالات الجيش والأجهزة الأمنية ومن تمتع معهم من خيرات الجزائر من الشبكات المنتفعة.

 وفي السودان حكم العسكر هو الأسوأ في تاريخ تجربة الحكم العسكري السوداني كونها مزّقت البلاد والعباد وزادت من المجاعات والحروب والأزمات وجعلت من السودان سودانين متقاتلين رغم قيام دولة الجنوب بصك بيع ممهور من عمر البشير رئيس العسكريتارية الجديدة الاسلاموية السودانية.

إقرأ أيضًا: بوتين وجّ صحّارة الممانعة

يبدو أن العسكر العربي التقط كلمة السرّ من الجيش المصري الذي باع الرئيس لصالح الثورة كي يبقى ممسكاً بأوراق اللعبة ومن ثم يبقى ممسكاً ببنية الدولة لا السلطة فحسب، وهذا ما فعله عساكر السودان والجزائر في بيعهم للرئيسين حفاظاً على استمرار السلطة الأمنية، لذا لم تتطور الأحداث في كلا البلدين وتمّ حفظ الأمن العام وعدم استخدام القوّة، وهذا وعيّ جديد أم أنه رضوخ وخوف حقيقي جرّاء رفع أميركا يدها عن الأنظمة كما فضحت ثورات الربيع العربي؟ 

المهم أن الأنظمة باتت خائفة من استخدام القوّة وحذرة جداً من حركة الشعب لذا باتت خيراتها سهلة في التخلي السريع عن رمز السلطة لحظة الشعور بتدهور النظام مع أن هناك شك كبير ينتاب السودانيين جرّاء اخفاء البشير وعدم تبيان أيّ شيء يتعلق به رغم مطالبة الشعب بمحاكمته، كما أن المجلس العسكري لم يتخذ أيّ إجراء بحق المؤتمر الوطني الذي سيشارك في الانتخابات كأيّ حزب سياسي سوداني وعدم تحميله مسؤولية فساده وفشله في السلطة، إضافة إلى أن المجلس نفسه من جنرالات الحزب الحاكم أيّ أن السلطة أعادت نفسها الى الواجهة من جديد بدور الانقاذ للسودان فارضة دور العسكر في وزارات الدفاع والأمن والداخلية أيّ الوزارات الحسّاسة والحاكمة بمعنى أن أيّ حكومة سيكون ظاهرها مدني ولكن مضمونها عسكري.

إقرأ ايضًا: يصهينون العرب ويستغيثون بهم!!

يبدو أن وعياً عربياً ناضجاً في كل من الجزائر والسودان لذا لم يرفع الجزائريون والسودانيون راية النصر بمجرد وضع حدّ لبوتفيلقة وللبشير بل استمروا على مواقفهم من الحكم كحكم لا كأشخاص فقط وهذا ما يطمئن ادإلى أن استغشام الشعب لم يعد يجدي نفعاً ولم يعد ينطلي على أحد بعد أن وعى العرب تجربة الربيع العربي المرّة والتي أدّت إلى عودة النظام الأمني مجدداً باسم الثورات العربية أو بفعل غباء بعض الثوريين، والتجربة ماثلة أمامنا في أكثر من مشهد عربي سواء في مصر أو في تونس أو في سورية.

إذا ما تمّ سقوط حكم العسكر في كلا البلدين وقيام حكم مدني رغم صعوبة التخلص من النظامين الأمنيين في الجزائر والسودان فثمة بداية جديدة لوضع حدّ نهائي لدور العسكر في السلطة في العالم العربي، وهذا ما ينذر بإطاحة من يستند إلى العسكر في جلوسه على كرسيّ الرئاسة أو من يسعى إلى عسكرة السلطة كيّ يستمر في السلطة كشخص أو كجهة لذا تجربة الجزائر والسودان تجربة بحجم العالم العربي لا بحجم الدولتين لذا فان نجاح الشعبين الجزائري والسوداني سيسهم في انجاح المشروع  العربي المندفع نحو الدولة المدنية لا الدولة الأمنية.