فمن بديهيات القول بأن الأموال الإيرانية كانت تشكل واحدة من أهم روافد الإنتعاش الإقتصادي عند الشيعة
 

ثلاثة أيام ولم يدخل زبون واحد إلى المحل، لم أبع حتى كلسات واحدة.

هذه العبارة هي واحدة من مجموع قصص وروايات مشابهة كانت حديث السهرة بالأمس من صديقي الذي يعمل مندوب مبيعات متجول، مما يتيح له الدخول يوميًا إلى أكثر من محل وبأكثر من ضيعة جنوبية.

فيرد عليه صديقي الآخر والذي يعمل هو أيضا بائع متجول لمستلزمات الصالونات النسائية بآاااخ تنخر العظام.

والثالث من أصحاب المهن الحرة (دهان موبيليا) فيختصر الحالة بعبارة "صرلي تلات أشهر ولا ضربة". 

وينطلق بعد توصيف الوضع الإقتصادي المحزن والأسود المخيم على الجنوب وكل لبنان بالأسباب والظروف والتداعيات.

إقرأ ايضًا: بيع الكلى في زمن الانتصارات

فبعد ما هو معلوم ومتفق عليه عند كل اللبنانيين بأن المافيا المتحكمة بالبلد منذ عقود ولا تتورع عن كل أنواع السرقات والنهب للمال العام هي السبب الأول والأخير بما نحن عليه وما ينتظرنا من مستقبل أسود.

ولأن الحديث يجر الحديث كما يقال، كان لا بد من الغوص أكثر بالشأن الشيعي إنطلاقًا من العقوبات الأميركية على حزب الله والتي أجمع السهيّرة كذلك بظلها على الدورة الإقتصادية بالمناطق الشيعية.

فمن بديهيات القول بأن الأموال الإيرانية كانت تشكل واحدة من أهم روافد الانتعاش الإقتصادي عند الشيعة، ولا بد حين تجفيف هذه الاموال أو ضمورها بأن تنعكس سلبا على كافة القطاعات بشكل أو بآخر.

وفي خضم الولوج في هذا الواقع الإقتصادي المزري والمعتم، طُرح السؤال الأكثر رعبًا، من كل  هذه المعاناة والفقر وحتى من أصوات طبول الحرب المنتظرة التي تخيم فوق سماء الجنوبيين هذه الأيام، عن سبيل إخراج الطائفة من هذا النفق المظلم الذي أدخلنا فيه خيارات الثنائي الشيعي.  

إقرأ أيضًا: الحرس الايراني نحو العقوبات، هل يتحرك حرس الحرس في لبنان؟

هذا الثنائي الذي أحكم قبضته على قرار الطائفة الشيعية، إن بقدراته الضخمة التي حالت دون قيام معارضة شيعية فاعلة ومنتظمة وقادرة على خلق بدائل، أو بسبب هشاشة وسخافة بعض المعارضين وأنانيتم التي تعثرت بها بعض الحركات الشيعية التي كانت تنظر إلى ضرورة التنوع وعدم حصر الطائفة في بوتقة واحدة كما هو حالنا اليوم.

فعندما طرح التساؤل عن حاجة الطائفة الملحة في هذه اللحظة التاريخية وما ينتظرنا من ويلات قادمة، إلى بلورة تيار شيعي ثالث يساهم في التخفيف عن حجم الضرر المتوقع على كامل الطائفة.

لم يكن الجواب عند جميع الحاضرين إلا الصمت المخيف والتحسر والشعور بالخيبة والضعف، وتكاد تقرأ في العيون الغارقة بفناجين القهوة والشاي، حسرة عميقة تقول: كيف أصبحت حال الشيعة من طائفة خلاقة ومبدعة ومتعددة، إلى طائفة خاوية مرتهنة تنتظر حتفها المرتقب وكأنها في مهب الريح.