سنسمع الكثير من العنتريات اليسارية الطفولية، والتي لا تُسمن ولا تغني من جوع، ولا تُطعم السودانيين خبزاً، فالبلاد تبقى بحاجةٍ ماسة إلى نظامٍ يخلف النظام السابق
 

لا يملك أي مؤمن بحرية الشعوب وقُدسية أمانيها بالتقدم والرخاء، إلاّ أن يغتبط بازاحة ديكتاتور آخر من على سدّة الرئاسة في البلاد العربية، وذلك بعد الإطاحة بحُكّام ليبيا وتونس ومصر واليمن، وارغام الرئيس بوتفليقة على مغادرة المسرح السياسي في الجزائر، وهاهو ديكتاتور السودان عمر البشير خارج السلطة بعد انقلابٍ عسكريٍّ أبيض. 

إقرأ أيضًا: خطّة باسيل الكهربائية والحارس بلج.

وحسناً فعل الانقلابيون بحلّ مجلس النواب وإقالة الحكومة واعتقال بعض رموزها، وإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، ووقف إطلاق النار في البلاد كافةً، مع تحديد فترة انتقالية لمدة سنتين(طويلة نسبيّاً)، إلاّ أنّها على ما يبدو تبقى ضرورية لإنهاء فترة استبدادية طالت لأكثر من ثلاثة عقود، إلاّ أنّنا سنشهد على الأرجح، كما سيشهد السودانيون بعض الأصوات الاعتراضية على الزمرة العسكرية الجديدة التي وضعت يدها على السودان صبيحة الحادي عشر من نيسان الجاري، وسنسمع الكثير من "جعجعة" العنتريات اليسارية "الطفولية"، والتي لا تُسمن ولا تغني من جوع، ولا تُطعم السودانيين خبزاً، فالبلاد تبقى بحاجةٍ ماسة إلى نظامٍ يخلف النظام السابق، كما بات جليّاً أنّ الانقلابات العسكرية بحلوها ومُرّها هي المتاحة في عمليات التغيير في بلادٍ هجرتها الممارسات الديمقراطية منذ أيام ثورة يوليو المصرية عام ١٩٥٢، وترسيخ حكم العسكر(حتى عندما ينزعون البزّة العسكرية ويرتدون البدلة المدنية)، ويقال أنّ وزير الدفاع السوري داوود راجحة مع نائبه العماد آصف شوكت مع زملائهم في "خلية الأزمة" كانوا على وشك تنفيذ انقلاب عسكري على الرئيس السوري بشار الاسد، ممّا استدعى تفجير مبنى الأمن القومي بهم واغتيالهم في تموز عام ٢٠١٢، أي في بداية اندلاع الحرب السورية، ولا يمكن التكهن بما كانت ستؤدي حركة انقلابية ضد نظام الرئيس بشار الأسد على مسار الأحداث في سوريا، والتي ما زالت تُنزل بالسوريّين كافة الجرائم الإنسانية البشعة.

إقرأ أيضًا: العونيّة حالة ميؤس منها وفي طور الاحتضار

أمّا اليوم، فحبذا لو يتكرّم المُحلّلون "الاستراتيجيّون" الذين يُوزّعون "حلوى" الديمقراطية وأوهام البطولات اليسارية التي تتغنّى بنسائم الحرية واستلام الشعوب العربية والإسلامية مقاليد الحكم، بصحوة بهلوانية دون العبور في مراحل انتقالية ضرورية، تتمكّن خلالها هذه الشعوب من التقاط أنفاسها والبدء بالسعي الدؤوب والشاق لحلّ مشكلاتها المتراكمة، والتّطلّع نحو مستقبلٍ واعد، حتى لو طالت الفترة الانتقالية بعض الزمن. 

قديماً قيل: من أخلاق الجاهل الإجابةُ قبل أن يسمع، والمعارضة قبل أن يفهم، والحكمُ بما لا يعلم.