ان الطائفية بالاساس هي تعصب وتقوقع وعنصرية وهي المعضلة لذلك لا بد من من التحذير من مخاطرها.
 

13 نيسان 2019 الذكرى الرابعة والاربعون لاندلاع الحرب الاهلية اربعة واربعون، حولاً يضافون على درب جلجلة هذا البلد تُستعاد الحرب الأهلية اللبنانية إنطلاقاً من حاضر يُذكّر بها، في الغالب. وهذا ما يبدو مفارقاً، طالما أن هذه الاستعادة تؤكد إستمرارية الحدث. 

في الذكرى الرابعة والاربعون على إنطلاقتها لا تبدو الحرب الأهلية هذه بعيدة عن فاعليها، كما عن متخيليها،منذ بدئها إلى الآن. وفي كل الأحوال يبدو تذكر الحرب، سنوياً، طقساً من طقوس الجماعات، في محاولتها تبرير وجودها وضمانه. لعل ذلك مفيد من خلال الاستفادة من التجربة والمفيد لا بل المهم اكثر هو البحث عن الاسباب الجوهرية الكامنة وراء اعادة انتاج وتوليد الازمات وبالتالي تسليط الضوء على تلك الاسباب والتي يمكن تلخيصها بنقطة جوهرية وهي تركيبة النظام الطائفي.

إقرأ أيضًا: زيارة واشنطن: محاولة لإبعاد العقوبات عن الحلفاء

وفي محاولة لتلمس مسببات الازمة الوطنية التي يعيشها البلد وذلك من خلال التركيز على الواقع التاريخي للازمة مع التركيز على اهمية العنصر الطائفي والمذهبي الذي يتصل بجوهر الازمة وبناء عليه يمكن اعتبار ان الطائفية وباء، وهذا الوباء الذي اختزل القضية الوطنية برمتها والتي تكرس واقع الازمة عمقاً وشمولاً فالطائفية اليوم تترك بصماتها على الحركة السياسية برمتها وعلى مستوى التطور الاجتماعي وبقدر ما يمكن التصدي لهذه الاشكالية بروح ايجابية فاعلة يتوقف مصير لبنان وطناً تتوفر فيه شروط الاستمرار والتطور وتنفتح فيه الافاق نحو تحرير الانسان وتحقيق السيادة واطلاق حرية النشاط الانساني.

 واذا كان وعي هذه المسالة ووضعها في السياق العام للحل مقدمة لا بد منها كمقاربة سليمة ومعالجة جادة فمما لاشك فيه ان وعي المسالة الطائفية في جوهرها هو الخطوة الاولى لتحصين عملية خروج الوطن من محنته لانه مهما قدمنا من حلول على المستوى النظري تبقى الضمانة الاساسية للخروج تكمن في نشر الوعي الاجتماعي حول ظروف هذه الافة واسبابها ونتائجها كخطوة لابد منها لبناء قناعة عامة تشكل بذاتها قناعة داخلية تحول دون عودة تفشي هذه الظاهرة ووعي ابعادها بمنهجية وواقعية ترى المعطيات كما هي بالفعل وليس كما هي بالممكن.

وهكذا نجد من الضروري التركيز على اهمية خطر الثقافة الطائفية حيث لا امكانية لتجاوز الطائفية الا بمقاومة هذه الثقافة بافكارها الانقسامية التي وعدت ابناء هذه الطائفة ام تلك بالحماية والامتياز والخلاص على قاعدة الولاء للطائفة ومواجهة الاخر وهكذا لا تكون النتيجة الا مزيدا من التفكك في المجتمع ومزيدا من الانغلاق والانطوا. 

فلا يمكن ان يكون الرد الا من خلال تكريس القيم الديمقراطية موقفا يسعى الى اقامة الدولة الحديثة على قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات انطلاقا من حرية الانسان وحاجته الى ممارسة ذاته قولا وعملا واختيارا.

إقرأ أيضًا: محطات كبرى... سباق بين الحلين السياسي والعسكري!

تكريس تلك القيم التي نرى فيها مدخلا طبيعيا لخلق حالة الانصهار الوطني على المستوى السياسي والثقافي والاجتماعي هذه القيم التي من خلالها نستطيع تغيير النظرة القائلة بان المجتمع مكون من طوائف وليس من مواطنين وان لبنان كنظام مكون من مجموعة طوائف وليس من مواطنيه الامر الذي يؤدي لاعتبار ان انتماء المواطن الى وطن ومشاركته فيه لا تتم بشكل ارادي وانما من خلال طائفته  الامر الذي يفسح في المجال امام بروز حالات من الخوف والقلق البالغ وبالتالي يشكل الارضية الخصبة للافكار والمشاريع الفئوية ان الاستمرار بذلك لا يلغي مبدا المساواة بين المواطنين فحسب بل انه يلغي حرية الفرد لان الحرية في ظل هذا الواقع  هي حرية شكلية لا معنى لها لانه ليس من المسموح ممارسة الحرية خصوصا اذا ما تعارضت مع الطائفية وهكذا يتم استلاب حرية المواطن وارادته .

ان الطائفية بالاساس هي تعصب وتقوقع وعنصرية وهي المعضلة لذلك لا بد من التحذير من مخاطرها وتدفعنا باتجاه الانحياز للبنان الوطن وفي هذا الاطار نؤمن بان الحوار الموضوعي والديمقراطي هو الطريق الامثل لمعرفة الاخر والتوصل من خلال ذلك الى ابداع افكار بناءة ودينامية ونعني هنا سائر الافكار والتوجهات التي تؤدي الى وحدة الوطن لان في ذلك تجسيدا واقعيا لامال الشعب اللبناني ومنطق الانفتاح والتكامل هو الطريق الوحيد الذي يشكل الضمانة الحقيقية للبنانيين حتى لا تتكرر الماساة .