شهدت السودان إحتجاجات لم تكُن عابرة كما كان من المتوقّع لها، نسبةً للتظاهرات التي جرت خلال السنوات المُنصرمة، حيثُ إعتُبِرَتْ مُختلفة تمامًا حتى في ما يرتبطُ بردّة الفعل التي واجهت بها حكومة البشير تلك الإحتجاجات، والتي لا تفرق كثيراً عمّا  تعاملت به الأنظمة العربيّة المنهارة في دول الربيع العربي.
 
إنطلاقًا من هُنا، كان لـِ موقع "لبنان الجديد"، مُقابلة مع الدكتورة الأردنيّة مارسيل جوينات، التي رأت أنّه بعد التغيّرات التي جرت خلال الساعات القليلة الماضية، هناك بالفعل واقع لا يُمكنُ غض النظر عنّه، وهو أنّ الشعوب العربيّة تسعى إلى التغيير وهذا صحيح، إلّا أنّ المُشكلة التي تكمنُ بمن هو البديل.
 
وقالت جوينات:"اليوم هنالك فرصة تاريخيّة وحقيقيّة لإعادة الحياة إلى الربيع العربي، وإستدعاء قضاياه وأسئلته الحارقة التي طُرحت قبل أعوام عدّة".
 
وعن سقوط نظام البشير، أجابت:" كان هذا الأمر متوقّعًا، لاسيّما مع إرتفاع في حصيلة قتلى الإحتجاجات، ومن جانب آخر، كان هناك تواجد لعسكريين إلى جانب المتظاهرين في بعض المدن وهذا دليل على أنّ جزء من القوّات المُسلّحة قد إنضمّ فعليًّا إلى المُتظاهرين"، مُضيفةً أنّ "إعلان "حركة العدل والمساواة" وقف التفاوض مع الحكومة، وهي إحدى حركات التمرّد في دارفور، وهي حركة ثورية انشقّت عن "حركة تحرير السودان" خلال عام 2001".
 
وفي العودة إلى التوجّه الفكري الذي ينتمي إليه البشير، شرحت جوينات:" لم يخفي البشير يومًا إنتسابه إلى التيّار الإسلامي، خصوصًا بعد الإنقلاب الذي قاده في 30 حزيران 1989 ضدّ حكومة الصادق المهدي، حيثُ يُعدُّ البشير أحد تلاميذ المفكر الإسلامي الراحل حسن الترابي، ولفترة طويلة كان السودانيون إنّ الترابي هو الحاكم الفعلي للبلاد، غير أنّ البشير إنقلب عليه وزجّ به في السجن أكثر من مرّة".
 
ورأت جوينات أنّ المُشكلة الفعليّة التي تُلاحقُ السودان، هو النزاع في إقليم دارفور غربي البلاد، والذي بسببه أصدرت المحكمة الجنائيّة الدوليّة مذكّرة إعتقال بحقّه.
 
ونبّهت جوينات إلى الخطر الذي من المُمكن أن يُلاحق الدول الجاورة، قائلةً:"الإنفلات الأمني الذي قد يحصل الآن نظراً لكميات سلاح كبيرة منتشرة في السودان قد يُغرق جنوبي مصر بالسلاح من ثم تؤثر بشكل مباشر على استتباب الأمن هناك، كما حدث عقب الإطاحة بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي وساهم في دخول أسلحة متنوّعة إلى مصر عبر الصحراء الغربيّة".
 
وإعتبرت جوينات، أنّ "تركيا وهي حليفة البشير، سقوطه سيمثل ضربة قويّة للأهداف التي رسمتها من أجل التغلغل في إفريقيا وإقامة علاقات تجاريّة مع أغلب دول القارة هناك".