جبران باسيل يؤكد استمرار {المعركة ضد الفساد}
 

لم يتبنَّ «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل» التفسيرات التي تحدثت عن هجوم بالوكالة من «التيار» على شخصيات مقربة من «المستقبل»، واحتوى الطرفان المواقف التي اعتبراها «فردية»، رغم أن الانتقاد الذي طال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على لسان وزير الاقتصاد منصور بطيش، والإجراء الذي اتخذه مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس بحق شعبة المعلومات في «قوى الأمن الداخلي»، شرّع الأسئلة عن الخلفيات، وما إذا كان الهجوم يحظى بغطاء «التيار».

وفي هذا الوقت تستمر الملاحقة التي تنفذها «شعبة المعلومات» للفساد والمشتبه بهم بالتورط، وتصل بحسب المعطيات إلى القضاء. وقالت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط» إن تحقيقات الشعبة أوصلتها إلى خيوط تصل إلى بعض القضاة المشتبه بتعاملهم مع «سماسرة» وموظفين في العدلية، وبعضها موثق، وتستكمل التحقيقات في الملفات كاملة.

وأكد وزير الخارجية جبران باسيل أمس، الاستمرار في مكافحة الفساد وقال: «لا نغطي أحداً» في مسألة القضاة وليس هناك قضاة للعهد وقضاة لغير العهد. وأشار إلى أن «هناك 7 ضباط و14 مؤهلاً أوقفوا والقضية مستمرّة ولن تتوقف وهناك 4 في وزارة المهجرين تحرك القضاء بحقهم وهناك عضو مجلس أعلى في الجمارك وبعد كلّ الحماية التي حاولوا القيام بها تم توقيفه عن العمل وأخذ إجراء بحقه».

ومع أن هذا الملف معزول عن التباينات السياسية التي أوحت باستهداف غير مباشر، ينكر الطرفان: «الوطني الحر» و«المستقبل»، أن يكون التصعيد الأخير استهدافاً لشخصيات ومؤسسات قريبة من الرئيس الحريري. ويضعان الأمر في إطار «التشويش على الإنجازات الحكومية» لجهة إقرار خطة الكهرباء. ويرى «المستقبل» أن ما صدر لا يتعدى كونه «مواقف فردية تطرح علامات استفهام على من يطرحها»، فيما نفت مصادر نيابية في «الوطني الحر» أن يكون الأمر استهدافاً للمستقبل، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن «التقديرات باستهداف المستقبل لا أساس لها من الصحة».

وبدا أن هناك احتواء لأي توتر قد يظهر على خلفية التصريحات التي عكست تباينات ومقاربات مختلفة، في حال كان ما ورد من مواقف بمثابة رسائل استباقية. فالحريري استقبل بطيش أول من أمس الاثنين، واطلع رئيس الحكومة على البنود الإصلاحية التي كان أوردها في مؤتمره الصحافي الأخير، وأبدى الحريري إيجابية وانفتاحا على كل الطروحات. وفي الوقت نفسه، يتم التحضير للاجتماع المالي الذي يرأسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منتصف الأسبوع المقبل، ويشارك فيه وزير المال علي حسن خليل، ووزير الاقتصاد منصور بطيش، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

وفيما سيخصص هذا الاجتماع لنقاش الوضعين الاقتصادي والمالي، فإن رسائله تبدو أكثر وضوحاً لجهة إعادة النقاش إلى سقف يضبطه خارج الإعلام، ويقطع الطريق على التقديرات التي ينكرها الطرفان. وفي نفس الإطار، يتم ضبط السجال حول الصلاحيات القضائية تحت سقف وزارة العدل.

ويرفض عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار أن يكون ما صدر خلال الأيام الماضية استهدافاً لـ«المستقبل» أو القريبين منه، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «ما نراه في بعض الأحيان أن أشخاصاً في موقع المسؤولية يتخذون مواقف لا تفيد الأجواء المطلوب توفيرها في البلد حتى ينهض من الكبوة الاقتصادية التي تعاني منها». وشدد على أن هذه المواقف «منفصلة لبعض الأطراف عن العلاقة بين الطرفين، والمطلوب معالجتها تحت سقف القانون»، نافياً أن تكون هناك حملة على «المستقبل».

ويوضح أن الانتقادات الموجهة لحاكم مصرف لبنان عبر الإعلام في هذه الظروف «لا تفيد الانتظام المالي واستقرار الوضع الاقتصادي والنقدي وتطرح علامات استفهام»، مشدداً على أن المفيد «هو طرحها مع المعنيين، على طاولة مجلس الوزراء أو في اجتماعات مباشرة، وقد رأينا انعكاس هذا التصريح في الإعلام، على الأسواق المالية ما اضطر الحاكم رياض سلامة للتدخل لمواجهة ضغوطات تواجه الليرة».

أما في ملف ادعاء القاضي بيتر جرمانوس على شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بجرم التمرد على سلطته، فيرى حجار أن هناك علامات استفهام على هذا الادعاء بعد مطالعة الصحف بأن هناك شبهات تحوم حول أحد المقربين منه بناء على إشارة قضائية، في وقت المطلوب هو إتمام المعلومات للملفات بشبهات الفساد.

وقال الحجار: «لا استهداف للمستقبل في استهداف شعبة المعلومات، كون الشعبة ليست جهازا سنياً، بل شعبة وطنية، وضباطها من جميع الطوائف والمذاهب ومشهود لهم بكفاءتهم وفي جميع الميادين، ولم تتورع الشعبة عن كشف أحد ضباطها وتوقيفه في بداية التحقيقات بشبهات الفساد»، كذلك «لم يكن حاكم مصرف لبنان في تيار المستقبل، ولا ينتمي إلى أي طرف سياسي، وهو المؤتمن على السياسة النقدية». وشدد الحجار على أن العلاقة بين الرئيسين عون والحريري «أكثر من ممتازة»، كذلك العلاقة جيدة مع الوزير جبران باسيل، وحين تكون هناك تباينات تستدعي التصويب أو المواقف، فإنها تُتخذ، مشدداً على أن «التسوية الرئاسية باقية ولا تهتز لأنها لمصلحة البلد، والمفروض أن يكون هناك انسجام ليستطيع الطرفان اتخاذ قرارات لمواجهة التحديات وأهمها في الملفين الاقتصادي والمالي».