ينصب الاهتمام الرسمي هذه الأيام على معالجة أوضاعه الداخلية لتفادي الوقوع في النفق العميق، وتجلى هذا الاهتمام بالاتفاق الذي حصل داخل مجلس الوزراء في جلسته الاستثنائية التي عقدها يوم الاثنين الماضي، على خطة الكهرباء التي تشكّل في الأساس جدية الحكومة في تحقيق الإصلاحات الضرورية المطلوبة منها من المجتمع الدولي للحصول على المساعدات المالية التي تمكِّنها من الاضطلاع بمسؤولياتها لتحقيق النهوض العام في البلاد، وما الاجتماع الاقتصادي الذي دعا رئيس الجمهورية إلى عقده خلال الأسبوع المقبل سوى دليل إضافي على أن الدولة مصممة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية بموقف واحد، وذلك بعدما سبق لرئيس الحكومة تأكيده على مضي حكومته في العمل على تحقيق الإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي، والتي تعتبرها حكومته من مسؤولياتها الأساسية.

إلا أن هذا الاتفاق بين أهل الحكم على مواجهة التحديات الداخلية وصولاً إلى وضع لبنان على السكة الصحيحة، لا يلغي وجود تباين بينهم حول السياسة الخارجية يُخشى من أن تنفجر في أية لحظة وتطيح بكل الإنجازات الداخلية، وتقضي على التسوية بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وتياره الارزق، وذلك في ظل التطورات الخارجية التي تشهدها المنطقة بعد القرار الأميركي غير المسبوق بوضع الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب، وفي ظل التباين المكشوف حول التعاطي مع هذه المستجدات بين الرئيسين عون والحريري، خصوصاً وأن الغضب الأميركي المعلن على الحرس الثوري الإيراني يشمل كل أذرعة إيران العسكرية ومنها على وجه الخصوص حزب الله.

وثمة أكثر من مؤشر يُؤكّد وجود خلاف استراتيجي بين الرئيسين عون والحريري بالنسبة إلى هذه المستجدات قد تطيح بالتسوية القائمة بينهما، منها رفض رئيس الجمهورية للسياسة الأميركية المعادية لإيران وأذرعتها مثل حزب الله، وقد عبر عن هذا الرفض في لقاء مع الوزير بومبيو كما في القمة العربية التي انعقدت مؤخراً في تونس، وما يُخشى منه في ظل التصعيد الأميركي ضد حزب الله والمتعاطفين معه كما المتحالفين أن ينعكس على هذه التسوية بين رئيسي الجمهورية والحكومة وتسقط مع سقوطها التسوية الداخلية التي بنيت عليها أحلام كبيرة عندما يتحوّل المسار التصعيدي الأميركي في حق حزب الله وحلفائه من النظري إلى العملي. كما بات متوقعاً بعد المواقف التي أطلقها قبل يومين الوزير بومبيو والتي أثبتت أن لا دخان بلا نار، وأن التوجه الأميركي لأن تشمل العقوبات كل حلفاء الحزب بمن فيهم الرئيس نبيه برّي واردٌ عند الإدارة الأميركية بشكل جدي وليس من باب التهديد فقط. فرداً على سؤال حول فرض عقوبات على برّي لفت بومبيو إلى «أننا أوضحنا أننا سنقيم العقوبات على كل أولئك المرتبطين بحزب الله، مشيراً خلال مؤتمر صحافي عقده في واشنطن إلى أنه خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت أوضح للمسؤولين ومن بينهم رئيس مجلس النواب نبيه برّي أن الولايات المتحدة الأميركية لن تتحمل استمرار صعود حزب الله في لبنان وأن عليهم أن يواجهوا هذا الحزب الذي يعمل مع إيران وهو ليس حركة سياسية بل جماعة مسلحة، وأن حكومته ستقيم العقوبات على كل أولئك المرتبطين بهذا الحزب.