كواليس إقرار خطة الكهرباء
 

شهدت خطة الكهرباء كباشاً سياسياً وتقنياً واصطفافاً مختلطاً بين القوى السياسية كانت الغلبة فيه للفريق الذي أصرّ على إدخال تعديلات جوهرية على الخطة من ناحية تقنية وتنقية الشوائب التي يمكن أن تعترض مسار التنفيذ وتعرقل تنفيذها لتفادي ما حدث في الخطط السابقة من أخطاء لم تقتصر على معمل دير عمار بل على سائر بنود الخطة الأولى، وكذلك الأمر بالنسبة للخطة الثانية التي توقفت بعد رفض إدارة المناقصات لعرض استجرار الطاقة من البواخر.

مصادر مواكبة للخطة الجديدة منذ تقديمها وحتى إقرارها فتحت دفاترها على المعلوم والمجهول، وذكّرت بحجم الضغوط الإعلامية والسياسية التي مارسها التيار على الحكومة تهويلاً وصل إلى حد التهديد بإسقاط الحكومة إذا لم تقرّ الخطة التي قدّمها التيار من خلال وزيرة الطاقة ندى بستاني، متهماً الأطراف التي تبدي ملاحظاتها بالعرقلة السياسية للتيار والعهد.

إقرأ أيضًا: العونيّة حالة ميؤس منها وفي طور الاحتضار

مقابل هذا التهويل العلني كانت الإتصالات السرية تمهّد لمسار إقرار الخطة بتحسين شروطها وليس بوضع الشروط التعجيزية آخذة بالإعتبار ضرورة الإلتزام بأولوياتها وأهدافها وإلزامية الشفافية حتى لو لم يكن موضوع مؤتمر "سيدر" مطروحاً في الصورة.

عند هذا الحدّ وافق التيار الوطني الحر على تشكيل لجنة وزارية لبحث الخطة إعتقاداً منه أنّه أمّن الحماية السياسية للخطة وأن البحث سوف يكون شكلياً ليفاجأ التيار بعد أول اجتماع للجنة بطروحات جدية ومعمقة تطال جوهر الخطة، والمفاجأة الأكبر تمثّلت في سقوط الرعاية السياسية مع تأييد أطراف عدة للتعديلات التي طالب بها وزراء "القوات" بشكل يستحيل معه عزل مطالب "القوات" وإفراغها من فعاليتها، فشنّت مصادر التيار حملة إعلامية عنيفة على "القوات" دون أن تنجح في خنق الإعتراضات في مهدها بعد الرد القواتي التقني المدعوم بالإثباتات والأصول القانونية، وقد ساعدت قضية استملاكات سلعاتا والتخفيض الكبير الذي طالها على الغوص أكثر في التفاصيل.

إقرأ أيضًا: بين بطولات التيار ووطنيّة القوات

وتابعت المصادر بأن التيار أيقن بأن الخطة لا يمكن أن تعبر إلا من مسالك الشفافية والإنتاجية والأهداف المرسومة وأن الأطراف السياسية ليست بوارد الخضوع للضغط السياسي، فوافق التيار على مضض على بعض التعديلات التي تم التوافق حولها في اللجنة الوزارية ويمكنه احتمالها سياسياً، وترحيل نقطتين أساسيتين للبحث في مجلس الوزراء إعتقاداً من الوزير باسيل بأن وجود الرئيس في الجلسة سيكون كافياً لإحراج المطالبين بتشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء واعتماد إدارة المناقصات كمرجعية رئيسية في الإشراف على المناقصات.

وختمت المصادر بأن الوزير باسيل فوجئ برياح مجلس الوزراء التي هبّت بما لا تشتهي سفنه، وتبيّن أن الفريق الآخر متمكّن سياسياً وتقنياً ويمسك بالقرار في الجلسة مع حياد نسبي لرئيس الجمهورية وتأييد مبطّن لرئيس الحكومة لمطالب فريق التعديلات، فما كان من باسيل إلا الإذعان وانتقل البحث من الحفاظ على البنود كما وردت في الخطة إلى البحث عن حفظ ماء الوجه في صيغة التعديلات ليتم الإخراج على طريقة أكل العنب وإصابة الناطور دون قتله.