تبقى استقالة الرئيس بوتفليقة ضرورة للتخلص من الكوارث العربية المستلقية على كراسي الشعب من قبل هرمين وأكثرهم قد دخل نوادي الزهايمر
 

انتصرت إرادة الشعب الجزائري على نفسه أولاً بالخروج من أعباء الشهادة وضمير البطولة التي أورثتهم جبهة وحزباً وجنرالات عاثوا فساداً في البلاد وأرهقوا شعباً عظيماً من شعوب أمتنا العربية وجعلوا منه شتاتاً على أبواب السفارات هرباً من شظف العيش ومهانة الحياة وبطرق قانونية وغير قانونية لينجو بأنفسهم من ضياع العمر تحت أنياب الفقر.

وثانياً لانتصارهم لوحدتهم الداخلية وعدم تمزيقها بتقسيم السلطة لهم ما بين معارض وموال وافتعال المشاكل بينهم والقيام بأعمال أمنية من قبيل الاغتيالات و التفجيرات لاتهام المعارضة بعمالتها للخارج وتنفيذها أجندات لا علاقة لها بقيم المعارضة بقدر ما هي مرتبطة بمصالح الدول المتربصة شرّاً، وهذا ما جرى في كثير من البلدان التي زارها الربيع العربي حيث تمّ تصفية الثورات لصالح الحروب المدمرة والأنظمة المتمكنة من الاستمرار ولو بأشكال وأدوات وأسماء أخرى وتحت لافتات جماهيرية متعددة.

إقرأ أيضًا: سكت المسؤول

أخرجوا بو تفليقة من معادلة الرئاسة ولم تعد المشاكل التي ستجتاح الجزائر موجودة لو لم يتم التمديد للرئيس بوتفليقة لولاية "شائخة" وفجأة لبّت السلطة مطلب الشعب ودفعت بوتفليقة الى الاستقالة وكلفت من ينوب عن الرئيس دستورياً إدارة البلاد تمهيداً لإجراء انتخابات رئاسية بمواصفات جديدة تنسجم مع حراك الجزائريين المطالبين بأكثر من إزالة مريض عن كرسي دولة مريضة.

انهى العسكريون الوضع الرئاسي المتورم  وسحبوا من الشارع فتائل الثورة الغاضبة على حكمهم الميؤوس منه ولم تعد لغات المؤامرات المحاكة ضدّ الجزائر متواصلة على ألسن المتضررين من المعارضة الجزائرية وباتت الضرورة الداخلية طبيعية ومن الحق الشعب أن يعبر عن رأيه فلا أميركا موجودة خلف المتظاهرين ولا العدو الاسرائيلي يتحرك بين المتحركين في وسط العاصمة الجزائرية ولا العدو الوهمي الذي تصنعه السلطات بأيديها لتكفير و تخوين و تهوين أيّ عمل مندّد بالسلطة المستبدة متوفر في كل شخص متظاهر وقد تلبّس به ووجب قتله أو اعتقاله.

ربما نجح العسكر في الجزائر في تنفيس السياسة  

"المحتقنة" وتمّ توظيف الحراك و الاستقالة لصالح استمرار سلطة الجنرالات وهذا ما ستؤكده الانتخابات الرئاسية في تحضيراتها وفي نتائجها وهذا ما سيعكس صعوبة استقالة العسكر من سلطتهم الفاشلة وثمّة نماذج عربية حيّة تؤكد تمسّك العسكر بالسلطة ولو تطلب الأمر تدمير البلد كما حصل في سورية وكما هو مرشح في السودان أو من خلال سياسات الاحتواء كما حصل في مصر.

إقرأ أيضًا: بعد القدس الجولان أين المبعبعون؟

نأمل أن لا يُشرّب الشعب الجزائري جرعة زائدة من النصر من خلال ضغطهم على السلطة التي نفّذت مطلب استقالة الرئيس بوتفليقة والذهاب المبكر الى انتخابات رئاسية وان يعتبر ما حصل مجرد التفاف على الشعب من قبل العسكر الذي بيده الأمر و ان المرحلة القادمة تتطلب وعياً لم يمكن موجوداً في مجمل ثورات الربيع العربي لذا تمّ اجهاضها بسهولة تامة في ظل حرص عربي على عدم السماح لسقوط أيّ نظام عربي لأن مصلحة الأنظمة العربية حماية بعضها البعض لأن سقوط نظام الجزائر سيسقط الأنظمة الشبيهة به وبالتالي ستحتشد الأنظمة المحكومة من قبل جهازيّ الأمن والعسكر خلف بعضها البعض لحماية سلطاتها من السقوط وهذا ما فعله البعض في وقوفه الى جانب النظام في سورية والى جانب ليبيا في عودة حكم العسكر اليه ومن خلال رفض سقوط تجربة العسكر في السودان.

تبقى استقالة الرئيس بوتفليقة ضرورة للتخلص من الكوارث العربية المستلقية على كراسي الشعب من قبل هرمين وأكثرهم قد دخل نوادي الزهايمر.