إعداد التقرير: الكاتب والمُحلّل السياسيّ خالد مُمتاز
 
سُجّلت إعتراضات عديدة على تنفيذ مشروع سد بسري، وقدَّمت الحركة البيئيّة اللّبنانيّة طلباً إلى وزير الثقافة الجديد محمد داوود، بـِ تصنيف مرج بسري محميّة أثريّة، بهدف الحفاظ على طبيعة البلدة، بالإضافة إلى رفض أهالي المنطقة والجوار لبناء السدّ وجرّ مياهه إلى بيروت الكبرى، ساهم كثيراً في حركة الإعتراض، بحيث يصفون المشروع بالتدميري، لأنّه سيقضي على ثروة حرجيّة وأثار رومانيّة وثقافيّة ودينيّة، من ضمنها نقل حجارة كنيسة مار موسى ودير القديسة صوفيا، خصوصًا وأنّ المشروع يُعتبر مُخالفًا للقوانين اللّبنانيّة المرعيّة الإجراء، لما يُسببّه من مخاطر على تغيّير المناخ المحلّي، وتهجير قسري للسكان المحليّين في قضاءي جزّين والشوف.
 
وأثبتت مسوحات ميدانيّة، أجراها فريق من الخبراء البولنديّين واللّبنانيّين ما بين 2004، 2005 و2008، وجود أكثر من 110 مواقع تاريخيّة في وادي بسري - الأوّلي. 
 
وتعودُ المواقع الأثريّة التي يَفوق عددها الـ 60، إلى حقبات مُختلفة تمتدّ من العهد الفارسي حتى العثماني، فضلاً عن آثار رومانيّة ببالغ الأهمّيّة، أبرزها معبد بسري الذي تظهر منه فوق الأرض أربعة أعمدة نادرة من الغرانيت، وإلى جانبه جسر حجري يرجعُ إلى الحقبة الرومانيّة أو البيزنطيّة يجمع منطقتي جزين والشوف، كما جاء في طلب التصنيف، علماً بأن المخطط الأثري لمجلس الإنماء والإعمار الذي يشرفُ على تنفيذ السد لا يشمل هذه المواقع، بل ينحصر بكنيسة مار موسى التي تقع في النطاق العقاري لبلدة مزرعة الضهر. 
 
وخلال عام 2015، تقدّم أهالي المنطقة بطعن لمشروع الإستملاك، وقرّروا بعدها اللّجوء إلى مموّل المشروع أيّ إلى "البنك الدولي"، حيثُ إجتمعوا بخبراء إلّا أنّ الردّ كان "المُهمّة مُحدّدة مُسبقًا"، وتكمنُ مشكلة الأهالي مع اللّجنة، بأنّ أعضاءها هم خبراء سدود وليسوا خبراء جيولوجيا وزلازل، أيّ أنها لجنة لتبرير بناء السد، وليست لدراسة جدوى المشروع. ومقاربة البنك الدولي لا تختلفُ عن مُقاربة مجلس الإنماء والإعمار، كونه حُسِمَ مكان السّد، خصوصًا أنّ الدولة اللّبنانيّة تُريدهُ. 
 
أمّا من جهّة حركة الزلازل، أثبتت دراسات أنّ هناك فالق زلزالي ناشط بسبب تكسّرات الأرض من جهة جزين، والإلتواءات في منطقة الشوف.
 
أمّا من جهّة المستوى الجيولوجي، أظهرت دراسات أنّ الجزء الأكبر من جوانب السّد ستكون قائمة على طبقات رمليّة صلصاليّة، والتي هي مُعرّضة للإنجراف بمجرّد قطع الأشجار منها.
 
ويهدفُ المشروع إلى تجميع المياه، لِجرّ نحو 120 مليون متر مكعّب إلى العاصمة بيروت، وأقيمَت دراسات خلال عام 2009 و2012 حول نسبة المياه، أيّ قبل بدء ظهور نتائج التغيّر المناخي بشكل لافت وهناك دلالات تُشير إلى إستمرار الإنخفاض توازياً مع إرتفاع حرارة الأرض. ويتغذّى نهر بسري من نهر جزين بشكل خفيف، ومن نهر الباروك بشكل أساسي، وربما بسبب التحويلات الكثيرة التي دخلت على هذا النهر في الشوف الأعلى، حتى أصبحت نسبة المياه التي تصل إلى بسري قليلة جداً. المخطط الأساسي الذي قام عليه المشروع لمدّ منطقة الإقليم بـ5 مليون متر مكعّب، وبيروت بـ120 مليوناً، أصبحت بحاجة لإعادة دراسة من جديد، ففي حال بقيت معدلات النهر تتراوح بين 25 و60 مليون متر مكعب، لا يُمكن جر حتى متر واحد من المياه إلى بيروت.
 
ويعمل القيّمون على المشروع لإستجرار 60 مليون متر مكعب من المياه من بحيرة القرعون، رغم رفض مصلحة اللّيطاني إستجرار متر مكعّب من البحيرة. أوّلاً لكونها ملوّثة ببكتريا خطيرة، وثانياً لكون كميّات مياهها السنويّة لا تتجاوز الـ225 مليون متر مكعّب، أي سعة البحيرة السنويّة في أحسن حالتها. وفي حال وصلت كميّات المياه فيها إلى أقصى حدودها، لن تسمح المصلحة بإستجرار المياه من البحيرة، كون مشاريع اللّيطاني بحاجة إلى حوالى 190 مليون مكعّب سنوياً، فيما تحتاج البحيرة إلى إستبقاء نحو 35 مليون متر مكعّب، لحماية الحوض من عوامل الطقس. 
 
ولا بدّ من التنويه بأنّ مبلغ الـ 50 ألف ليرة لبنانيّة التي فُرِضَت مؤخرًا على فاتورة المياه هي لتمويل المشروع، أمّا تزويد بيروت بالمياه هي ليست سوى زريعة لبناء السّد، بينما الأجدر هو تزويدها من "جعيتا".
 
بين الحلّ المدمرّ والحلّ الصحيح:
 
أ‌- سد بسري – بيروت: 70 كم
 
كميّة المياه الإفتراضيّة: 40- 60 مليون متر مكعّب ( مياه للري والإستعمال فقط)
أمّا من جهّة الكلفة: أكثر من 2 مليار دولار دون فوائد ومن أصلها 800 مليون إن كان لناحية الخسائر الزراعيّة، الحيوانيّة والبيئيّة، ومدّة إنجاز المشروع تمتدّ ما بين 6 إلى 8 سنوات.
 
ب‌- نبع جعيتا- بيروت: 21 كم
 
كميّة المياه: تفوق الـ 100 مليون متر مكعّب وهي صالحة للشرب.
أمّا من جهّة الكلفة: 200 مليون دولار فقط، ومدّة التنفيذ سنتين كحدّ أقصى.