للأسف الشديد، فإن تجربة المرجعية الشيعية ماليا لم تكن تجربة مشجعة ومداعاة فخر، فلا مؤسسات ولا محاسبة ولا تطوير لعملية إدارة المال الشرعي
 

آلمني جدًا مشهد المؤتمر الصحفي للرئيس بري على عتبة منزل المرجع الشيعي السيد علي الحسيني السيستاني، وإن حاول كثيرون أن يجعلوا منها (الصورة) محل اعتزاز وفخر ودليل على تواضع المرجعيه وبساطة عيشها وبعدها عن زخارف الدنيا وزينتها واعتبار أن العيش في هذه الأحياء الفقيرة هو من علامات التقوى والورع والزهد!! 

لمن لا يعرف فإن المرجعيات الشيعية تقبض على أموال هائلة تقدر بمليارات الدولارات المستحصلة من أموال الخمس والزكاة والكفارات التي تدفع لهم من مقلديهم على امتداد العالم، ولهم وحدهم حرية التصرف بهذه الاموال وصرفها على الفقراء والمساكين والايتام وعلى الشأن العام وما يرونه من  مصلحة يقدرونها هم.

إقرأ أيضًا: الفساد الاكبر

للأسف الشديد، فإن تجربة المرجعية الشيعية ماليًا لم تكن تجربة مشجعة ومداعاة فخر، فلا مؤسسات ولا محاسبة ولا تطوير لعملية إدارة المال الشرعي، بل تختصر بالإجمال إدارة الأموال على الأولاد والاصهرة وبعض المنتفعين الذين يطلقون على انفسهم تسمية "وكلاء" يصرفون بدون حسيب أو رقيب جزء من هذا المال على الفقراء والمحتاجين ويتنعمون هم انفسهم بالقسم الأكبر منه هذا في حياة المرجع واما بعد وفاته فتنتقل هذه الأموال بمعظمها إلى وثته وأولاده. 

لقد زرت النجف الأشرف منذ سنوات قليلة وشاركت بمؤتمر إعلان النجف عاصمة الثقافة العربية، وتجولت بشوارعها وأزقتها وأسواقها، وللاسف الشديد إنتابني ولا يزال إنطباع مقزز عن هذه المدينة التي من المفترض أن تكون "عاصمة الشيعة" بالعالم وقلت حينها من على منبر المؤتمر: "أنا لا ارضى بان تكون عاصمة الشيعة أقل جمالًا وترتيبًا ونظافة من عاصمتي بيروت أو إستوكهولم أو باريس أو الفاتيكان..". 

هذا الإنطباع نفسه عاد مرة جديدة حين رأيت صورة المؤتمر الصحفي للرئيس بري، المشهد الذي لا يرضاه هو نفسه في عين التينة أو مصيلح (وإن كان يرضاه لحي السلم المشابه لحي السيستاني)! 

إقرأ أيضًا: بعد حربي التحرير والالغاء والحرب على الفساد.. المقاومة الإقتصادية!

التواضع لا يعني الفوضى، التواضع لا علاقة له بمظاهر الفقر، التواضع والزهد لا يعني سوء إدارة الأموال، التواضع لا علاقة له بقلة الترتيب والنظافة، التواضع لا علاقة له بإهمال حاجات الناس الضرورية، التواضع لا دخالة له بالبزخ على الاولاد والاصهرة والوكلاء وترك أمور الناس على غاربها... 

هذه كلها يا سادة هي من علامات التخلف، وليست تمت الى التواضع بصلة! فمن لا يقدر على تنظيم حيه والزقاق الذي يعيش فيه كيف له أن "يُفتي" لادارة حياة أمة؟؟ ... هذا مع كامل الإحترام والتقدير.