أَرجأت هيئة ​المجلس العدلي​ إلى 17 أيار المقبل، جلسة متابعة المحاكمة في ملف اغتيال القضاة الأربعة على قوس ​محكمة الجنايات​ في ​قصر العدل​ القديم في صيدا في حزيران من عام 1999.

وكانت الهيئة قد التأمت برئاسة القاضي جوزف سماحة وعضوية القضاة المستشارين: ميشال طرزي، جمال الحجار، تيريز علاوي وعفيف الحكيم، في حضور ممثّلة ​النيابة العامة التمييزية​ القاضية إميلي ميرنا كلاس ورئيسة هيئة القضايا في ​وزارة العدل​ القاضية هيلانة اسكندر الّتي اتّخذت صفة الادعاء الشخصي في الدعوى باسم وزارة العدل ممثّلةً ​الدولة اللبنانية​.

ومثل في جلسة اليوم الموقوف الوحيد في هذه القضية الفلسطيني وسام طحيبش مخفورا من دون قيد. كما حضر الوكلاء القانونيون لجهتي الادعاء والدفاع.

وفي مستهل الجلسة، لفتت القاضية اسكندر إلى أنّ "القضاة الأربعة الّذين استشهدوا هم من خيرة قضاتنا. ولقد طلب وزير العدل ألبرت سرحان، مشكورًا، اتّخاذ صفة الادعاء الشخصي في الدعوى باسم وزارة العدل، وهو شرف لي أن أمثّل الدولة اللبنانية أمام مجلسكم، مع حرصي على المثول شخصيًّا في هذه الدعوى، نظرًا لخطورة الجريمة المرتكبة الّتي اعتدت على ​أمن الدولة​ وتعرّضت لهيبتها، وارتكبها متّهمون ينتمون إلى "​عصبة الأنصار​" الّتي تهدف إلى زعزعة كيان الدولة والنيل من سلطتها وهيبتها وضرب المؤسسات العامة فيها، لا سيما التعرّض للسلطة القضائية، وهي جرائم تنطبق عليها المادتان 335 و549 عقوبات، لا سيما أنّ هذه الجريمة ألحقت بالدولة اللبنانية أضرارًا مادية ومعنوية جسيمة لا يمكن التعويض عنها، وهذا ما حملها إلى الانضمام إلى الدعوى العامة سندًا إلى المادة 7 من أصول المحاكمات الجزائية".

وطلبت اسكندر "إنزال أقسى العقوبات بحقّ المتّهمين والاحتفاظ بحقّ تحديد قيمة العطل والضرر اللذين تنوي الدولة اللبنانية المطالبة بهما خلال جلسة المرافعة".

وسجّلت جهة الدفاع ممثّلةً بالمحامي ناجي ياغي، اعتراضها على طلب انضمام الدولة اللبنانية إلى الدعوى العامة في هذه القضية، خشية أن يؤدّي هذا الإجراء إلى إطالة أمد المحاكمة، فطلبت هيئة المحكمة منه تقديم مذكرة توضيحية لموقفه هذا، فيما أصرت القاضية اسكندر على أنّ "من حقّ الدولة الانضمام إلى الدعوى العامة عملًا بالمادة 7، طالما أنّ المحاكمة لا تزال جارية على ألّا يطول أمدها".

وركّزت هيئة المحكمة على أنّ "القانون يجيز لكلّ من يعتبر نفسه متضرّرًا من الجرائم سبب الملاحقة، أن ينضمّ إلى دعوى الحق العام من أجل المطالبة بحقوقه الشخصية"، وقرّرت "قبول انضمام الدولة اللبنانية بصفة مدعية شخصية في هذه القضية".

وبسبب التبدّل الحاصل في هيئة المجلس، أُعيدت تلاوة الاوراق، وسئل المتّهم طحيبش عمّا إذا كان يؤيّد أقواله وإفاداته السابقة الّتي أدلى بها أمام المجلس، فرد بالايجاب ومن دون تراجع.

من ثمّ، استمعت هيئة المجلس إلى إفادة "أ. غ" بصفة شاهد، بعد أن أقسم اليمين القانونية، وهو كان أدلى بثلاث إفادات أوّلها أمام المحقّق العدلي ريمون عويدات بتاريخ 4 حزيران 1999، والثانية بتاريخ 12 حزيران 1999، والثالثة أمام المحقّق العدلي ​رشيد مزهر​ بتاريخ 21 نيسان 2008.

وعرضت هيئة المحكمة على الشاهد صورتين إحداهما تشبيهية والثانية "بورتريه"، فلم يستطع تحديد ما إذا كانت إحداهما تعود إلى المتهم طحيبش، نظرًا لمرور مدّة طويلة على وقوع الجريمة، وهي فترة كفيلة بتغيير ملامح الإنسان.

بعدها، روى الشاهد تفاصيل ما رآه خلال وقوع الجريمة لتواجده أثناءها في قصر عدل صيدا، فأعاد ما ورد في إفاداته السابقة بـ"أنّه رأى شخصين أحدهما يرتدي زيًّا أفغانيًّا وهو ملتح ويضع على رأسه عمامة، وبدا أنّه يطلق النار بدقّة وخبرة. أمّا الثاني، الّذي كان أصغر سنًّا، فبدا مرتبكًا إلى حدّ أنّ بندقيته وقعت من يديه مرّتين. وقد عمد مطلقا النار إلى التصويب على القضاة من نافذتين، إحداهما تقع خلف قوس المحكمة أي وراء القضاة مباشرة".

كما أفاد الشاهد بأنّ "فور الانتهاء من ​إطلاق النار​، سارَع المسلّحان إلى الفرار راجلين عبر موقف للسيارات"، مؤكّدًا أنّ "سلاحيهما كانا من نوع رشاش "كلاشينكوف"، وأنّه كان على مسافة قريبة كافية ليتمكّن من تمييز ملامح مطلقي النار بدقة (نحو 15 مترا)، لا سيما انّهما كانا يتنقلان من نافذة إلى أُخرى لاطلاق النار عبرهما"، لافتًا إلى أنّ "الشخص الّذي كان يرتدي الزي الأفغاني هو من بدأ بإطلاق النار من النافذة الّتي تقع خلف قوس المحكمة، من ثمّ انتقل إلى النافذة الثانية الجانبية".

بعد ذلك، عرضت ممثّلة النيابة العامة على الشاهد صورتين، وسألت إذا ما كانت تعود للشخصين اللذين أطلقا النار، فأشار إلى أنّ "الصورة التشبيهية قريبة من ملامح أحد مطلقي النار"، ليتبيّن أنّ هذه الصورة الّتي تعرّف إليها الشاهد تنطبق مواصفاتها على المتّهم ابراهيم جمال لطفي. أمّا الصورة الثانية فتنطبق على المتّهم محمود مصطفى المعروف بـ"أبو عبيدة"، الّذي كان يرتدي الزي الأفغاني.

وفي ختام الجلسة، طلبت ممثلة النيابة العامة تكرار دعوة عامر درويش ونصر أبو صيام وسعيد شمس الدين للاستماع إلى إفاداتهم، فيما طلبت القاضية اسكندر صرف النظر عن تكرار دعوة شمس الدين.

أمّا المحامي منيف حمدان من جهة الادعاء، فطلب تكليف من يلزم تحديد مكان حصول مقابلة تلفزيونية مع المدعي عليه وسام طحيبش. وعن الأسباب الّتي حملت معدّ البرامج إلى تقديم الحلقة ومعرفة الجهة التّي أعطت الإذن الإجراء المقابلة، فتقرّر ضمّ طلب حمدان إلى الأساس وتكرار دعوة درويش وابو صيام بصفة شاهدين ودعوة شمس الدين مجدّدًا.