في حالة الجزائر، نربأ بقضائه إلاّ أن يكون عادلاً ونزيهاً ومستقلّاً، شامخاً كارادة الجزائريّين الذين يملأون الشوارع طلباً للسيادة والعنفوان والكرامة
 

شهدت الجزائر خلال الأشهر الأخيرة أغرب أزمة سياسية ودستورية في البلاد، مع إصرار النافذين في حُكم بلد "المليون شهيد" على إعادة انتخاب الرئيس المجاهد عبدالعزيز بوتفليقة (صاحب التاريخ النضالي في سبيل الإستقلال) رغم حالته الصحية المُتردّية، والتي لا تسمح له بالقيام بمهام أعباء الرئاسة (فلو كان مسؤولاً عن إعالة وإدارة شؤون أسرة لعجز عن ذلك). لذا خرج الشعب الجزائري إلى الشارع رافضاً حياكة هكذا "مهزلة" والاستمرار في إخراجها المُعيب، خرج مُوحّداً قويّاً وصابراً وعازماً على رفض تجديد بيعة الرئيس، وذلك للحفاظ على مصالح البلاد العليا، ومصالح العباد المُقدّسة، وكرامة الرئيس المحفوظة، ولاقت القوى العسكرية والأمنية الشعب في منتصف المسار الصحيح: لا قمع ولا اعتقالات ولا حجز حريات، وبالتالي لا مجازر كما حصل في العالم العربي والإسلامي، مشرقه ومغربه.

إقرأ أيضًا: الجزائر العظيمة.. الانضباط الشعبي وغياب القمع السلطوي

هذه والحقّ يُقال: مكرُمة اضافيّة تُضاف إلى سجلّ الجزائر العظيمة، إلاّ انّ الغريب والمريب في شؤون الجزائر الحرجة هذه الأيام هو الصّمتُ المُطبق للمجلس الدستوري، والذي لم يُحرّك ساكناً في مسألة ترشُّح رئيس عاجز لمنصب الرئاسة الأولى في البلاد، وكان عليه أن يحسم الأمور في بداياتها، ويُعلن بُطلان ترشيح الرئيس بوتفليقة، إلاّ أنُه آثر الصمت، ورغم الغليان الشعبي السلمي ومواقف رئيس أركان الجيش الإيجابية بالاحتكام لبعض مواد الدستور، لا سيما المادة (١٠٢) منه، إلاّ أنّ المجلس الدستوري ما زال في حالة غيابٍ تام، ولم يبادر للاجتماع وإخراج البلاد من مأزقها الحالي، للأسف الشديد، تعودنا في بلادنا العربية، مشرقها ومغربها، على غياب القضاء العادل المستقل في كافة مستوياته،  ولعلّ علّة العلل في بلادنا جمعاء هي القضاء الموضوع في خدمة أهل السلطة واهواء الحكام، حيث يضيع الحقّ والعدل والإنصاف، وتغيب الديمقراطية ويسود الاستبداد والعنف.

في حالة الجزائر، نربأ بقضائه إلاّ أن يكون عادلاً ونزيهاً ومستقلّاً، شامخاً كارادة الجزائريّين الذين يملأون الشوارع طلباً للسيادة والعنفوان والكرامة.