من الطبيعي أن يتمنّى الكُردي، لو أنّ إسرائيل هي الّتي إحتلتْ أرضه
 
سعت الأحزاب الكرديّة عبر برامجها إلى إزالة كافّة المشاريع العنصريّة بحقّ المناطق الكرديّة في سوريا، إلّا أنّ النظام  السوري لم يتوقّف عن توجيه تهمة الإنفصال، للأكراد، بالرغم من أنّ الأكراد، لم يُطالبوا بنشوء كيان مستقلّ، بل كانت مطالبهم بمعظمها تُطالب بالإعتراف الدستوري بالوجود الكردي، كثاني أكبر قوّميّة في البلاد وضمان حقوقهم السياسيّة، منذ تشكيل أوّل حزب كردي في سوريا عام 1957.
 
حاول النظام مرارًا تفريغ المنطقة الشماليّة - الشرقيّة في سوريا من الأكراد وتوطين أسر عربيّة وهو ما جرى بالفعل، لفصل الرابط الجغرافي بين المناطق الكرديّة - السوريّة.
 
وخلال الإنتفاضة الكرديّة من العام 2004، قُتِل عشرات الأكراد وأدخِل المئات منهم في السجون، بالإضافة لطرد بعض الطلاب الأكراد من الجامعات السوريّة.
 
وقُتِل شباب أكراد في عيد النوروز 2008 بالقامشلي، والأمر عينه في نوروز 2009 بالرّقة، برصاص الأمن السوري الحيّ على المحتفلين. وقضى أيضاً العشرات تحت التعذيب، وخلال نوروز 2010 بحلب، إعتُقِل آلاف الأكراد بعد مُناوشات بينهم وبين رجال الأمن.
 
ومع إنطلاق الثورة السوريّة في منتصف آذار 2011، برز نفوذ الأكراد، بعد إنسحاب النظام من مناطقهم، غير أنّ تهمة الإنفصال، بقيت تُلاحقهم. 
 
وبعد ذلك، باتت معظم تشكيلات المعارضة السوريّة توجّه التهمة عينها للأكراد، لاسيّما من منشقّين عن نظام الأسد، في وقت تشدّد فيه الإدارة الذاتيّة، التي يقودها الأكراد مع حلفائهم المحليّين شمال شرقي سوريا.
 
 
من هُنا، منح النظام الجنسيّة لبعض الأكراد المجرّدين منها، لكنّ غالبيتهم رفضوا هذا الأمر، كما أنّ رؤساء أحزاب كرديّة - سوريّة رفضوا طلب بشار الأسد بمقابلتهم.
 
وتشكّلت قوات سوريا الديمقراطيّة التي يُشار إليها باختصار "قسد"، والتي تتألّف في معظمها من وحدات حماية الشعب، وهي من الميليشيات الكرديّة في معظمها، وتقودها عسكريًّا، أمّا  الخصوم الرئيسيّين لـِ "قسد" وحلفائها هم الجماعات الأصوليّة السلفيّة والإسلاميّة، لا سيّما تنظيم الدولة الإسلاميّة، وجماعات المعارضة السوريّة التي تدعمها تركيا، والجماعات المنتسبة لتنظيم القاعدة، وحلفاؤها.
 
وأثار تقرير مصوّر لِقناة تلفزيونيّة إسرائيليّة، خلال الساعات القليلة الماضية، من داخل سوريا، غضبًا عارمًا عبر مواقع التواصل الإجتماعي. 
 
ودخل الصحفي الإسرائيلي موآف فرداي، إلى مناطق تُسيطرُ عليها قوات سوريا الديمقراطيّة والوحدات الكرديّة "قسد"، حيثُ قام بتصوير تحقيق صحفي تحت عنوان  "قصّة الأكراد في سوريا"، لِلقناة 11 الإسرائيليّة من داخل القامشلي بريف الحسكة، كما زار أيضًا مناطق أخرى من شمال شرقي سوريا.
 
والتقى بالقائد العام لقوات سوريا الديمقراطيّة، مظلوم كوباني، في مقرّ قيادة الأكاديميّات العسكريّة في المنطقة الشرقيّة.
 
وبرز الدور الإسرائيلي في السنوات الماضية،  في تبنّي بعض الأزمات المرتبطة بالقضيّة الكرديّة، وكان في مقدّمة ذلك الحملة التي قادتها الوكالة الإسرائيليّة غير الحكوميّة "إيسرايد"، واللّجنة اليهوديّة الأميركيّة للدعوة إلى وقف إبادة الإيزيديّين، ثم توّجت بزيارة الناشطة الإيزيديّة، ناديا مراد، إلى تل أبيب ومشاركتها في مؤتمر بالكنيست، في تمّوز المُنصرم.
 
ومن هذا السياق، يرى الكُردي أنّه ليس عربيًّا وليس مطلوباً منه إعلان عداوته لأعداء العرب، ويتسأل الأكراد لماذا يجب أن يكون الكُردي ضدّ إسرائيل بسبب إحتلالها للدولة الفلسطينيّة أوّ للجولان، بينما لا يُفرض الأمر ذاته على العرب، باعتبار أنّ تركيا هي دولة تحتلّ أراضيهم، ورغم ذلك على حدّ وصفهم لا يُطالبون بقطع العلاقات التركيّة- العربيّة.
 
ويعتبر الأكراد، أنّه إذا بقي الصمت المطبّق على الظلم والتجاوزات التي تحصل بحقّ الأكراد في سوريا والعراق وتركيا وإيران، سيكون من الطبيعي أن يتمنّى الكُردي، لو أنّ إسرائيل هي الّتي إحتلتْ أرضه عوضاً عن العرب والإيرانيّين والأتراك.