علامات استفهام كثيرة على جبين كل فقير سيجيب عنها يوم الحساب الأكبر لذا نتدرب على الحساب الأصغر مع صغار الآلهة نجيبهم طاعة دون معصية
 

هو لم يسكت، أصلاً لا يعرف السكوت, هو يضمر في نفسه أحاديث كثيرة عن ألعابه الجميلة في البيت والمدرسة، شأنه شأن الكثيرين من الميسورين في تجارة الدين والسياسة ,لذا فلح في صوته المبكر، نشأ نشأته تلك وسط زحمة الزبائن في أسواق الدماء العامرة ,فضح الميسورون أنفسهم بأنهم يبيعون دماء العوام ولا يبذلونه طوعاً أوقسراً لعلمهم المسبق بحرمة بذل الدم لغير الخالق، أيّ ان الفقراء وحدهم من يبذلون أنفسهم لأجل وجوه غير وجه الله وان لبسوا أقنعة الآلهة، وباتوا ربائب من غير الله.

هو لم يسكت، أسكتوه، أُسكت برضاه أو بغير رضاه لا هم، لم يعد الصمت حالة خاصة بالصامت طالما انه موظف سياسي في السلطة أو المعارضة، فهو يصمت ويتحدث همساً أو اخفاتاً أو يطلق لسانه وحنجرته ويصدح ويصرخ من أعالي الجبال ألى أسافل الوديان تبعاً لأوامر الوالي وفرماناته المعدة والموضبة من قبل اخصّاء متدربين على ترجمة لغات الوالي المتعددة كونه يتفن كل لغات العالم ويعرف المستور ويكشف عنه كونه زُود بعلم خاص يدرسه الله لأنبيائه.

إقرأ ايضًا: ما الفرق بين بوتين وبوتفليقة؟

سكت المسؤول، لا لم يسكت، صام عن الكلام ,هناك فرق بين السكوت القسري أو الطوعي وبين سكوت الصوم، فرق كبير بين السكوتين لا يمكن المقارنة بينهما, فلكل واحد من السكوت صمته الخاص، لذا صمت صائماً، اللهم تقبل منه صومه، نحن لا نجيد الاّ لغة الدعاء للساكتين عن الحقوق، كما وأننا نجيد الدعاء للصارخين بوجه المدافعين عن الحقوق، نحن ندعو كون الساكت والمدافع واحد يتلون بألوان الحية الرقطاء، واذا ما كشف لونه الزائف نغطي عيوبه بالأدعية والصلوات والابتهالات في مواسم الصوم و سنيين العبادة.

ما أكرمه وهو صامت، وما أجمله وهو صارخ صادح كبلبل على أشجار الشعب يتنقل بين الأغصان بخفة وبدقة حتى لا يزعج الزهر المنعقد في أكمام الوعود الوردية. 

سبحان من منحه هذه القامة وهذا اللقب، سيادة,سعادة، رئيس كتلة، رئيس لجنة، رئيس حفرة، رئيس ملف، المهم أن يكون رئيساً. 

إقرأ أيضًا: بعد القدس الجولان أين المبعبعون؟

كلمة تحيي وتميت، كم من الأموات استفاقوا؟ وكم من الأحياء ماتوا؟ سبحان الرئاسة التي تحيي العظام وهي رميم، فكيف وجيل الرياسة من الولدان المخلدين في جنّات الأحزاب والطوائف والمذاهب وكل شبكاتنا المحلية ذائعة الصيت تلبس حرائر الحور وتسبح في مسابح من العسل واللبن، و تأكل التين والرمان ولحم الطير.

الحمد لله على نعمه الوفيرة والمغدقة على أولي الأمر منا، نعمة ارتضاها لهم كونهم دعاة عفة لا ذلة، هنيئًا لنا بهم وهنيئًا لهم بنا، والله أخبر حيث يضع ثرواته المتعددة, فالمال ماله وله السماوات والأرضون وهو الذي يسأل ولا يُسأل لماذا؟ ومتى؟ وأين؟ علامات استفهام كثيرة على جبين كل فقير سيجيب عنها يوم الحساب الأكبر لذا نتدرب على الحساب الأصغر مع صغار الآلهة نجيبهم طاعة دون معصية.

سلُمت يد الصانع، باركه الله، لقد منحنا ووهبنا على كبر صغاراً يلعبون جيداً ويتقنون فنّ اللعب بنا، ويحرصون كل الحرص على سلامة الخاصة بسوء معاملة العامة.