حزب الله حزب لبناني، هذه العبارة التي سمعها بومبيو من المسؤولين اللبنانيين هي بحد ذاتها محل إدانة.
 

لم يكن هدوء الامين العام لحزب الله في رده المتلفز على زيارة وزير الخارجية الأميركي هو الملفت، بل كان هذا الهدوء متوقعا وإن تفاجأنا بارتفاع درجته وعلو منسوبه لدرجة أنه لم يأخذ صفة الرد على "السيد" بومبيو بقدر ما جاء بشكل توضيح للبنانيين ومخاطبة مشاعرهم واستمالتهم أكثر منه ردًا على شخص تهجم على الحزب في عقر داره واتهمه بأقذع العبارات.
 
ما لفتني أكثر هو وجود الخارطة اللبنانية بألوان العلم اللبناني خلف السيد وهذه من المرات القلائل التي يكون فيها العلم اللبناني منفردًا وبدون حتى علم الحزب أو شعارات أخرى تخص الحزب تظهر بإطلالة للسيد، فمن حيث الشكل هذا الأمر له مداليل سيكولوجية لا أفترض لحظة أن المسؤولين عن ظهور هذه المشهدية لم يتعمدوها.
 
يضاف إلى هذا، فإن من سمع كلمة السيد، يلاحظ أيضًا تكرار إسم "لبنان" و "اللبنانيين" و "المسؤولين اللبنانيين" و "الاحزاب اللبنانية" و "الدولة اللبنانية" عشرات المرات كمحاولة منه لردم ما يستطيع ردمه بالهوة النفسية والواقعية بين الحزب من جهة وعموم الشعب اللبناني من جهة ثانية.

إقرا أيضا: عهد الضجيج

حزب الله المتهم بلبنانيته، والحديث هنا ليس على الانتساب التقني، وإنما هو للإنتساب العقائدي والفكري وبالتالي للانتساب الوطني والسياسي، هو اليوم محل إشكالية، فالحزب الذي لطالما فاخر وجاهر بالتبعية لإيران ولولاية الفقيه (افتخر أن أكون جنديًا في ولاية الفقيه) هذه التبعية التي شكلت هويته السياسية منذ نشأته هي اليوم بمثابة التهمة يحاول الحزب التبرؤ منها ولو ظاهريا لأنها باتت تشكل له حمولة زائدة تستعمل ضده وتمنعه من أوسع حاضنة لبنانية هو بأمسّ الحاجة إليها.
 
حزب الله حزب لبناني، هذه العبارة التي سمعها بومبيو من المسؤولين اللبنانيين هي بحد ذاتها محل إدانة وإن كان المقصود منها خلق نوع من الحماية لما هو قادم، فالحزب الذي يحتاج إلى تأكيد لبنانيته في محطة من المحطات هذا يدلل على إثبات التهمة وليس نفيها.. لأن "اللبنانية" هي سلوك وممارسة وأداء وليس توصيف يمنحه أحد إلى أحد.

من الجيد إستشعار حزب الله ضرورة العودة إلى هويته الوطنية والتمسك بها والإجهار فيها ولكن أن يكون هذا الأمر على سبيل القناعة والاعتقاد وليس على سبيل الهروب والاختباء خلفها في ساعات الشدة.

 وعلى كلا الوجهين فلا مناص أمامنا نحن اللبنانيين إلا أن نقول للحزب الهارب منا إلينا.. أهلًا وسهلًا بك في لبنان.