هل تؤشر الأحداث في غزة لاندلاع حرب شاملة؟
 

جولة جديدة من المواجهات وصواريخ جديدة على تل أبيت تشعل الاوضاع في غزة ومشاورات عسكرية حول استمرار العملية العسكرية.


وفيما يلي أبرز الأخبار والتقارير:

 

ردود الفعل الإسرائيلية: بين التهديد بالقوة والمزايدات الانتخابية

 

تصاعدت ردود الفعل الإسرائيلية، اليوم الإثنين، بعد سقوط الصاروخ في وسط البلاد، ووقوع عدة إصابات، مطالبة بالرد بقوة على إطلاق الصاروخ، وأخرى تتهم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بالفشل مقابل حركة حماس، وأخرى تشير إلى أن "الردع الإسرائيلي" قد انهار. ورغم كل ذلك فإن ردود الفعل لم تكن بمعزل عن انتخابات الكنيست المقبلة، حيث لم تخل من استغلال الفرصة للمزايدات الانتخابية.


وكان قد قرر نتنياهو تقصير زيارته إلى الولايات المتحدة، حيث سيعود إلى البلاد بعد لقائه مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، دون أن يلقي خطابه المقرر في مؤتمر "إيباك".


وقال نتنياهو إنه أجرى مشاورات مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ورئيس الشاباك ورئيس المجلس للأمن القومي، مضيفا أنه سيتم الرد "بقوة" على "الهجوم الإجرامي".


وتابع أنه في أعقاب هذه "الأحداث الأمنية" قرر تقصير مدة زيارته إلى الولايات المتحدة، وسيعود إلى البلاد بعد لقائه مع الرئيس الأميركي لـ"إدارة العمليات عن كثب".


وقال أعضاء في المجلس الوزاري المصغر لـ"حداشوت" إنه لا بد من العودة إلى الاغتيالات الموضعية، وإن ذلك مطروح على جدول الأعمال في الآونة الأخيرة.


وقال عضو المجلس الوزاري المصغر، يوفال شتاينتس، إن إسرائيل سترد بقوة وحزم ووفق اعتبارات وازنة على إطلاق الصاروخ.


وأضاف أن (بيني) غانتس، الذي اعتبره "سياسيا من الدرجة ج" (الثالثة)، توجه إلى نتنياهو بطلب تقصير زيارته والعودة إلى البلاد، ولكن "لا أحد لديه حل للمشكلة التي نشأت في أعقاب اتفاقيات أوسلو"، على حد تعبيره.


وبحسبه "فمن المحتمل أن حركة حماس أطلقت الصاروخ بشكل متعمد لإحراج رئيس الحكومة قبل الانتخابات".


من جهته قال رئيس "اليمين الجديد"، نفتالي بينيت، إن نتنياهو فشل أمام حركة حماس في قطاع غزة، مضيفا أن المطلوب هو "ضرب حماس وهزيمتها، وليس احتواءها".


ولم يغفل بدوره استغلال الفرصة للهجوم على غانتس، الذي وصفه بأنه "ليس رئيسا للأركان"، وأنه "كان أحد أسوأ رؤساء الأركان في تاريخ الدولة". كما قال إن تأجيل الانتخابات هو الهدية الأكبر لحركة حماس.


وقال بيان صادر عن "اليمين الجديد" إن الردع الإسرائيلي قد انهار، ويجب القول إن نتنياهو فشل مقابل حركة حماس.


وأضاف البيان أن إطلاق سراح أسرى فلسطينيين والخشية من هدم بيوت منفذي العمليات، وضبط النفس مقابل الصواريخ على الجنوب، كل ذلك أدى إلى أن حماس لم تعد تخشى إسرائيل. بحسب البيان. كما جاء في البيان أن "نتنياهو رئيس حكومة جيد، ووزير أمن فاشل".


وقال رئيس حزب "العمل"، آفي غباي، إن نتنياهو يتحمل المسؤولية عن الوضع الأمني المتدهور، وإنه فقد الردع وعزز من قوة حركة حماس، و"أعاد الأمن في غلاف غزة، والآن في بلدات وسط البلاد، إلى بداية سنوات الخمسينيات".


وقال أيضا إن "الخطابات الجميلة وحقائب الأموال التي يقدمها نتنياهو إلى حركة حماس لا توفر الأمن. ليبق في الولايات المتحدة وينشغل بالإعلام".


وقال رئيس اللجنة الثانوية لجاهزية الجيش الإسرائيلي للحرب، عضو الكنيست عومر بار ليف إنه "لا يوجد لدى الحكومة الحالية إستراتيجية بالنسبة لقطاع غزة. وعندما تطلق علينا حركة حماس النار، يجب الرد بمنتهى القوة، ويمكن الاعتماد على الجيش في ذلك".


وبحسبه، فإن "المجلس الوزاري المصغر قد خنع لحماس، سواء من خلال دفع الإتاوة لحماس، أو توفير وقت الهدوء النسبي، وذلك عندما تجاهل توصيات الأجهزة الأمنية بتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة من أجل منع التصعيد الحالي الذي قد يقود إلى الحرب".

 

استنفار عسكري: إسرائيل تدرس ردا قاسيا لا يشعل الأوضاع


كان إطلاق الصاروخ من قطاع غزة لمدى يزيد عن 100 كيلومتر باتجاه منطقة غير محمية بمنظومة "القبة الحديدية" مفاجئا لإسرائيل، وخاصة في هذا التوقيت، حيث أنها مقبلة على انتخابات، كما أن رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، يتواجد في واشنطن، علاوة على أنه كان من المفترض أن يتوجه الوفد الأمني المصري إلى قطاع غزة لمناقشة شروط التهدئة مع حركة حماس، علما أن هناك أنباء عن إلغاء هذه الزيارة.


وأشارت تحليلات إلى أن عملية الإطلاق هذه مست بشكل خطير بما يطلق عليه "الردع الإسرائيلي"، الأمر الذي يدفعها إلى "رد فعل قاس"، ولكن مع الأخذ بالحسبان الحيلولة دون اشتعال الأوضاع إلى حرب واسعة النطاق، بيد أن ذلك لا يمنع التصعيد خاصة في ظل أوضاع متفجرة في الضفة الغربية.


وقالت مصادر سياسية لـ"حداشوت 12" إن الرد الإسرائيلي على إطلاق الصاروخ سيكون قريبا.


وقال المتحدث العسكري باسم الجيش الإسرائيلي، صباح اليوم، إن الصاروخ أطلق من رفح، وقطع مسافة تصل إلى 120 كيلومترا، مضيفا أن الصاروخ من إنتاج حركة حماس.


وأضاف أن الصاروخ أطلق من موقع لحركة حماس، وأن الجيش يحمل الحركة المسؤولية عن كل ما يحصل في قطاع غزة.


كما لفت إلى أنه في أعقاب سقوط الصاروخ، وبعد إجراء تقدير للوضع من قبل قادة الجيش الإسرائيلي، تم استنفار قوات برية وقوات مدرعة نظامية إلى منطقة الجنوب.


وبحسب صحيفة "هآرتس" فإن الجيش يستعد لتجنيد آلاف الجنود من قوات الاحتياط للدفاعات الجوية والقوات البرية والقوات المدرعة.


من جهته كتب المحلل العسكري لموقع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بي يشاي، اليوم الإثنين، بأن الصاروخ الذي أطلق، فجر اليوم، وأصاب منزلا في "موشاف مشميرت" قد فاجأ إسرائيل، مضيفا أن الصاروخ أطلق بهدف التسبب بإيقاع إصابات.


ورجح أن يكون الصاروخ من طراز "M-75"، وهو من إنتاج حركة الجهاد الإسلامي، وأطلق إلى أبعد مدى له، وهو يتراوح ما بين 80 إلى 140 كيلومترا.


وبحسبه، فإن الصاروخ يحمل رأسا متفجرا بزنة عشرات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة ذات المواصفات العالية، وأصاب صالون المنزل، بينما كان ساكنوه في غرفهم الداخلية، ما أدى إلى أصابات طفيفة نسبيا، مشيرا إلى أن المنزل من الإسمنت المسلح، كما أن موجة صدمة الانفجار قد انتشرت عن طريق الشبابيك والفتحات الكبيرة الأمر الذي منع وقوع إصابات خطيرة.


ويضيف أن الصاروخ هو نموذج مماثل لصاروخ "فجر 5" الإيراني، الذي يصل مداه إلى 75 كيلومترا، ويتم إنتاجه في قطاع غزة بإرشاد إيراني. كما أن زيادة طول الصاروخ أتاح المجال لإضافة وقود صاروخي بكميات أكبر وبالتالي زيادة مداه ببضع عشرات الكيلومترات.


ولفت في هذا السياق إلى أنه كان من المفترض أن يصل الوفد الأمني المصري، صباح اليوم، إلى قطاع غزة لتجديد المفاوضات مع حركة حماس بشأن التسوية على مراحل، وذلك بهدف تجنب حصول تصعيد في نهاية الأسبوع الحالي الذي يصادف مرور عام على بدء مسيرات العودة.


ويعتقد المحلل العسكري أن مطلقي الصاروخ ليسوا من حركة حماس، ويشير في الوقت نفسه إلى أن حركة الجهاد الإسلامي هي التي تنتج مثل هذا الصاروخ، إضافة إلى حركة حماس.


وفي تحليله لأسباب إطلاق الصاروخ، أشار إلى أن الأمين العام الجديد لحركة الجهاد الإسلامي، زياد نخالة، كان قد توعد بالرد على قتل فلسطينيين، خاصة وأن الأسبوع الماضي شهد استشهاد 6 فلسطينيين، بينهم اثنان يوم الجمعة الماضي.
ويضيف سببا آخر، وهو تشويش الاتصالات بواسطة الهواتف الخليوية الموجودة بحوزة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، لافتا إلى المواجهات التي حصلت في سجن النقب الصحراوي، والتي أصيب فيها عدد من الأسرى الفلسطينيين بإصابات خطيرة، إضافة إلى إصابة أحد السجانين.


وكتب أن مفاجأة إسرائيل من إطلاق الصاروخ كانت كبيرة، حيث أن التقديرات كانت تشير إلى أن حركة حماس غير معنية بالدخول في صدام مع مصر، وغير معنية بحرب واسعة النطاق مع إسرائيل. بيد أنه يضيف أن حركة الجهاد الإسلامي لديها أجندة أخرى، خاصة وأنها ليست في مواقع المسؤولية في السلطة، ولذلك تسمح بإطلاق صاروخ في هذا التوقيت، وباتجاه هدف غير محمي بمنظومة "القبة الصاروخية" لإيقاع إصابات.


وتوقع أن يكون الرد الإسرائيلي قاسيا، وينفذ من الجو، بطريقة تحقق شدته ونطاقه أكبر تأثير، ومع ذلك سوف تسمح إسرائيل بـ"احتواء" الأوضاع، ومنع اشتعال الأوضاع ودهورة الأوضاع نحو تصعيد كبير في أيام الانتخابات.
وأشار في هذا السياق إلى أن الأوضاع في الضفة الغربية متفجرة جدا في الفترة الحالية، ولذلك فإن إمكانية أن يتطور الهجوم على قطاع غزة إلى ما هو أوسع تتعزز.


وبحسبه، فإن إسرائيل غير معنية بالمسارعة إلى الرد، خاصة وأن نتنياهو يتواجد في واشنطن، ولا يريد تفويت لقائه مع ترامب، كما أن تقديم موعد عودته إلى إسرائيل يسمح بتأجيل الرد، وربما تنفيذه بعد عودته، مضيفا أنه "في كل الحالات فقد تضرر الردع الإسرائيلي بشكل خطير، ويجب ترميمه".

 

غانتس يستعرض نفسه أمام "إيباك"


قال رئيس تحالف "كاحول لافان" ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، بيني غانتس، الإثنين، إنه لن يتردد في "استخدام القوة ضد" إيران، فيما شدد على ضرورة بقاء "الأمن" تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، في إطار أي اتفاق مستقبلي ضمن ما يسمى بـ"عملية السلام".


جاء ذلك في كلمة له أمام لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (إيباك) التي تدعم إسرائيل بقوة، وعبر غانتس عن رؤيته لاحتمالات السلام، مشددا على أن الأمن سيبقى دائما تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة.


وأضاف غانتس "أقول للإيرانيين، أنتم تعرفوني جيدًا وليس فقط من خلال هاتفي"، في إشارة إلى ما تم الكشف عنه مؤخرًا في الإعلام الإسرائيلي، أن المخابرات الإسرائيلية أبلغت غانتس عن نجاح جهات إيرانية من اختراق هاتفه الخاص.


وتحدث غانتس عن تجربة والدته كناجية من المحرقة النازية، وخدمة ابنه في الجيش الإسرائيلي، وقال "لهذا السبب أقول من هذا المنبر للنظام الإيراني: لن يتكرر الأمر مطلقا".


وأضاف "لن نسمح لكم بترسيخ أقدامكم في سورية، ولن نسمح لكم بتطوير أسلحة نووية"، وتابع "عندما أتولى الحكم، لن تصبحوا قوة إقليمية ولن أتردد في استخدام القوة في أي ظرف وفي أي وقت".


وخلال خطابه أمام واحدة من أكثر جماعات الضغط الصهيوني في واشنطن، قال غانتس إن "الواقع في الجنوب لا يطاق. ينام الأطفال في الجنوب بالملاجئ، وحماس تحتفل، يجب أن ينتهي ذلك الآن، وسينتهي قريبا".


وأضاف غانتس، الذي يعتبر المنافس الأبرز لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أن القدس ستظل دائما "العاصمة الموحدة والأبدية" لإسرائيل، ولم يستبعد إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية، فيما قال إن غور الأردن سيظل "دائما الحدود الشرقية الأمنية لإسرائيل".


وأشار إلى أن "المسؤولية عن الأمن في أرض إسرائيل ستظل دائما في أيدي قوت الدفاع الإسرائيلية وحدها". كما قال إنه منفتح على التفاوض مع الدول العربية، وأضاف "بالنسبة لمن يرغبون في فتح صفحة جديدة، سنمد يدنا للسلام، وسنسعى من أجل السلام مع أي قائد عربي صادق".


وفي وقت سابق، كان غانتس قد انتقد نتنياهو على خلفية إطلاق الصواريخ من قطاع غزة باتجاه بلدة "مشميرت" شمالي تل أبيب، حيث اعتبر أن "حماس جعلت من رهينة"، في واقع وصفه بـ"غير المسبوق". واعتبر ذلك دليلا على "إفلاس نتنياهو الأمني"، وأضاف "يجب عليه العودة إلى إسرائيل للتعامل مع التصعيد".


وكان نتنياهو قد أعلن قطع زيارته إلى واشنطن بعد هجوم بصاروخ أطلق من غزة وسقط في تل أبيب، غير أنه عاد وأشار إلى أنه سيؤجل عودته لحين الانتهاء من مباحثات أمنية وصفها بالهامة.

 

 

صاروخ يدمر زيارة وصورة "سيد أمن"

 

تسبب الصاروخ الذي أطلق من قطاع غزة، فجر اليوم الإثنين، بأزمة جديدة لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بنظر محللين عسكريين، وخاصة مع اقتراب موعد انتخابات الكنيست، سواء لجهة كونه الدليل على أن نتنياهو ليس لديه حل لـ"المشكلة الأمنية"، أو لجهة اعتبار أن حركة حماس أجبرته على تقصير زيارة سياسية بثمن صاروخ واحد فقط.


ولفتت بعض التحليلات إلى أن نتنياهو لا يزال عاجزا عن توفير الأمن لمنطقة الجنوب، رغم أن إسرائيل خاضت ثلاث حروب على قطاع غزة، بينها حربان في ولاية نتنياهو في رئاسة الحكومة.


كما لفتت إلى سهولة تدهور الأوضاع إلى حرب لم يخطط لها مسبقا في ظل المعطيات الحالية، وخاصة الأوضاع التي يعيشها سكان قطاع غزة، لدرجة اعتبار أن هذه الظاهرة باتت واقعا تتأرجح على حافته إسرائيل كل بضعة أسابيع أو شهور أو سنوات.


وذهبت تحليلات أخرى إلى أن إطلاق الصاروخ في التوقيت الحالي جعل نتنياهو كمن بلع منجلا، حيث أنه سواء قرر تقصير زيارته أم الإبقاء عليها كما هي فسوف يجده نفسه في مواجهة سيل من الانتقادات من كافة أطراف الخارطة السياسية الإسرائيلية.

 


"بعد 3 حروب على غزة نتنياهو لا يمتلك حلا أمنيا"


اعتبر المحلل العسكري، أمير أورن، في موقع "واللا" الإلكتروني، أن الصاروخ الذي أطلق من قطاع غزة فجر اليوم، الإثنين، قد أصاب نقطة الضعف لدى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في أوج المعركة الانتخابية، من جهة أنه "لا يوجد لديه حل للمشكلة الأمنية"، حيث أنه بعد 10 سنوات وبعد ثلاث حروب على قطاع غزة، بينها حربان خلال ولايته في رئاسة الحكومة (2012، و 2014)، من الواضح أن "طريقة نتنياهو فشلت وحماس تقرر له موعد عودته من واشنطن".


ولفت الكاتب إلى أن ذلك يتزامن مع نشر كتاب جديد من إصدار "الكلية للأمن القومي" في الجيش الإسرائيلي، وهو عبارة عن بحث أجراه الجنرال عميت ساعار، والمرشح لرئاسة شعبة الدراسات في الجيش، بعنوان "كيف تبدأ حرب لا يرغب بها أحد: استيضاح ظاهرة التصعيد غير المخطط لها" يدعي فيه أنه "عاين الظاهرة التي ميزت انجرار إسرائيل، بدون نية مسبقة، للحرب على لبنان في تموز/ يوليو 2006، وإلى الحرب على غزة بعد 8 سنوات (2014)".

 

إلى ذلك، يشير أورن إلى أن استعدادات الجيش الإسرائيلي، صباح اليوم، من خلال تعزيز قواته في محيط القطاع بأعداد تصل إلى نصف الأعداد التي كانت عليها في الحرب العدوانية عام 2014، إضافة إلى تجنيد الاحتياط، واستعراض القوة مقابل حركة حماس لتحذيرها من عدم المبالغة في رد الفعل على رد الفعل الإسرائيلي على استهداف موشاف مشميرت،  كل ذلك يشير إلى "الرضوخ للمنطق الداخلي الذي يتمثل في رفض تنفيس الضغوطات الناجمة عن البؤس المكثف لنحو 2 مليون فلسطيني بدون أمل".


وبحسبه، فإن "الحرب غير المخطط لها" هي الواقع الذي تتأرجح فيه إسرائيل على حافتها مرة كل بضعة أسابيع أو شهور أو سنوات، بما في ذلك اليوم، مع سقوط الصاروخ في "مشميرت"، والذي لا يختلف عن العمليات التي نفذت في سنوات الخمسينيات، والتي استدرجت بن غوريون وديان ومظليي أرئيل شارون للرد، وفي نهاية المطاف إلى الحرب التي كانت تهدف إلى إسقاط النظام المصري.


ويضيف أن بن غوريون أبدى انضباطا أكثر من ديان، ورفض المصادقة على "حرب استباقية" عام 1955، باعتبار أن "الهدف النهائي هو السلام مع الدول المجاورة، وأنه لا داعي لعمليات عسكرية تطيل الطريق إلى ذلك الهدف".
ويعتبر أن "الانتحاري المتفجر والصاروخ الذي يطلق من قطاع غزة من الشمال هم أحفاد المتسللين (الإشارة إلى العمليات الفدائية في حينه) في سنوات الخمسينيات. ولكن يجلس نتنياهو، اليوم، على كرسي بن غوريون، وتحت مسؤوليته وخلال ولايته وصلت السياسة الأمنية إلى طريق مسدود".


كما لفت إلى أن الاستخبارات العسكرية والشاباك ومنسق عمليات الحكومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة (عام 67) يحذرون منذ شهور من الانفجار الذي يقترب، خاصة في ظل مناسبات توتر كثيرة للطرفين، بينها "يوم الأرض وانتخابات الكنيست ويوم الأسير والفصح وشهر رمضان والاستقلال".


وبالعودة إلى الكتاب، يشير ساعار إلى أن الطرفين لم يبلورا صورة الواقع بشكل دقيق، أو يشخصا حافة التصعيد، حيث أن إسرائيل تجاهلت مدى الضائقة السكانية في قطاع غزة، والأهمية التي توليها حركة حماس للوضع الاقتصادي والإنساني في القطاع، و"ربط قطاع غزة بأحداث في الضفة الغربية – اختطاف ثلاثة مستوطنين وقتلهم، والرد على ذلك باعتقال أسرى محررين أطلق سراحهم في صفقة غلعاد شاليط".

 


"حماس عرقلت زيارة سياسية بثمن صاروخ واحد"


وكتب مراسل شركة "الأخبار" للشؤون العسكرية والأمنية، روني دانييل، أن رد فعل نتنياهو أثبت أن حركة حماس انتصرت، حيث أن "نقل قوات الجيش إلى الجنوب يشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعد لرد جدي أكثر من السابق، ورد فعل نتنياهو تقديم موعد عودته إلى البلاد يبث حالة من الهلع، ويشكل إنجازا لقائد حركة حماس بأنه بثمن صاروخ واحد عرقل زيارة سياسية".


وبالعودة إلى الحقائق، بحسب دانييل، فإن "الصاروخ أطلق من قبل حركة حماس، ومن موقع تابع لها، وهو صاروخ يصل مداه إلى 120 كيلومترا تم تطويره وإنتاجه من قبل الحركة. وفي المقابل، فإن استعدادات الجيش الإسرائيلي تمهد لشيء أوسع لا يزال غير واضحا. ولكن عندما يتم نقل لواءين آخرين إلى الجنوب، ويتم تجنيد الاحتياط، حتى لو بأعداد صغيرة، فإن ذلك يشير إلى التحضير لشيء آخر".


وكتب أن "الأحوال الجوية تصعب القيام بجزء من العمليات الجوية، ولكن ذلك لا يمنع الحاجة والقدرة على تنفيذ هجمات جدية أكثر مما رأينا في المرات السابقة".


أما بالنسبة لمعضلة عودة نتنياهو  من واشنطن، فمن الواضح أنه الآن في ضائقة: إذا لم يعد ولم يختصر زيارته فسوف يتلقى الانتقادات من اليمين، وإذا عاد فإنه سيواجه الانتقادات من كافة الأطراف السياسية أيضا لعودته، على شاكلة: كيف نجح يحيى السنوار أن يعرقل بصاروخ واحدة زيارة جدية لرئيس الحكومة في واشنطن، ويضطره للعودة إلى البلاد بسرعة".


وبحسبه، فإن هذه المعضلة تجعل نتنياهو يقرر العودة إلى البلاد، ومنح حركة حماس انتصارا بثمن صاروخ واحد.


ورغم ذلك، يضيف المحلل أنه بالنسبة لنتنياهو فإن ذلك يعزز من صورته كـ"سيد أمن"، وكأن الجهاز الأمني الإسرائيلي مشلول أو غير قادر على اتخاذ قرارات أو فعل شي إذا كان خارج البلاد.


ويشير في هذا السياق إلى أن نتنياهو محاط، خارج البلاد، بأجهزة إعلامية، وهو قادر على إدارة اتصالات مع جهات أمنية، ونقل تعليمات، وأجراء مباحثات جذرية في القضايا التي تواجه إسرائيل اليوم حول طبيعة وحجم الرد، ولكنه كـ"سيد أمن"، بحسب الكاتب، يريد أن "يخلق شعورا بأنه بدونه لا يتحرك شيء. ولذلك يجري، في هذه الأثناء، التحضير لعملية الرد، ولكن دون تنفيذها".


أما بالنسبة لحركة حماس، بحسب دانييل، فإنها تقوم بمفاقمة التوتر بشكل تدريجي تمهيدا لنهاية الأسبوع القريب حيث تتزامن عدة مناسبات: مرور سنة على مسيرات العودة، ويوم النكبة المقترب، والأحداث في القدس(الحرم المقدسي) وفي سجن النقب الصحراوي.


ويضيف أن كل ذلك يوفر لحركة حماس "نصرا في الوعي السائد". وفي المقابل، ولو لم تكن هناك انتخابات قريبة، فمن المشكوك فيه أن يكون من الصائب اختصار زيارة نتنياهو والعودة إلى البلاد، حيث أن إلقاء خطاب في مؤتمر "إيباك" مهم جدا بالنسبة له. ومهما يكن قراره فإنه "لن يكون موفقا، ولكنه الآن في طريقه إلى البلاد".