رفاقه يطالبونه بتأجيل الانتخابات... ودعوات لاغتيال قيادات {حماس}
 

أحدث الصاروخ المنطلق من غزة إلى وسط إسرائيل، زلزالاً في المعركة الانتخابية. فاضطر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى قطع زيارته إلى الولايات المتحدة. وراح رفاقه في اليمين يدعونه إلى تأجيل المعركة الانتخابية، حتى لا يخسر اليمين الحكم. فيما خرج منافسوه بتصريحات غير مسبوقة في وقت الحرب، يطالبونه بالاستقالة وتسليم الحكم إلى بيني غانتس، رئيس حزب الجنرالات «الذي يعرف كيف يتعامل مع حماس بشكل رادع».

وتعرض نتنياهو لانتقادات واسعة، حتى من قادة في معسكر اليمين الحاكم. فقال وزير التعليم في حكومته، نفتالي بنيت، إن حماس ما كانت لتجرؤ على إطلاق صاروخ كهذا إلى قلب إسرائيل، لولا إدراكها ضعف قيادته وعجزه عن مواجهتها. ودعا إلى خطة تصفيات لقادة حماس فردا فردا. وقال آخرون إن نتنياهو لا يملك حلا لمشكلة إسرائيل الأمنية. وأجمع الخبراء العسكريون على أن «صاروخ حماس كشف عجز نتنياهو عن توفير الأمن، رغم أن إسرائيل خاضت ثلاث حروب على قطاع غزة، بينها حربان في ولاية نتنياهو في رئاسة الحكومة». وأكدوا أن الصاروخ الغزاوي تمكن من التشويش القاتل على «حفلة التأييد الانتخابي» التي أعدها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لحليفه وابن مدرسته السياسية، نتنياهو، باعترافه بضم الجولان.

وكان نتنياهو قد بنى كثيرا على هذه الزيارة، إذ تضمن برنامجه إجراء لقاءين مع الرئيس ترمب ولقاءات كثيرة في الكونغرس وإلقاء خطاب أمام مؤتمر أيباك واعتبرها واحدة من أهم زياراته للولايات المتحدة. لكن المحللين السياسيين والعسكريين في إسرائيل راحوا يسخرون منه قائلين: «بسبب صاروخ بدائي من صنع مشاغل حماس في غزة لا تبلغ تكلفته بضع مئات من الدولارات، يلغي نتنياهو أهم زياراته لواشنطن ويتنازل عن خطابات الزهو على الطريقة الأميركية، ويعود منكسرا إلى إسرائيل لا يعرف كيف يتصرف مع حماس»، كما كتب أمير أورن في موقع «واللا» الإلكتروني للأخبار، و«مهزوز الشخصية الذي حاول الترويج لنفسه، كرجل الأمن الأول في إسرائيل»، كما قال روني دانييل، المعلق العسكري في القناة 12 التلفزيونية.

وقال نتنياهو، في شريط بثه فجر أمس، بعد ساعة من إطلاق الصاروخ الغزاوي، إنه أجرى مشاورات مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ورئيس الشاباك ورئيس المجلس للأمن القومي، مضيفا أنه سيتم الرد «بقوة» على «الهجوم الإجرامي». وتابع أنه في أعقاب هذه «الأحداث الأمنية» قرر تقصير مدة زيارته إلى الولايات المتحدة، وسيعود إلى البلاد بعد لقائه مع الرئيس الأميركي لـ«إدارة العمليات عن كثب». ووعد برد جبار على حماس.

وقال أعضاء في المجلس الوزاري المصغر «الكابنيت» في الحكومة الإسرائيلية إنه لا بد من العودة إلى الاغتيالات الموضعية في صفوف قادة حماس، وإن ذلك مطروح على جدول الأعمال في الآونة الأخيرة. وقال عضو المجلس الوزاري المصغر، يوفال شتاينتس، إن إسرائيل سترد بقوة وحزم ووفق اعتبارات وازنة على إطلاق الصاروخ.

ومع أن الإسرائيليين اعتادوا ألا يهاجموا بعضهم بعضا إبان الأجواء الحربية، فقد خرج بيني غانتس بهجوم شديد اللهجة على نتنياهو فاتهمه بدفع «الإتاوة» لحركة حماس بدلا من ردعها وقال إن سياسته مع قطاع غزة والموضوع الفلسطيني أفلست والشعب في إسرائيل يدفع الثمن. وأضاف: «عدم الرد على صاروخ حماس الذي أطلق نحو تل أبيب في الأسبوع الماضي بحجة أنه أطلق بالخطأ يدفع اليوم ثمن خطئه». وتابع: «نتنياهو مشغول بالأساس في اتخاذ خطوات تخدم معركته القضائية في مواجهة ملفات الفساد، لذلك أهمل أمن إسرائيل».

وقال بيان صادر عن «اليمين الجديد» برئاسة نفتالي بنيت، إن الردع الإسرائيلي قد انهار، ويجب القول إن نتنياهو فشل مقابل حركة حماس. وأضاف البيان أن إطلاق سراح أسرى فلسطينيين والخشية من هدم بيوت منفذي العمليات، وضبط النفس مقابل الصواريخ على الجنوب، كل ذلك أدى إلى أن حماس لم تعد تخشى إسرائيل. كما جاء في البيان أن «نتنياهو رئيس حكومة جيد، ووزير أمن فاشل».

وقال رئيس حزب «العمل» المعارض، آفي غباي، إن نتنياهو يتحمل المسؤولية عن الوضع الأمني المتدهور، وإنه فقد الردع وعزز من قوة حركة حماس، و«أعاد الأمن في غلاف غزة، والآن في بلدات وسط البلاد، إلى بداية سنوات الخمسينات». وقال أيضا إن «الخطابات الجميلة وحقائب الأموال التي يقدمها نتنياهو إلى حركة حماس لا توفر الأمن. ليبق في الولايات المتحدة وينشغل بالإعلام».

وقال رئيس اللجنة الثانوية لجاهزية الجيش الإسرائيلي للحرب، عضو الكنيست عن حزب العمل، الجنرال عومر بار ليف، إنه «لا يوجد لدى الحكومة الحالية استراتيجية بالنسبة لقطاع غزة. وعندما تطلق علينا حركة حماس النار، يجب الرد بمنتهى القوة، ويمكن الاعتماد على الجيش في ذلك». وبحسبه، فإن «المجلس الوزاري المصغر قد خنع لحماس، سواء من خلال دفع الإتاوة لحماس، أو توفير وقت الهدوء النسبي، وذلك عندما تجاهل توصيات الأجهزة الأمنية بتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة من أجل منع التصعيد الحالي الذي قد يقود إلى الحرب».

واعتبر المحلل العسكري، أمير أورن، في موقع «واللا» الإلكتروني، أن الصاروخ الذي أطلق من قطاع غزة، قد أصاب نقطة الضعف لدى نتنياهو، في أوج المعركة الانتخابية، من جهة أنه «لا يوجد لديه حل للمشكلة الأمنية»، حيث إنه بعد 10 سنوات وبعد ثلاث حروب على قطاع غزة، بينها حربان خلال ولايته في رئاسة الحكومة (2012 و2014)، من الواضح أن «طريقة نتنياهو فشلت وحماس تقرر له موعد عودته من واشنطن».

تعليقات المعلقين

ولفت الكاتب إلى أن ذلك يتزامن مع نشر كتاب جديد من إصدار «كلية الأمن القومي» في الجيش الإسرائيلي، وهو عبارة عن بحث أجراه الجنرال عميت ساعار، المرشح لرئاسة شعبة الدراسات في الجيش، بعنوان «كيف تبدأ حرب لا يرغب في هذا أحد: استيضاح ظاهرة التصعيد غير المخطط لها»، يؤكد فيه أن «هناك ظاهرة مميزة تنجر فيها إسرائيل، من دون نية مسبقة للحرب. فهكذا حصل مع لبنان في 2006 ومع غزة بعد 8 سنوات (2014)»، وبحسبه، فإن «الحرب غير المخطط لها» هي الواقع الذي تتأرجح فيه إسرائيل على حافتها مرة كل بضعة أسابيع أو شهور أو سنوات، بما في ذلك اليوم، مع سقوط الصاروخ في «مشميرت»، والذي لا يختلف عن العمليات التي نفذت في سنوات الخمسينات، والتي استدرجت بن غوريون وديان ومظليي أرئيل شارون للرد، وفي نهاية المطاف إلى الحرب التي كانت تهدف إلى إسقاط النظام المصري. ويضيف أن بن غوريون أبدى انضباطا أكثر من ديان، ورفض المصادقة على «حرب استباقية» عام 1955، باعتبار أن «الهدف النهائي هو السلام مع الدول المجاورة، وأنه لا داعي لعمليات عسكرية تطيل الطريق إلى ذلك الهدف».

كما لفت إلى تحذير الاستخبارات العسكرية والشاباك ومنسق عمليات الحكومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة (عام 67) منذ شهور من الانفجار الذي يقترب، خاصة في ظل مناسبات توتر كثيرة للطرفين، بينها «يوم الأرض وانتخابات الكنيست ويوم الأسير والفصح وشهر رمضان والاستقلال».

وكتب مراسل شركة «الأخبار» للشؤون العسكرية والأمنية، روني دانييل، أن رد فعل نتنياهو أثبت أن حركة حماس انتصرت، حيث إن «نقل قوات الجيش إلى الجنوب يشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعد لرد جدي أكثر من السابق، ورد فعل نتنياهو تقديم موعد عودته إلى البلاد يبث حالة من الهلع، ويشكل إنجازا لقائد حركة حماس بأنه بثمن صاروخ واحد عرقل زيارة سياسية».

وقال إن نتنياهو يواجه معضلة، بل ضائقة. فـ «إذا لم يعد ولم يختصر زيارته فسوف يتلقى الانتقادات من اليمين، وإذا عاد فإنه سيواجه الانتقادات من كافة الأطراف السياسية أيضا لعودته، على شاكلة: كيف نجح يحيى السنوار أن يعرقل بصاروخ واحد زيارة جدية لرئيس الحكومة في واشنطن، ويضطره للعودة إلى البلاد بسرعة». وبحسبه، فإن هذه المعضلة تجعل نتنياهو يقرر العودة إلى البلاد، ومنح حركة حماس انتصارا بثمن صاروخ واحد.