أنقرة تقاضي التقارير العالمية المتشائمة بشأن الاقتصاد التركي، والهيئات الرقابية تحقق في تقرير مقلق أصدره بنك جيه.بي مورغن.
 
أثار إعلان السلطات التنظيمية التركية أمس عن عزمها فتح تحقيق وإمكانية مقاضاة تقرير حول أوضاع النظام المالي التركي استغراب الأوساط المالية العالمية، خاصة أنه يستند إلى بيانات رسمية تركية.
 
وقالت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية في تركيا إنها فتحت تحقيقا بشأن شكاوى ضد بنك الاستثمار الأميركي جيه.بي مورغن وغيره من البنوك بعد تراجع الليرة بأكثر من 4 في المئة والانخفاض الحاد للمؤشر الرئيسي للبورصة التركية في نهية تعاملات الأسبوع الماضي.
 
وأكدت الهيئة أنها تلقت شكاوى بأن التقرير الذي نشره بنك جيه.بي مورغن يوم الجمعة، والذي قالت إنه أضر بسمعة البنوك التركية وأحدث تقلبا في أسواق المال. وأضافت أنه سوف يتم اتخاذ “الإجراءات الإدارية والقضائية” اللازمة في هذا الشأن.
 
كما ذكرت هيئة أسواق المال التركية أمس أنها فتحت تحقيقا بعد تلقيها شكاوى مماثلة تشير إلى أن ذلك التقرير “مضلل” وأنه شجع على مضاربات على الأسهم في بورصة إسطنبول. ورفض متحدث باسم جيه.بي مورغن في المنطقة التعليق.
 
وفقدت الليرة التركية أكثر من أربعة بالمئة من قيمتها يوم الجمعة في حين تراجع المؤشر الرئيسي للأسهم التركية، الذي يضم 100 شركة بنسبة 3.45 بالمئة في أكبر انخفاض خلال يوم واحد منذ أزمة العملة التي وقعت خلال العام الماضي. وأثار ذلك التدهور مخاوف الأوساط المالية بشأن إقبال الأتراك على التخلي عن الليرة وشراء العملات الأجنبية في ظل تزايد تدهور علاقات بلادهم مع واشنطن.

وذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية أن الهيئات التنظيمية بدأت باتخاذ الإجراءات القانونية ضد بعض البنوك الأخرى بشأن توصية المستثمرين بشراء العملات الأجنبية “في أسلوب مضلل”.

وأطلق مجلس أسواق المال التركي تحقيقه الخاص في تقرير جي بي مورغن بشأن “تأثيراته في ما يتعلق بالمضاربة” على تجارة الأسهم في بورصة إسطنبول. 

وبلغ الانفعال التركي ذروته في لهجة التهديد والوعيد التي صدرت عن الرئيس رجب طيب أردوغان ضد من وصفهم بالمضاربين بالعملة التركية. وتعهد بحماية الليرة ومعاقبة من يستهدفونها عبر المضاربات.

ورأى مراقبون أن أردوغان يستثمر تلك الأزمة في حملة الانتخابات البلدية التي ستجري في 31 من الشهر الجاري، خاصة في ظل تقارير تشير إلى اتجاه الأتراك لمعاقبة حزب العدالة والتنمية في تلك الانتخابات، التي تمثل أول اختبار لسلطة أردوغان منع توسيع سلطاته الرئاسية بعد انتخابات 23 يونيو 2018.

وقال الرئيس التركي أمس أمام التجمع الجماهيري الحاشد لتحالف الشعب في ميدان “يني قابي” في إسطنبول إن “مؤسسة التنظيم والرقابة المصرفية في تركيا بدأت باتخاذ بعض الخطوات في هذا الصدد”.

وذكر محللون أن تلك التصريحات تؤكد أن أردوغان هو الذي أصدر الأوامر بإجراء التحقيق واتخاذ الإجراءات المثيرة لاستغراب أسواق المال والمراقبين. وأضاف الرئيس التركي في التجمع الذي شارك فيه، دولت باهتشلي، رئيس حزب الحركة القومية “نعلم من أنتم جميعا، وما تقومون به عشية الانتخابات. ولتعلموا أننا سنجعلكم تدفعون ثمن هذا باهظا بعد الانتخابات” في إشارة إلى من يصفهم بالمضاربين على انخفاض الليرة.

وقال أردوغان إن الأرقام الرسمية تقول إن عدد المشاركين في التجمع في ميدان “يني قابي” وصل إلى 1.6 مليون شخص. وأعرب عن ثقته “بالاحتفال هنا مجددا بعد الأول من أبريل بفوزنا في الانتخابات” رغم تشكيك بعض المراقبين بأن تكون نتائج الانتخابات محسومة لصالحه.

وترجح توقعات الأسواق أن تؤدي تصريحات أردوغان إلى مفاقمة الأزمات المالية مثلما فعلت دائما في الماضي، خاصة أنها تقوض ثقة المستثمرين بالاقتصاد
التركي وباستقلالية المؤسسات المالية والرقابية. ويستغرب المحللون ردود فعل حكومة أردوغان على تقرير جيه.بي مورغن، خاصة أنه يستند إلى بيانات رسمية تؤكد انكماش الاقتصاد التركي بشكل متسارع ومعاناة المصارف التركية من جبال الديون المعدومة المترتبة على شركات متعثرة. وجدد أردوغان أمس وعوده الاستعراضية عن المشروعات التي من المخطط القيام بها في إسطنبول، وذكر منها بدء العمل لتأسيس "وادي التكنولوجيا الحيوية" في منطقة توزلا في إسطنبول وتأسيس مركز للتطوير التكنولوجي، إضافة إلى إنشاء استوديوهات عملاقة لتصوير الأفلام.

وكانت تكلفة التأمين على الانكشاف على الدين السيادي التركي قد ارتفعت الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى منذ أواخر نوفمبر مع تضرر أصول البلاد من هبوط حاد في قيمة الليرة التركية.

وبانخفاض الليرة في نهاية الأسبوع الماضي تصل خسائرها إلى نحو 9 بالمئة منذ بداية العام، وهي تضاف إلى خسائر العام الماضي التي بلغت نحو 30 بالمئة.