بعد اجتماع بروكسيل للبحث في قضايا المهجرين وطبيعة المساعدات وحجمها المطلوب والاستماع الى مطالعة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، استشعر اللبنانيون ان هنالك مسؤولاً يعي جوانب المشكلة والحلول المنتظرة والملحة والدور الذي يمكن ان تقوم به روسيا لانها الدولة الوحيدة القادرة على ضبط خيارات الرئيس الاسد وطلب المعاملة اللائقة للعائدين.

بكلام آخر، لو أجرينا استفتاء يمثل حقيقة ردود فعل اللبنانيين، يبدو ان التعاطف مع الرئيس الحريري يكرسه في مركز الصدارة في آراء اللبنانيين وتطلعاتهم. ولا شك في ان هذه النتيجة تعبر عن ضيق صدور اللبنانيين بالمواقف المتشددة لاطراف آخرين وأهم زعماء هؤلاء الوزير والنائب جبران باسيل وهو يطرح مطالب معتبرًا انه يمثل المسيحيين.

الوزير باسيل، كما يقول عنه أول رب عمل تعاقد معه، ذكي، ومهندس بارع، ونشيط، وجميع هذه المزايا جيدة ومعترف بها وواضحة من برنامج عمله. لكن مطالباته الاخيرة واعتباره ان عدم الاستجابة لها يطيح الحكومة مبالغ فيها على ما اعتقد وادرج بعض الاسباب والحقائق.

لقد طالب الوزير باسيل دولة الرئيس بان يكون هو صاحب الكلمة الاخيرة في تعيينات المسؤولين الحكوميين من المسيحيين لانه يمثل المسيحيين، وان لم يحظ بدعم الرئيس الحريري ولم يتبدّل هذا الدور، لن تكون هنالك حكومة، فإما كلمته وإما الطوفان.

الحقيقة ان الوزير باسيل لا يحظى بتمثيل المسيحيين باعلى نسبة. فاذا نظرنا الى نتائج الانتخابات والقانون الذي أجريت على أساسه كان يساند انتخاب نواب “التيار الوطني الحر”، نجد ان عدد ناخبي التيار يقل عن عدد ناخبي “القوات اللبنانية”. واذا اعتبرنا ان “القوات” والمردة والكتائب يمثلون الطرف المناهض لسياسات الوزير باسيل، يصبح وضعه لا يتجاوز نسبة 30 في المئة من الناخبين المسيحيين وهي نسبة لا تسمح بحصر حقوق المسيحيين به او بتياره.

الوزير باسيل يدعو الى التعاقد مع البواخر التركية لتأمين عجز امدادات الكهرباء وهذا اغرب أمر، ذلك ان ممثلي التيار في الوزارات ما بعد 2008 كانوا هم المسؤولين عن تأخير أعمال تطوير معدات المصانع القائمة والاستمرار في تلويث الاجواء، وهم من أخروا تنفيذ التزام حازه رئيس شركة “بوتيك” اللبنانية التي انجزت معامل بطاقة تتجاوز طاقة أي معامل متوافرة في لبنان ولا تزال تعمل وهي المعامل التي انجزها الرئيس رفيق الحريري بطاقة 1020 ميغاوات، في البداوي 450 ميغاوات، والزهراني 450 ميغاوات، وبعلبك 80 ميغاوات، وصور 80 ميغاوات.

لقد انفق الوزير باسيل مخصصات تفوق الملياري دولار نظريًا على تحسين شبكة التوزيع، وهو عجز كما وزراؤه عن انجاز وصلة طولها 1.2 كيلومتر تؤمن تحسين التموين بنسبة 10 في المئة، وتسبب كما وزراؤه وأولهم الذي تولى الوزارة عام 2008 أي السيد طابوريان الذي كان يصر على ارجاعنا الى عهد انتاج الكهرباء باستعمال الفحم الحجري، في زيادة عجز المالية العامة دونما سبب سوى تأخير الانجاز بما يساوي 25 مليار دولار، واذا اضفنا الفوائد يتجاوز العجز، خصوصاً بعد الزيادة المطلوبة لهذه السنة، نسبة الـ50 في المئة من الدين العام.

حضرة الوزير القدير، مطلوب منك دون تعمية على الحقائق توضيح سبب تكليفك مع حلفائك زيادة الدين العام بهذا الشكل والايحاء بان الدين العام الذي يهدد مستقبل البلد هو ارث رفيق الحريري.

سيدي الكريم، زيادة الدين العام على هذا الشكل هو البرهان الاكيد على سوء الادارة، وديون رفيق الحريري على البلد توازي مع الفوائد 37 في المئة فقط من الدين العام، ومقابلها مشاريع نفذت منها الجامعة اللبنانية، توسيع مطار بيروت وتحديثه، انجاز طريق سريع الى المطار، اصلاح وترميم 260 مدرسة رسمية، انجاز مستشفى بيروت الحكومي، تنظيف المناطق الآهلة والمدينة الرياضية ووسط بيروت من الالغام، ترميم السرايا الحكومية وتوسيعها، ناهيك بالكثير من الاعمال الكبرى.

رجاء حدثنا عما حققت من زيادة الدين العام بنسبة 50 في المئة؟

ماذا فعل وزيرك الاخير، الذي سدل على صورته وقت الانتخابات لقب القيصر – نعم سيزار أبو خليل أطلق على نفسه هذا اللقب وهو الذي أكد ان الوزارة ستنور زحلة والقرى المحيطة بها بدءًا من 1/1/2019 على مدار الساعة ليل نهار، وشركة كهرباء زحلة التي انتهى وقت امتيازها، استمرت بامتياز في تأمين التيار ولا تزال، والمعارضون لعملها من نواب التيار ومنهم من كان يطمح الى القيام بهذا الدور، تحولوا الى الثناء على ما قام به اسعد نكد مع شركة أوروبية ووفروا الكهرباء بـ14 سنتاًً للكيلووات/ ساعة، بدل تحصيله من الدولة والمولدات الخاصة بـ22.5 سنتاً للكيلووات/ ساعة.

ونأتي الى مهزلة الساعات الالكترونية لقياس الاستهلاك ونشاط وزير الاقتصاد السابق من فريقك والذي أصر على تحميل أي مخالف مشترك في المولدات الخاصة لا يركب عداداً الكترونياً جزاء نقدياً ملحوظاًً.

سيدي الكريم، أرجو ان تتأكد ان هدف الانتقاد هو التحسين. فموضوع العدادات الالكترونية كان هنالك تركيز عليه في دراسة أعدت بناء على تكليف من مواطنين لبنانيين تهمهم المصلحة اللبنانية، وقام بها خبراء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عام 1996، وقد أوصلنا التقرير الى الوزير حبيقة في حينه ومن بعد باحثت الوزير طرابلسي في الامر وهو شاهد على ذلك. ووزير الاقتصاد من فريقكم الذي يطالب بالعدادات بعد انتشار المولدات الخاصة بالآلاف هل احتاج الى 23 سنة ليفيق على منافع العدادات الالكترونية، ويشرعن في الوقت ذاته المولدات الخاصة؟

لقد اهملت، حضرة الوزير، انجاز تصليحات أساسية اوضحها تقرير من البنك الدولي منذ عام 1998 ان كان للكهرباء ان تتوافر بتواصل وبتكاليف معقولة، وتوافر الكهرباء يعني تشجيع الصناعة والسياحة والدراسة والنظافة، والنجاح يستوجب انشاء الهيئة الناظمة بصلاحيات واضحة. ويستوجب اعتماد اعضاء فنيين لتسيير أمور مجلس الادارة، وانجاز غرفة تحكم الكترونية ذات مواصفات حديثة، كما يستوجب في المقام الاول، اذا كنتم تريدون التحسين، اعتماد مثال كهرباء زحلة وهو المثال المتبع في المانيا. وخلال زيارة المستشارة ميركل وفريق رجال الاعمال معها، عرضوا تنفيذ برنامج يعتمد المولدات الصغيرة التي تؤمن الاضاءة لبلدات عدة كبعلبك وشتورة ومولدات أكبر تؤمنها لمدن أكبر مثل زحلة وصور والنبطية وطرابلس وبيروت فضلاً عن مراكز التزلج الخ. وبذلك نستطيع توفير الهدر الفني وغير الفني وتحرير اراضٍ كبيرة من منشآت التوتر العالي والمتوسط والتحكم بالجباية بنسبة 99 في المئة كما في زحلة والتمويل لذلك يأتي من القطاع الخاص. وحينئذٍ تستطيعون نشر ميزانيات مدققة وربما شرح تفاصيل انفاق 350 مليون دولار سنويًا على اصلاحات غير محددة ولا الحاجة الى هذه الاصلاحات مشروحة.

الحل متوافر والمطلوب النية والشعور بالمسؤولية.