الزواج الماروني بين أركان التسوية مرشح للاستمرار ولم تهزّه عاصفة الوزير جبران باسيل التي تحولت منخفضاً جوياً ضئيل النتائج بعد يومين من السجال الإعلامي.
 

فباسيل الذي اعتاد أن يرفع السقف الى الدرجة القصوى لكي يقطف ثمار النتائج، عاد وهبط على مُدرّج التسوية، بعدما واجهه تيار «المستقبل» بتصعيد كان أعلى من التصعيد الذي أبداه، وهذا لم يعتده في العلاقة المستجدة مع رئيس الحكومة سعد الحريري.

الواضح أن التسوية قائمة والحكومة قائمة، وأن أحداً من الاطراف لا يريد هزّها مع العلم أن هذه التسوية لا يمكن ان تهتز الا بقرار يتخذه الحريري الذي يملك مصير الحكومة، وقرار استقالتها، او بقرار «حزب الله» الذي يمتلك وحده الغالبية والثلث الذي يقيل الحكومة، وبينهما لا يملك فريق رئيس الجمهورية اكثر من مجرد رفع السقف والصوت، لتحصيل مكاسب لا تتجاوز تقاسم التعيينات، وغيرها من تقاسم النفوذ.

الحكومة باقية على الأقل في انتظار صدور حكم المحكمة الدولية، في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، الذي ينتظر أن يدين عناصر وقياديين من «حزب الله» في المسؤولية عن الاغتيال، وحتى ذلك الحين، فالضرورة المشتركة تملي استمرار الحكومة، علماً ان المحطات الدولية والعربية التي تنتظرها ليست بقليلة.

وتوجز مصادر مطلعة المحطات التي ستواجه الحكومة، ومؤشراتها بالآتي:

ـ أولاً، لم تكن حملة «حزب الله» على الفساد، إلّا مقدمة لاستباق ما سيأتي من تطورات، في موضوع العقوبات المتصاعدة على الحزب وفي الحكم المرتقب من المحكمة الدولية، فالعقوبات في طريقها لأن تكرّس حصاراً على الحزب سيزداد مع صدور رزمات جديدة منها، ومع التحضير لمؤتمرات دولية لتشديد هذا الحصار الذي بات يتخذ بُعداً ثلاثياً على كل من ايران والنظام السوري و«حزب الله»، وآخر المؤشرات، لا بل أولها، توقيف رجل الاعمال السوري مازن الترزي الذي استبقت به الكويت زيارة وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو لها، في اشارة الى الامتثال للعقوبات.

ـ ثانياً، إن هذا الاستباق الذي تمثل في محاولة الانقضاض على السنيورة، كان رسالة للحريري، فحواها التلويح بفتح معركة داخلية هدفها الضغط عليه، لاتخاذ موقف رسمي من العقوبات، والاستعداد لاتخاذ موقف من حكم المحكمة الدولية، الذي سيوضع فور صدوره على طاولة المجتمع الدولي كون المحكمة صادرة بموجب الفصل السابع، ما يعني انّ المطالبة بتسليم المتهمين ستكون لها أبعاد قانونية دولية معروفة.

ـ ثالثاً، إنّ استمرار الحكومة مرتبط بهذه العوامل التي في صلبها زيارة بومبيو للمنطقة ولبنان، وما سيصدر عنها من نتائج، وليس مرتهناً للنزاع على تقاسم النفوذ، كما حصل في الايام الماضية، فالنزاع على النفوذ سقفه ممسوك، في حين انّ ما يمكن ان يفجر الحكومة، متصل بما يجري في المنطقة، بارتداداته اللبنانية، فـ«حزب الله» يطرح على المشاركين في الحكومة، وبالتحديد على رئيسها، تحدي الاختيار بين تقديم الغطاء الرسمي له في مواجهة العقوبات، أو الانصياع لهذه العقوبات، أي «إما ان تكونوا معنا او مع الاميركيين»، والمفارقة انّ اللغة الاميركية تقترب من هذه المعادلة، فإما ان يفصل لبنان الرسمي نفسه عن «حزب الله»، أو يتعرض للعزل والحصار اسوة بالحزب، ولن يكون توقيف رجل الاعمال السوري سوى نموذج مصغّر عن التشدد في تطبيق العقوبات، ولن يكون للبنان داعم عربي او دولي اذا استمر في ان يكون متراساً للحزب، مع ما يعني ذلك من اتجاه لتقييد المساعدات واعادة النظر في مؤتمرات الدعم، والتعامل المختلف ديبلوماسياً واقتصادياً، وفي كل المجالات.