ستدخل بيروت أسبوعاً صعباً تتشابَك فيه هبّة التأزم الداخلي مع التحديات الخارجية التي يرتبط بها لبنان.
 

ينتظر البلاد مرحلتان من التجاذب على خلفية مواقف لها ارتدادات على الواقع السياسي اللبناني وهما مترابطان بين الخطوات ذات البعد الدولي والتجاذبات ذات البعد المحلي، إذ يتجلى البعد الدولي لما قد تشهده الساحة اللبنانية بعد تحديد روسيا موعدا لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون لزيارتها، لكن الحراك الأميركي المكثف على الساحة الداخلية من خلال زيارات موفدين خاصين وصولا إلى تتويج هذا الأمر بزيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى لبنان، في موازاة زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى العراق وقراره تعزيز حضور بلاده هناك وكذلك عدوله عن الإنسحاب من سوريا، أعطيا إشارة واضحة لموسكو بأن واشنطن تندفع نحو المنطقة من جديد. 

ويتجلى البعد الداخلي في بروز بوادر تباعد بين رئيس الحكومة سعد الحريري وبين رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل على خلفية كلامه الأخير من تعطيل الحكومة رغم أنها تصنف الأولى للعهد الذي يراهن عليها. 

وعليه ستدخل بيروت أسبوعاً صعباً تتشابَك فيه هبّة التأزم الداخلي مع التحديات الخارجية التي يرتبط بها لبنان من بوابة المواجهة الأميركية الإيرانية التي ستحضر في المحطة البارزة لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في العاصمة اللبنانية بعد أيام قليلة والتي يشكّل حزب الله أحد عناوينها الرئيسية.

إقرأ أيضًا: أجواء مشحونة بالتوتر تسيطر على الحكومة!!

ولم يكن ينقص لبنان الرسمي، الذي سيَسمع من بومبيو كلاماً غير مفاجئ عن وجوب الالتزام الصارم بالنأي بالنفس واعتماد  خيارات وطنية للحكومة وعدم السماح بتمدُّد نفوذ  حزب الله، سوى تصريح قائد الحرس الثوري الإيراني عن أن  كل الأراضي الإسرائيلية تحت مرمى صواريخ  حزب الله  وهو الكلام الذي انطوى على رسائل عدة برسْم بومبيو، الذي سيحط في اسرائيل قبل انتقاله إلى بيروت.

وفي الطريق الى وصول بومبيو، تترقّب المصادر السياسية حصول مساعٍ للتهدئة على خط  التيار الوطني الحر تيار المستقبل، كشفت تقارير ديبلوماسية غربية ان زيارة وزير الخارجية الاميركية مارك بومبيو الى المنطقة نهاية هذا الاسبوع، قد تشكل محطة تحول للسياسية الأميركية في الشرق الاوسط، لما قد يطرحه من ملفات حساسة ودقيقة على المسؤولين في المنطقة.

فوفق المصادر، فإن الزائر الاميركي المتوقع ان يعرج على لبنان نهاية هذا الاسبوع، سيؤكد سياسة الولايات المتحدة من اهمية محاربة الارهاب والقضاء على كل جيوبه في المنطقة، وما يشكله من خطر ليس على الدول الاجنبية انما على العالم بأسره. 

بومبيو لن يكون ديبلوماسيا ومرناً في موقفه من مسألة ايران والتعامل معها، كما من مسالة العقوبات المفروضة على حزب الله، وقالت ان من الأولويات الأميركية في الشرق الأوسط اليوم اضافة الى الحرب الدائرة في سوريا، وقف اي تململ او تغلغل لايران وحلفائها في المنطقة، وفرض عقوبات قاسية في حق كل من يتعامل معها، او يسيس توجهاتها، ولفتت التقارير الى ان الخطوات التي اتخذتها الادارة الأميركية في فرض عقوبات على حزب الله وكل من يتعاون او يشارك في تمويل الارهاب، بدأت تظهر جليًا.

إقرأ أيضًا: بومبيو في بيروت والهدف إحياء خط هوف

من هنا، فان الوزير الاميركي قد يضع المسؤولين في الخطوات اللاحقة التي يمكن ان تتخذها الادارة الاميركية، وسيحذر من مغبة التمادي في التعاطي مع ايران لاسيما الشقين الاقتصادي والعسكري، ضاربا عرض الحائط كل القرارات الدولية الصادرة في هذا المجال. كذلك فان مسألة عودة النازحين السوريين الى بلادهم، وما تشهده الساحة السياسة اللبنانية والدولية من تجاذبات وتباينات حولها، ستكون في صلب محادثات بومبيو في بيروت.

وفي هذا الاطار كشفت المصادر المتابعة للزيارة ان الادارة الاميركية ستكون واضحة وصريحة في التعبير عن رفضها العودة الآمنة الى سوريا طالما ان الحرب لم تنته بعد، ولم يتم التوصل الى تسوية سياسية تنهي نظام بشار الاسد، وقالت ان الادارة الاميركية لا تشجع اطلاقا عودة العلاقات اللبنانية السورية الى طبيعتها قبل الحل السياسي، في اشارة الى ما يحكى عن اعادة التطبيع مع النظام السوري، خصوصا وان تقارير ديبلوماسية وصلت الى الادارة الاميركية تؤكد ان النظام مازال يمارس قوته ونفوذه على العائدين، ان عبر الملاحقات او التقدم الى الخدمة العسكرية، او الاعتقال فالمناطق السورية لا تنعم كلها بالآمان، باستثناء المناطق العسكرية الخاضعة للتحالف الدولي.

المراقبون يتوقعون ان يطرح المسؤول الاميركي موضوع الفساد ومكافحته، ليس من باب التطفل في  الشأن الداخلي، انما من باب اهمية وقف الهدر والفساد واجراء الاصلاحات اللازمة كي لا يخسر لبنان ثقة المجتمع الدولي على ابواب البدء في تنفيذ مقررات سيدر. هذا ما سيقوله بومبيو للبنان ويرحل. وعليه فأن ابعاد لبنان عن الصراع الاميركي الايراني يشكل مصلحة وطنية عليا.