"Brexit" هي مختصر لعبارة "British exit" أو خروج بريطانيا، وتعني مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 دولة. وقد شهدت #بريطانيا استفتاء في العام 2016 صوتت فيه الغالبية بنتيجة 51.89% لمصلحة الخروج من الاتحاد بعد أن ظلت عضواً لأكثر من 40 عاماً. وقد بات الخروج قريباً في 29 آذار من عام 2019. وهناك أسباب عديدة دفعت بريطانيا للخروج من #الاتحاد_الأوروبي منها: التخلص من عبء اللاجئين والمهاجرين حيث يساعدهم في توفير 350 مليون جنيه إسترليني أسبوعياً، وهو ما يعادل نصف ميزانية التعليم الأسبوعية فى إنجلترا، والخوف من انضمام تركيا للاتحاد، وزيادة النفوذ الدولي والحصول على مقاعد في مؤسسات عالمية.
 
 
تداعياته على بريطانيا
 
يقدّر الاقتصاد البريطاني بحجم يوازي سدس الاقتصاديات الأوروبية مجتمعة، وتشكل صادرات بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي 47% من صادراته الإجمالية كما تشكل وارداتها منه نسبة 53% من مجموع وارداتها من دول العالم.
 
ويرتبط بهذه الصادرات والواردات ما يزيد على عدد 3 ملايين و150 ألف وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر. وتقدر حجم الديون البريطانية لدى الاتحاد الأوروبي بأكثر من 60 مليار أورو. ويعتبر صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OCDE أن بريطانيا هي الخاسر الأكبر من البريكست. وتقدر هذه المؤسسات حجم الخسارة المحتملة بـ224 مليار جنيه استرليني. وكشفت دراسة أعدها المعهد الوطني للدراسات الاقتصادية والاجتماعية في بريطانيا أن اتفاقية البريكست ستكلف بريطانيا 100 مليار جنيه استرليني سنوياً بحلول عام 2030. وستنخفض حصة الناتج المحلي لكل بريطاني 3%. ووفقاً لخبير اقتصادي في بنك إنكلترا، فإن البريكست، منذ التصويت عليه في عام 2016 يكلّف الاقتصاد البريطاني سنوياً نحو 51 مليار دولار أو ما يعادل مليار دولار أسبوعياً. ويقدّر الخبير الاقتصادي أن بريطانيا تخسر منذ التصويت على البريكست نحو 2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي أو ما يعادل 100 مليار دولار خلال العامين الماضيين. وقال بنك انكلترا إن فرص حدوث ركود اقتصادي في العام 2019 أصبح 25 في المئة. وبحسب "الإيكونوميست" فإن البريكست سيجعل بريطانيا أكثر فقراً. وتوضح دراسة أعدتها مؤسسة "برتلسمان" الألمانية بأن البريكسيت وتبعاته ستؤدي إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي البريطاني بنسبة 3% بحلول 2030، ما يعني خسارة حوالى 80 مليار جنيه جراء ذلك.
 
 
رفع الضرائب
 
ومن الممكن أن ينجم عن الخروج من الاتحاد رفع الضرائب على البريطانيين وخفض النفقات وذلك لتعويض نقص مالي بقيمة 30 مليار جنيه إسترليني، كما أكد على ذلك وزير المالية البريطاني. وقد تعرّض الجنيه الاسترليني لتقلبات حادة منذ أن صوّت البريطانيون للانفصال عن الاتحاد الأوروبي في حزيران 2016، ولا يزال متراجعاً بنحو 14% أمام الدولار منذ يوم الاستفتاء. وتوقعت وكالة "ستاندرد آند بورز" أن ينخفض سعر صرف الجنيه الاسترليني بنسبة 15% مقابل الدولار، إذا فشلت الصفقة وخرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. وتوقع بنك إنكلترا أن يفقد الجنيه الاسترليني ربع قيمته في حال خرجت بريطانيا دون اتفاق. وقد قررت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني في شباط 2019 وضع التصنيف الائتماني لبريطانيا "تحت المراقبة السلبية" في ما تبحث خفضه، وذلك بانتظار نتيجة مفاوضات البريكست مع الاتحاد الأوروبي.
 
وقالت الوكالة إنها تبحث خفض علامة الديون السيادية لبريطانيا، مشيرة إلى أن السبب في ذلك يعود إلى العواقب السلبية على النمو الاقتصادي في حالة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. وبحسب صحيفة "الواشنطن بوست" في 10 آذار 2019، فإن الشركات البريطانية اضطرت إلى إنفاق الملايين من الدولارات على التخطيط للطوارئ وبخفض الوظائف، وقام البعض بنقل عملياته إلى خارج بريطانيا. وذكرت صحيفة "الغارديان" في 12 آذار تنامي عدد الشركات البريطانية التي تسعى إلى تخفيض عدد الوظائف أو تعليق خطط التوظيف لديها. وذكرت مؤسسة "نوفيلد تراست" بأن الاضطراب بعد البريكست سيؤثر في حجم المعروض من الأدوية وستتحمل هيئة التأمين الصحي البريطاني تكلفتها والتي تقدر بـ 2.3 ملياري جنيه بحلول عام 2020. ويعاني قطاع العقارات من ضبابية، حيث وصلت أسعار العقارات إلى أدنى مستوى لها منذ 5 سنوات. إذ تباطأت الأسعار على أساس سنوي نحو 10% .
 
وتوقع بنك إنكلترا هبوط أسعار العقارات 30% في حال الخروج دون اتفاق. وقد طرح الخروج من الاتحاد الأوروبي تساؤلات عن مدى تأثيره على موقع المدينة London City كمركز مال وأعمال عالمي وانعكاساته الاقتصادية محلياً وأوروبياً، إذ إنه نحو 40% من المعاملات الدولية داخل دول الاتحاد تدار في لندن. وإن أكبر تداعيات البريكست تكمن في موجة هروب المصارف من بريطانيا حيث تتسابق مدن أوروبية لتحقيق مكاسب من الكارثة.
 
فقد ذكر تقرير مؤسسة "نيو فاينانشال فاكتوري" البحثية أن أكثر من 275 شركة مالية تعمل على نقل أصول وصناديق بقيمة 1.2 تريليون دولار وآلاف الموظفين من بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي مع البريكست بتكلفة تصل إلى 4 مليارات دولار. وقال التقرير إن التحول بنسبة 10% في النشاط المصرفي والتمويلي سيخفض إيرادات الضرائب في المملكة المتحدة بنحو 1%. وكان تقرير لمؤسسة "إرنست أند يونغ" للاستشارات والأبحاث قد أكد أن متابعة بيانات المؤسسات المالية تشير إلى رحيل أكثر من تريليون دولار من الأصول المصرفية إلى خارج بريطانيا حتى نهاية العام الماضي ومن المتوقع أن تكون قد تزايدت منذ ذلك الحين.
 
تداعياته على الدول الأوروبية
 
 
في تموز 2016 ذكر تقرير لوكالة التصنيف "#موديز" أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤثر بشكل واضح في بعض الدول الأوروبية، ومنها بلجيكا وإيرلندا وإسبانيا وقبرص. ويقول صندوق النقد الدولي إن كلاً من بلجيكا وهولندا والدانمارك ستفقد 1% على الأقل من إجمالي ناتجها المحلي، وتوقع أن تصل الخسائر في إيرلندا إلى 4%، وذلك خلال 5 سنوات القادمة. وأظهرت الأرقام الصادرة عن معهد التعليم والتأهيل والإحصاء في بلجيكا إن خروج بريطانيا من الاتحاد قد يترتب عليه خسارة في قطاع الوظائف في البلاد. وتشكل البريكست تهديداً لمصالح 3,6 ملايين أوروبي موجود في بريطانيا. ونشرت صحيفة "فيلت أم سونتاغ" الألمانية الأسبوعية أن تأثير حدوث خروج غير منظم لبريطانيا على إجمالي العمالة لن يكون كبيراً على هذا النحو في أي دولة أخرى مثلما هو الحال في ألمانيا. وتعتبر هولندا من أكثر الدول المستفيدة من البريكست حيث كشفت وزارة الاقتصاد الهولندية أن 42 شركة بريطانية حولت مقارها من بريطانيا إلى هولندا خلال العام الماضي بسبب مخاوف الخروج الوشيك من الاتحاد الأوروبي دون التوصل إلى اتفاق. ويضاف ذلك إلى 18 شركة أخرى نقلت مقارها من بريطانيا إلى هولندا عام 2017 . ويتوقع أن تستفيد البنوك الألمانية والدولية في فرانكفورت من #البريكست حيث سترتفع حصتها إلى الخمس، وستنتقل آلاف القوى العاملة في هذا القطاع إلى فرانكفورت.
 
فهل ستكون البريكست مقدمة لتفكك الاتحاد الأوروبي والعودة إلى الدول القومية الأوروبية؟
 
أيمن عمر- باحث في الشؤون الاقتصادية والسياسية