شهران مرّا على «اللقاء الماروني» المُوسع الذي شهدته بكركي في 16 كانون الثاني 2019. كذلك، بلغ عمرُ لجنة المتابعة المُنبثقة منه شهرين عقدت خلالهما إجتماعها الأول، أما الثاني فموعده قريب. ولدى بكركي «أمل كبير» في هذه اللجنة ونتائج عملها.
 

عَقْد اللجنة إجتماعها الأول وتالياً استمرار إجتماعاتها وإنكباب أعضائها على العمل وتواصلهم بعضهم مع بعض ومع بكركي يعطي إشارة أمل أولى إلى أنّ عمل «الخلية» قد يُثمر فائدةً للبنانيين، فقد يأتي حلُّ أزمة النزوح السوري من إجتماعات بكركي، وكذلك التعيينات في الدولة... أمّا إشارة الأمل الثانية فهي أنّ «الهمَّ المشترك» يَجمع المجتمعين، وأنّ جوَّ لقاءاتهم إيجابي وقد كُسر كثيرٌ من الجليد في ما بينهم، فالنقاشات تتمّ بسلاسة والأفكار والمواضيع تُطرَح بموضوعية.

اللجنة موزاييك من الأحزاب والشخصيات المسيحية، تضمّ 7 نواب: ابراهيم كنعان («التيار الوطني الحر»)، جورج عدوان («القوات اللبنانية»)، سامي الجميل («الكتائب اللبنانية»)، اسطفان الدويهي (تيار «المردة»)، فريد الخازن، هادي حبيش، ميشال معوض، إضافة الى المطران سمير مظلوم. 

عقدت اللجنة اجتماعَها الأول في بكركي في 25 كانون الثاني الماضي، وكان طويلاً وتابع خلاله المجتمعون العناوين التي طُرحت في اللقاء الموسّع، وكانت أجواء الإجتماع جيدة، وتبيّن خلاله أنّ هناك رؤية واحدة و نقاطاً مشتركة بين النواب حول كثير من المواضيع.

واتُفق على أن تعمل اللجنة بعيداً من الأضواء والإعلام ليُثمر عملها نتيجة، وأن تبقى مُداولاتها «سرّية» لكي لا تأخذ منحىً طائفياً، فالمبتغى من عملها هو التوصّل إلى حلول وطنية لأزمات وقضايا عدة لمصلحة لبنان لا المسيحيين فقط، وإذا أُعلنت مداولات اللجنة وقراراتها قد يظهر مَن عَملُه اللعب على الغرائز الطائفية، فـ»يُطيّف» قرارات اللجنة وتُتهم بكركي بأنها تتفرّد، وبالتالي يُعرقل العمل الذي تفرض الأخطار المحدقة أن يؤتى بنتائج عملية. فمهمة هذه اللجنة «التفكير معاً» لتقريب وجهات النظر حول مواضيع وطنية كبرى، ونتيجة عملها ستكون في خدمة لبنان واللبنانيين لا المسيحيين فقط، وليست لغاية «التقوقع»، فحين يتوصل المجتمعون إلى رؤية موحّدة حول موضوع معيّن ينقلونها إلى كتلهم النيابية التي بدورها تنقلها إلى بقية الكتل والنواب.

المواضيع التي تطرحها اللجنة حساسة، «وكلما كان العمل عليها بعيداً من الإعلام كلما تعزّز الأمل في نجاحه». لكنّ، هناك إمكانية لدعوة الإعلام إلى اجتماع اللجنة المقبل أو أيِّ إجتماع آخر لها، إنما لالتقاط الصور فقط، فبالنسبة إلى بكركي «المطلوب من اللجنة ليس إصدار بيانات وإطلاق مواقف إنما العمل والإنتاج».

حتى الآن، عقدت اللجنة إجتماعاً واحداً ومن المُرتقب أن تعقد إجتماعها الثاني خلال الأيام العشرة المقبلة، لكنّ لقاءاتها مفتوحة ونشاطاتها مستمرة، كذلك التواصل بين أعضائها وبكركي مستمر، ومن أبرز المواضيع المُلحّة بالنسبة إليهما هو موضوع النازحين السوريين، ودار الحديث عنه في الإجتماع الأول وسيتوسّع النقاش فيه أكثر في الإجتماع المُقبل.

وترى بكركي أن «لا خلاف بين المسيحيين حول النزوح السوري، لا بل إنّ جميع اللبنانيين يريدون أن يعود النازحون إلى بلادهم وأن يحافظوا على تراثهم وتاريخهم وأرضهم ووطنهم، فهذا حقهم المشروع. ومن الناحية الإنسانية تعاطفنا جميعاً معهم، لكن لبنان لم يعد يتحمّل ثقل الموضوع عليه، وكذلك أيّ من اللبنانيين لم يعد يتحمّل. هناك غيبوبة، ولا أحد يعي خطورة النزوح السوري على لبنان، وكلما تأخرنا كلما إزداد الخطر. المجتمع الدولي غير مبالٍ، يتحدثون عن عودة آمنة ويراوغون وهذا يخيفنا من تكرار تجربة اللجوء الفلسطيني مع النزوح السوري. فمَن يتحمّل ذلك في لبنان؟ وكيف يتحمّل لبنان، إضافة إلى سكانه، نصف عددهم من النازحين؟».

الموقف المُوحَّد حول هذا الموضوع الذي تسعى بكركي إليه هو «المطالبة بفصل عودة النازحين السوريين عن الحلّ السياسي السوري ومطالبة المجتمع الدولي بمساعدتهم وتشجيعهم على العودة، وأن يساعدوهم داخل سوريا التي تبلغ مساحتها 18 ضعفاً لمساحة لبنان وتوجد فيها مناطق آمنة، فيما المجتمع اللبناني لم يعد آمناً، وأين أمن اللبنانيين الإجتماعي والسياسي والإقتصادي والديموغرافي؟».

لكنّ اللجنة لن تنضمّ إلى صفِّ طارحي المبادرات لتحقيق عودة النازحين، كذلك لن تطرح أيّ مبادرة لأيّ موضوع، بل إنّ عملها محصور في إجراء الأبحاث وعقد إجتماعات مع اختصاصيين وخبراء لدرس المواضيع بطريقة علمية ودقيقة، ثم توحيد موقف النواب حولها ونقلها إلى كتلهم النيابية. فاللجنة عبارة عن خلية عمل ومختبر، تُنتج أفكاراً ولا صفة لها لإتخاذ القرارات. ويبدو أنها تأخذ على عاتقها العمل المؤسساتي برعاية بكركي والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بغية مساعدة مؤسسات الدولة وتقديم «الاقتراحات الوطنية» لمجلس النواب ليُشرِّعها ويُقرّها قوانيناً لجميع اللبنانين.

كذلك، تطرح اللجنة قضايا مسيحية لكن بأبعاد وطنية، مثل التعيينات ووضع المسيحيين في الدولة والإدارات، وتسعى إلى أن «يتوحّد القادة المسيحيون حول هذه القضايا والتنسيق بعضهم مع بعض حولها وتغليب المصلحة الأعلى على المصالح الصغيرة، فالخلل داخل الدولة يهدد العيش المشترك والميثاق الوطني والدستور وكل الكيان والهوية اللبنانية».

كل هذه الإجتماعات والإتصالات واللقاءات والأبحاث تتمّ برعاية الراعي الذي يتابع شخصياً عمل اللجنة «خطوة خطوة» ويستشير المتخصصين والخبراء ويطلب دراسات معيّنة ويعطي توجيهاته ويبدي رأيه، وهو «حازم» ومُتشدد في ضرورة نجاح عمل اللجنة، أملاً في درء الخطر والمساهمة مجدداً في الحفاظ على لبنان.