إحتلت أزمة عدم مشاركة وزير شؤون النازحين صالح الغريب في مؤتمر بروكسل، حيزاً واسعاً من النقاش السياسي، تجاوز «المعقول» في هذه المرحلة بالذات، ولو أنّ الجميع يدركون جيداً أنّ ترجمة مشاركة الوزير المعني في الملف لن تتعدى أكثر من جلوسه خلف رئيس الحكومة سعد الحريري خلال أعمال المؤتمر.
 

هذا يعني أنّ ضمّه إلى الوفد اللبناني هو خطوة معنوية من جانب رئيس الحكومة لها رمزيتها السياسية ربطاً بنظرة الغريب لا أكثر لهذا الملف، خصوصاً وأنّ موقف لبنان سيعبّر عنه رئيس الحكومة حصراً، وبالتالي إنّ موقف وزير شؤون النازحين لن يكون ذا تأثير على الدول المشاركة في المؤتمر، ولا يتعدّى تسجيل موقف.

وعلى رغم من إقرار القوى السياسية الجالسة على طاولة الحكومة، بمبدأ التعايش الطوعي على اختلاف مواقفها من مسألة النازحين خصوصاً، إلا أنّها أصرّت على تكبير «حجم» خلافها من قضية عدم مشاركة وزير شؤون النازحين، وكأنها تملأ فراغاً مريباً في أدائها، فيما يُفترض أنها في عزّ نشاطها الحكومي، بعد أسابيع قليلة على ولادة الحكومة، قادرة على تجاوز هذا المطب لتصبّ تركيزها على مسائل أكثر إلحاحاً.

الأجواء المحيطة بعمل الحكومة تشي وكأنّها في مرحلة تصريف أعمال، تقطّع الأيام الأخيرة من عمرها، فيما يُنتظر منها أن تكون في حركة دائمة، يصل وزراؤها ليلهم بنهارهم، خصوصاً أنّ «رادارات» المجتمع الدولي، وتحديداً الدول والهيئات المانحة المشاركة في «سيدر»، مركّزة على الساحة اللبنانية لمراقبة تفاصيل أداء مؤسساتها الرسمية.

ولهذا، اشتكى رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل أمام أعضاء تكتل «لبنان القوي»، خلال الاجتماع الأخير كما تفيد المعلومات، من بطء الحركة الحكومية وتراخيها. حسب العونيين، لا بدّ للحكومة من أن تكون في مسار انتاجي أكبر وأسرع، خصوصاً أنّها لا تملك ترف الوقت ولا ترف التساهل في نشاطها، وبالتالي لا بدّ من تكثيف الوقت والمجهود لوضع الخطط على الطاولة ومناقشتها واقرارها في أسرع وقت.

حسب هؤلاء، لا تزال الحكومة تعاني من عجز بنوي وكأنّها مصابة بشيخوخة مبكرة، فيما يُفترض أن تسارع مثلاً إلى مناقشة مشروع الموازنة العامة، خصوصاً وأنّ وزير المال علي حسن خليل، يؤكّد أنّ دوائر وزارته انتهت من وضع المشروع، وبالتالي من الضروري الاسراع في ارسالها إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء لوضعها على جدول الأعمال. ويلفتون إلى أنّ لبنان أمام مهمة وطنية، وهي توجيه إشارات جدية إلى الدول والهيئات المانحة في «سيدر» تؤكّد حرص لبنان على وضع قطار الإصلاحات المالية والإدارية على سكة التنفيذ، مشيرين إلى أنّ ما يحصل لا يتطابق أبداً مع هذا الواجب، سواء لناحية «الكسل» في العمل الحكومي أو لجهة إقرار مسائل تزيد من علامات «الشُبهة» في أداء السلطات اللبنانية، منها مثلاً منح الدرجات الست للأساتذة.

ويعتبر»العونيون» أنّ نمط الحكومة إلى الآن، لا يزال دون المستوى المطلوب لمواكبة الإصلاحات التي تنظرها الدول الغربية، وبالتالي لا بدّ أولاً من تكثيف اجتماعات الحكومة، واذا ما اضطر الأمر عقد جلستين أسبوعياً لتأكيد حسن نية لبنان في العمل الجاد.

ويؤكّدون، أنّ بعض المشاريع التي أُقرّت خلال مؤتمر «سيدر» تحتاج إلى إعادة درس وتقويم، ولذا على رئاسة الحكومة المبادرة الى الدفع في اتجاه تحريك هذه المشاريع وتنقيحها مع الوزارات والمجالس المعنية، لتكون جاهزة في أسرع وقت، خصوصاً وأنّ التنقيح لن يحصل بين ليلة وضحاها وانما يحتاج إلى جلسات من النقاش والبحث.

ومع ذلك، يرفض «العونيون» توصيف مقاربتهم بالشكوى الاعتراضية أو السلبية، تجاه رئاسة الحكومة خصوصاً، مشيرين إلى أنّ الهدف، هو توجيه إشارات جدية إلى الخارج لتجنّب الأسوأ، خصوصاً وأن مجلس النواب رفع منسوب جهوزيته ونشاطه، وعلى الحكومة أن تكون في المستوى نفسه، وأكثر.