أكد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أن "ليس في تاريخ الشعوب وأحزابها تجربة تشبه تجربة "القوات اللبنانية"، مشيرا إلى أنه "اذا كان يحق للقاضي ان يجتهد في تفسير القانون او في توصيف الوقائع فإنه ليس من حقه على الإطلاق ان يشوه التاريخ او ان يسبغ قناعات سياسية لديه على نزاع قانوني بحت، كان يتعين عليه ان يفصل به دون أي رؤى شخصية او تحاليل تاريخية فئوية من شأنها اضعاف الحجة القانونية، والأهم دون رأي مسبق لم يطلب احد منه أصلا ابداءه في تاريخ احد فرقاء النزاع ونضاله ومقاومته، الأمر الذي هو خارج النزاع موضع البحث تماما، وبالتالي خارج إطار صلاحياته تماما".


ووجه جعجع، في مؤتمر صحافي عقده (الجمعة)، رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، فقال: "نخشى ان الحكم في قضية الـ"LBC" لم يصدر باسم شريحة واسعة من هذا الشعب، وهو لم ينصف الشريحة الواسعة عينها. فأتى مختل المنطق، فاقد الشرعية، ذاهلا عن جادة الحق"، داعيا "رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء، ونواب الأمة كما وزير العدل بصفته وزير الوصاية على العدل في لبنان، بالإضافة الى مجلس القضاء، الى التوقف مطولا عند الانحراف الجوهري الذي طبع الحكم موضع الشكوى، واتخاذ كل التدابير اللازمة لكي لا يتعرض لبنانيون مستقبلا لمثل ما تعرضت له "القوات اللبنانية" حاضرا".

"تمييز عنصري"

وكان جعجع استهل مؤتمره الصحافي بالقول: "نحن لسنا هنا اليوم في صدد البحث في الإستئناف في قضية الـ"LBC" باعتبار أن لا مشكلة لدينا مع الجانب القانوني من القضية، وإنما لاحظنا أن هناك في حكم البداية انحرافا قضائيا ويمكننا القول إذا ما استطردنا إنه في مكان ما أننا تعرضنا للتمييز العنصري وهذا ما لا يمكننا أن نقبله لأنه بغض النظر عن القضية أو التلفزيون أو أي أمر آخر فهذا موضوع يرتبط بشكل كبير بالهوية، لذا نحن اليوم في صدد توجيه هذه الرسالة إلى الرئيس عون، الرئيس بري والرئيس الحريري".

وردا على سؤال قال جعجع: "إن الإستئناف هو متابعة قانونية لا مشكلة لنا معها وفي حكم البداية تبين حقنا القانوني إلا أنني ما أتكلم عنه اليوم هو أخطر بكثير من هذا الأمر وهو أن هناك قاضيا أو قاضية سمح لنفسه أن يذهب في حكم قضائي إلى حد أن يقول لطرف يمثل أمامه في المحكمة إنه لا يعترف به أو بوجوده. لذا نتوجه اليوم إلى المرجعيات السياسية والقضائية العليا في البلاد من أجل تدارك هذا الأمر لأن فيه تمييزا عنصريا غير مقبول".

وعن الحملة التي تسوقها الـ"LBC" اليوم بحقه وبحق "القوات" ومطالبة رئيس مجلس إدارتها بتعويض من "القوات" قدره 5 ملايين دولار، قال جعجع: "هو أخذ من "القوات" 500 مليون دولار فكيف له أن يطالب بتعويض، المشكلة هنا أنه "طق شلش الحياء"، فمنطق (بيار) الضاهر كان يقوم على أنه اشترى التلفزيون من "القوات" إلا أن حكم البداية أظهر عكس ذلك لذا من الأجدى على الأقل بالمعنيين الصمت".

"رسالة مفتوحة"

وقال جعجع في الرسالة المفتوحة التي وجهها الى عون وبري والحريري: "إن حزب "القوات" نشأ من رحم حرب دارت رحاها على ارض لبنان، فكان نشوء القوات نتيجة للحرب لا سببا لها، مقاومة أهلية شعبية في بقعة جغرافية أولا، ثم تنظيم ومؤسسة غلب طويلا جناحها السياسي الاجتماعي على طابعها العسكري، ثم في لحظة من الزمن حزب يمثل معظم مسيحيي لبنان وقسما من مسلميه، أوصل رئيسا منتخبا وفق الأصول الدستورية للجمهورية. هو نفسه الحزب الذي عمدت سلطة الوصاية الى حله واعتقال رئيس هيئته التنفيذية، تسهيلا لفرض قبضتها على لبنان، ونفت، للغاية عينها، قادة آخرين قسرا الى الخارج، ومنهم رئيس الجمهورية الحالي العماد ميشال عون. وهو نفسه، اخيرا، الحزب الذي يشارك اليوم في اساس تكوين السلطة الحالية بكتلتين نيابية ووزارية وازنتين، مع كتل لأحزاب اخرى شاركت هي أيضا في الحرب اللبنانية التي امتدت لخمسة عشر عاما".

ولفت جعجع الى ان "لا بد بعد هذه التوطئة، المؤكدة بالتاريخ والأحداث كما وبالوجدان الشعبي العام، ان نعود للتركيز على غلبة الطابع السياسي لحزب "القوات" منذ نشأته، اذ ان من المعلوم ان عقده لم ينفرط يوم سلم سلاحه المقاوم للدولة الشرعية المولودة بموجب اتفاق الطائف، ولم يخب وهجه يوم اعتقل قائده، لا بل نما في أوساط الناس يوم صار اكثر المتمسكين بوحدة الدولة وتعزيز المؤسسات وحصرية السلاح بيد الجيش اللبناني، واستمر نموه حتى بات يمثل الرأي العام اللبناني بخمسة عشر نائبا في مختلف المناطق اللبنانية منطلقا من عدد لم يتجاوز الخمسة نواب قبل أقل من عقدين من الزمن".

اضاف: "إنه لمن ادبيات وقناعات كل فريق سياسي او كل شخصية عامة ان تختار طريقة تحمل مسؤوليتها عن المشاركة في الحرب، والقوات اللبنانية حزبا وقائدا، اختار ان يتحمل وحده وزر الحرب، عندما كان المعروض عليه الدخول في السلطة مقابل التخلي عن السيادة، وهو مقتنع بما انتهج، وقد زاده هذا الخيار مناعة وإيمانا بقضيته، الا انه، وبالمقابل، لمن العدالة والاخلاق معا ان لا يبقى اي حزب في دائرة الاستهداف، متى كان قد دفع ثمن الحرب وحيدا، كما ثمن السلم، ونكاد نقول وحيدا أيضا في المناداة بسيادة القانون بشكل كامل على كل أوجه الحياة في لبنان.

استهداف في إطار قضائي ظاهري هذه المرة، يستعيد لغة الماضي بشكل ممجوج، ويمنع على جماعة كاملة حق الاستمرار وينكر عليها حقوقا يجيزها لأمثالها ونظرائها في الوطن بصورة انتقائية عبثية بعيدة كل البعد عن الإنصاف والعدالة".

واشار جعجع الى انه "بموجب الحكم الصادر عن القاضي المنفرد الجزائي في بيروت، في نزاع قائم بين حزب القوات ومن يستولي عنوة على محطة تلفزيونية أنشأها الحزب، تشويه صارخ لوقائع، ليست أحداثا عابرة تخص فريقي النزاع، بل هي تاريخ جماعة ووطن بكامله". وقال: "لقد ارتكبت القاضية، مصدرة الحكم، كل ذلك معا واستهدفت تاريخ القوات اللبنانية كما تاريخ شريحة واسعة جدا من اللبنانيين، وأقحمت عناصر ذاتية وآراء شخصية في حكم قضائي بغير وجه حق".

"تصحيح المسار القانوني للنزاع"

واضاف: "إننا نعلم علم اليقين ان هذا الحكم سيراجع استئنافا ما يتيح تصحيح المسار القانوني للنزاع، ونعلم أيضا ان لنا الحق بمراجعة التفتيش القضائي لتقديم شكوى رسمية بحق القاضية للتحقيق في ما نراه عيوبا جوهرية في حكمها تستوجب التقصي واتخاذ التدابير اللازمة بحقها، الا أننا برسالتنا هذه نود الذهاب ابعد من مجرد استعمال حقوق حفظها القانون، نود التحذير من سلوك قضائي نرى فيه خطرا كبيرا، لأنه أعطى القاضي، في معرض نزاع يلزمه التقيد بنطاقه، حق التوسع باتجاه تقييم الخصوم وسلوكهم السابق خارج اطار النزاع، فأخرج نفسه، بالتالي، من منصة الحكم المحايد، ونزل عن محرابه يناصب فريقا من فريقي النزاع أمامه الخصومة السياسية.فكيف لنا ان نطمئن الى العدالة في لبنان؟"، مؤكدا ان "حزب القوات ربح، بموجب الحكم، الحق القانوني الذي طالب به، ولكنه خسر في السياسة من قبل من صار بارادته الخصم والحكم في آن، حيث تظهرت لنا صورة الخصم فيه بعد فوات الأوان".