يسري لدى اوساط سياسية ان عقوبات اميركية جديدة ستعلن قريباً وستشمل على نحو قد يكون مفاجئا للبعض شخصيات من طوائف مختلفة تتعاطى مع “حزب الله” في مؤشر على اتخاذ هذه العقوبات منحى جديداً ومتشددا فيما سرى ايضا قبيل مؤتمر بروكسل 3 الذي لم يشارك فيه وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب ووزير الصحة جميل جبق ان المؤتمر لن يخصص اموالاً لوزارة الصحة بل ستذهب هذه الاموال الى الوزارات الاخرى التي تعمل على خط التقدمات للنازحين. ولهذه التطورات مفاعيل سياسية انطلاقا من واقع الصراع الداخلي كما من واقع التعاطي الخارجي مع الحكومة في المرحلة المقبلة.

اذ ان سياسيين كثرا يتفقون مع رئيس الحكومة سعد الحريري في قوله ان رئيس الحكومة هو الذي يعبر عن سياسة الحكومة وهؤلاء رأوا انه اقفل باب الجدل المتمادي الذي فتح حول ضم وزير النازحين الى الوفد اللبناني الى بروكسيل من خلال التوافق بينه وبين رئيس الجهورية العماد ميشال عون علما ان الخلاف في المقاربة حول موضوع النازحين هي بين مقاربة يعتمدها رئيس الجمهورية ويسعى الى تنفيذها وزير الخارجية جبران باسيل علما ان وزير النازحين هو تحت جناح هذا الاخير من حيث المبدأ واخرى يعتمدها رئيس الحكومة. ولم يمنع التوافق في الاجتماعات التحضيرية المسبقة التي جرت العام الماضي قبل بروكسيل 2 عن تفجر خلاف في المؤتمر على خلفية اعتراض وزراء محسوبين على رئيس الجمهورية على ما كان اتفق عليه مع ممثلين لوزير الخارجية في الاجتماعات التي عقدت لهذه الغاية في لبنان مع ممثلي الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي. وتاليا فان مشاركة وزير النازحين لم تكن لتضيف الكثير على رغم ان اطلاعه على التطورات المتعلقة بوزارته هي من مهماته خصوصا ان وزارتي النازحين والصحة معنيتان بوضع هؤلاء على نحو مباشر. الثغرة الداخلية انه وفق منطق الدولة وسيادتها يجب ان يكون الوزيران ضمن الوفد اللبناني علما ان وزير النازحين فتح مسبقا على حسابه في زيارته السريعة الى دمشق. والمسألة ليست مسألة تصفية حسابات على رغم الخطأ الذي ارتكبه الوزير على هذا الصعيد ولو انه تلطى لاحقا بموافقة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة كما قال لكن الحكومة لم تكن قد اجتمعت بعد.

لكن ان يكون لبنان مضطرا من جهة اخرى الى القبول بعدم دعوة الوزيرين المعنيين انما يجب الا يحصل ذلك انطلاقا من انه اذا كان المعنيون مدركين جميعهم على نحو مسبق بكيفية تعامل الغرب مع هذه الوزارات على هذا النحو فانه كان يتعين عليهم مثلا عدم اعطاء وزارة النازحين للوزير الغريب بل حقيبة وزارية اخرى. وهذا يتحمله رئيس الحكومة كما رئيس الجمهورية وكل الافرقاء الاخرين علما انه يخشى استخدام ذلك من خصوم الحريري عبر القول انه يخضع لشروط الغرب وان سياسة البلد تحددها الدول التي تفرض على لبنان اسلوب التعامل معه. وتاليا فان المواجهة التي حصلت من اجل وزارات معينة كانت مكلفة على البلد وستكون مكلفة اكثر في المرحلة المقبلة بناء على خيارات الافرقاء اللبنانيين انفسهم وبناء على اسلوب التعامل الخارجي مع لبنان سواء قبل لبنان ام لم يقبل بذلك ولكل موقف ثمنه. لذلك من المرجح ان يكون لكل ذلك ارتدادات سلبية.

ووزارة الصحة تختلف نسبيا عن وزارة النازحين من ناحية اصرار الحزب للحصول عليها مع ادراكه المسبق برفض الولايات المتحدة وربما دول اخرى التعاون مع هذه الوزارة ايا يكن من يشغلها. وعلى هذا الصعيد فان حرمان وزارة الصحة المساعدات الخارجية وتحويل الاموال المفترضة على هذا الصعيد الى وزارتي التربية والشؤون الاجتماعية تترجم عمليا بان ليس لدى الوزارة اموالا من اجل تأمين استشفاء النازحين. فاذا كان لبنان معنيا بتعليم النازح وتقديم المساعدات الغذائية والاجتماعية له فماذا عن تأمين استشفائه وهل تتحمل الدولة المسؤولية في ذلك وهل لها القدرة من اجل تنفيذه.هناك قروض او مساعدات كانت تتوافر لوزارة الصحة لن تتوافر بسبب وجود الوزارة لدى “حزب الله” ما يعني ان هناك نتائج ستترتب على الدولة تحديدا اكثر مما ستترتب على الخارج.

اذ لم يخف عن المعنيين ملاحظة حركة وزير الصحة منذ تسلمه مهماته وانتقاله فورا الى انطلاق عمله من عكار بالتحديد والمستشفيات التي تقع من ضمن بيئة معينة معلنا رفع موازنة المستشفى في حلبا الى 7 مليار ليرة ومنتقلا الى البقاع وسائر المناطق الاخرى ما سيؤدي الى تقدير مساهمة الوزير واحراج رئيس الحكومة من ضمن طائفته في حال دعا الى التزام سقف الموازنة وعدم تخطيها.

كما انتقل الى البقاع الغربي وزحلة وجوارها معتمدا خطابا يفيد انه لن يسمح لاي مستشفى برد اي مريض وهو قادر على ذلك بقوة من يمثل ومعلنا سقفا مفتوحا للانفاق في المستشفيات الحكومية. وهذا الامر كان لافتا لجهة اذا كان الوزير هو من يحدد سقف الانفاق ام ان هذا يدخل في الموازنة التي توافق عليها الحكومة علما انها ليست في وارد الاقرار قريبا تفاديا لاحراج نفسها في الارقام التي ستعلن كما لجهة التساؤل من اين سيأتي الوزير بالمال الذي سيعطى للمستشفيات علما ان فرض السقف من جانبه قد يحرج كل الافرقاء الاخرين امام الشعب اللبناني الذي سيؤيد دعم هذه السياسة او هذا المنطق حتما في المجال الصحي. وهو امر يؤدي الى ان ينال الحزب تقديرا على ادائه على هذا الصعيد فيما تتحمل الدولة اللبنانية الاعباء المباشرة لذلك في ظل حجب المساعدات الخارجية عن الوزارة.