عادت المياه الى مجاريها بين الرئيس سعد الحريري واللواء أشرف ريفي، فإنتهت مفاعيل ثلاث سنوات من الخصومة السياسية والهجوم العنيف المتبادل بين الطرفين بثلاث دقائق فقط، نسجها عراب اللقاء الوزير السابق رشيد درباس بجهود كبيرة من الرئيس فؤاد السنيورة الذي فتح منزله للمصالحة، وأقنع ريفي بعدم الترشح في طرابلس وبدعم ديما جمالي، وتحدث وأعلن هذا الموقف عنه.

كيف تمت المصالحة من التحضير الى إنجازها يوم أمس؟

تقول المعلومات أن لقاء على عشاء جمع اللواء ريفي مع الوزير درباس في منزله، وكان بحث في الانتخابات الفرعية، حيث أبلغ ريفي درباس نيته بالترشح رافضا منطق فرض المرشحين على طرابلس، وبعد نقاش مستفيض، أكد ريفي أنه قد يعزف عن الترشيح في حال سحب الحريري ترشيح جمالي، ورشح واحدا من أربعة: الرئيس فؤاد السنيورة، رشيد درباس، مصطفى علوش، ووزيرة الداخلية ريا الحسن، وما دون ذلك فإنه ماض في ترشيحه.

لمس درباس بعضا من إيجابية في حديث ريفي يمكن البناء عليها، فسارع الى التواصل مع الرئيس السنيورة بهدف تحضير الأجواء للقاء يجمع بين الحريري وريفي في منزل رئيس الحكومة السابق، خصوصا أن ريفي كان أبلغ الرجلين بأنه لن يزور “بيت الوسط”، حيث بوشر العمل على تليين موقف الرئيس الحريري وإقناعه بأن المصالحة مع ريفي باتت ضرورية لتأمين فوز مريح لديما جمالي في طرابلس، خصوصا أنه (أي الحريري) يسعى الى الوصول الى “صفر مشاكل” والى تجنب المعارك الجانبية للانطلاق في معالجة الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد، وقد إستشرف الرجلان إيجابية مماثلة من الحريري دفعتهما الى بذل جهود أكبر لتأمين إنعقاد هذا اللقاء.

لم تتوقف الاتصالات خلال الساعات الـ 48 الماضية، والتي أجراها درباس والسنيورة مع الحريري وريفي، وكان إجتماع حاسم عقد يوم أمس الأول بين السنيورة ودرباس لوضع اللمسات الأخيرة على لقاء المصالحة الذي تولى الحريري تحديد موعده لحين الانتهاء من إنشغالاته، فكان عند الساعة الثامنة والنصف في منزل السنيورة وقد تم إبلاغ الجميع به عند الساعة السادسة مساء.

مع حلول الساعة السادسة إتخذت سرية الحرس الحكومي تدابير أمنية مشددة في محيط منزل السنيورة وكان أول الواصلين الوزير رشيد درباس قادما من طرابلس، ثم وصل اللواء ريفي الذي كان متواجدا في بيروت، حيث عقد إجتماع تمهيدي بين الثلاثة بانتظار وصول الرئيس الحريري.

عند الساعة الثامنة والنصف وصل الرئيس الحريري، وإستقبله السنيورة ودرباس عند مدخل المنزل، بينما بقي اللواء ريفي في الصالون، ومع دخول الحريري إستقبله ريفي، وكانت بينهما مصافحة حارة وقبلات، ثم جلس الجميع وبدأ الاجتماع.

بداية سأل الحريري ريفي عن وضعه الصحي وعن العمليتين الجراحيتين اللتين أجراهما، كما سأله عن إبنتيه وكيف أصبحتا بعد الحادث الذي تعرضتا له، وقد أكد ريفي أنه أصبح بخير، كما إبنتيه، وأن الوضع ماشي الحال والحمدلله.

ثم أخذ الرئيس السنيورة الحديث، فروى قصة صغيرة عن خصام الاصدقاء وكيفية معالجته، وأكد أن لا يمكن لأحد أن يدخل بين دولة الرئيس وبين أشرف، لأن ما يجمعهما أكثر بكثير مما يفرقهما، مشددا على ضرورة ترتيب البيت السني وإنهاء كل الخلافات لأن التحديات كبيرة ولا يمكن أن تواجه إلا بالتضامن والتكافل والتعاون والوحدة.

ثم تحدث الحريري فأكد أن الخلاف قد يحصل وهو أمر طبيعي، لكنه لا يجوز أن يؤدي الى قطيعة والى هجوم متبادل، لافتا الى أنه يختلف مع السنيورة ومع درباس في كثير من الأمور وقد شهد معارضة واضحة منهما لبعض القرارات التي إتخذتها في سبيل حماية البلد، لكن لم تحصل قطيعة أو هجوم عبر الاعلام.

ثم تحدث ريفي فأكد أنه إبن مدرسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأن كل ما قام به كان من أجل الدفاع عن الخط الذي يمثله سعد الحريري وعن ثوابت ومبادئ 14 آذار، مشددا على أنه يكّن للحريري كل الاحترام والتقدير ويقدر تضحياته، ويعتبر نفسه أخا له.

هنا تدخل السنيورة وقال: إذن لا مشكلة، وما حصل كان عبارة عن غيمة صيف طالت قليلا لكنها عبرت، ونحن عائلة واحدة والدم ما بيصير ميّ، فقام ريفي والحريري وتعانقا وتبادلا القبلات.

ثم بدأ البحث في الانتخابات الفرعية، حيث أعطى ريفي صورة عن الواقع القائم في طرابلس، وعن صعوبة تسويق ديما جمالي، لكن الحريري أكد أن جمالي هي بمثابة عنوان له، وأنها باتت تشكل تحديا شخصيا له، ردا على قرار المجلس الدستوري، داعيا ريفي الى دعم ترشيحها، فتدخل السنيورة وأكد أن أشرف لن يترشح للانتخابات وأنه سيدعم جمالي إلتزاما بتوجهات دولة الرئيس، و”أنني سأعلن ذلك للاعلام تفاديا للاحراج الذي قد يتعرض له ريفي”.

ثم جرى عرض للأوضاع السياسية العامة، ولشؤون طرابلس، والتأكيد على التعاون مع الجميع وخصوصا الرئيس نجيب ميقاتي من أجل النهوض بالمدينة وتنفيذ مشاريعها والاستفادة من مرافقها، وعلى ذلك طوي الخلاف بين الحريري وريفي، وفتحت صفحة جديدة تم الاعلان عنها أمام وسائل الاعلام.