رفعت الأمم المتحدة السريّة عن تقريرات جديدة لخبراء لجنة العقوبات الدولية المفروضة على كوريا الشمالية بموجب قرارات مجلس الأمن وخصوصاً ذات الأرقام 1718 و1874 و2407، كاشفة بذلك المزيد من التعاملات غير المشروعة بين الدولة الشيوعية المعزولة والسلطات الإيرانية، فضلاً عن «نشاطات محظورة» أيضاً مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وأورد التقرير أن إحدى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أبلغت الفريق أن «إيران تمثل إحدى السوقين الأكثر ربحية لجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية (الاسم الرسمي لكوريا الشمالية) من حيث التعاون المتصل بالمجال العسكري»، موضحة أن مكتبي كل من مؤسسة «كوريا ماينينغ ديفيلوبمنت ترايدينغ كوربورايشن» (كوميد) وشركة «غرين باين أسوشييتد كوربورايشن»، المعروفة أيضا باسم «ساينغ بيل» «نشطان في إيران».

ولاحظت في الآونة الأخيرة «نمطاً يتمثل في سفر رعايا لكوريا الشمالية مقيمين في إيران بين طهران ودبي وعودتهم إلى طهران في غضون بضع ساعات من وصولهم إلى الإمارات العربية المتحدة»، مشيرة إلى «دلالة ذلك على كونهم حاملي طرود من النقد».

وأكد الفريق أنه وجه رسالة إلى السلطات الإيرانية طلب فيها «كل المعلومات المتعلقة بنشاطات كوريا الشمالية في إيران»، موضحاً أن الرسالة أحيلت إلى مراسلات سابقة مع إيران في عامي 2015 و2016 «وثّقت فيها أكثر من 282 رحلة جوية بين طهران ودبي لدبلوماسيي كوريا الشمالية كيم يونغ تشول وجانغ جونغ سون اللذين أُدرجا في قائمة الجزاءات في مارس (آذار) 2016 بوصفهما ممثلين لمؤسسة كوميد في إيران». وأشار إلى «معلومات واردة من شركة طيران تبين منها أن رئيس مؤسسة كوميد كانغ ميونغ تشول قام بزيارة طهران عام 2013، بينما زارها رئيس شركة غرين باين ري هاك تشول عام 2014»، مقدماً «أدلة على حمل كل من الفردين المدرج اسماهما جوازي سفر على الأقل فضلاً عن أسماء مستعارة أخرى».

وذكر الفريق بـ«معلومات واردة عن دولة عضو تشير إلى أن أفراداً مدرجين جرى التعرف عليهم قبلُ، وممثلي كيانات مدرجة يسافرون حاليا باستخدام أسماء مزورة أو جوازات سفر مختلفة»، مجدداً مطالبة إيران بتزويده بأسماء جميع دبلوماسيي جمهورية كوريا الشمالية المعتمدين لديها وأرقام جوازات سفرهم. وطلب أيضا «نسخاً من جوازات السفر والمعلومات المتعلقة بتأشيرات جميع رعايا كوريا الشمالية المسجلين لدى السلطات الإيرانية». وأضاف أن «طهران ردت على الفريق في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018 لتفيد بأنه لا يوجد رعايا لجمهورية كوريا الشمالية مقيمين في إيران بخلاف موظفيها الدبلوماسيين». وأفادت أيضاً بأن «دبلوماسيي كوريا الشمالية المعتمدين لدى إيران لم يخالفوا حتى الآن أحكام الاتفاقات ذات الصلة أو قرارات مجلس الأمن بشأن كوريا الشمالية».

وتحدث التقرير عن «نشاطات محظورة» بين كوريا الشمالية وسوريا، ومنها «استمرار سفر الاختصاصيين التقنيين الكوريين من سوريا وإليها، ووجود رعايا لجمهورية كوريا الشمالية في البلد عاملين باسم كيانات تابعة لكوريا الشمالية مدرجة في القائمة، فضلا عن محاولة سماسرة الأسلحة السوريين بيع معدات عسكرية من كوريا الشمالية في دول أعضاء متعددة في الشرق الأوسط وأفريقيا».

وأكد أن بيونغ يانغ «لا تزال تنتهك حظر توريد الأسلحة وحاولت توريد أسلحة صغيرة وأسلحة خفيفة وغير ذلك من المعدات العسكرية إلى المتمردين الحوثيين في اليمن، وإلى ليبيا والسودان، عن طريق جهات وسيطة أجنبية، ومنها مهرب السلاح السوري حسين العلي فيما يخص المتمردين الحوثيين». ولفت إلى أن تحقيقاته كشفت جهات في آسيا «اشترت سراً أجهزة طرد مركزية من أجل البرنامج النووي لدى كوريا الشمالية وحاولت بيع مجموعة واسعة من المعدات العسكرية لجماعات مسلحة وحكومات في الشرق الأوسط وأفريقيا».

وكشف أنه «يجري تحقيقاً في مشاركة كوريا الشمالية في تعدين الذهب في جمهورية الكونغو الديمقراطية»، موضحاً أن هناك «رسائل موجهة من شركة مدرارة، المتخصصة في تعدين الذهب والمسجلة في كينشاسا ويديرها المواطن اللبناني فؤاد دخل الله»، علما بأن بينها واحدة مؤرخة في 9 سبتمبر (أيلول) 2017، موجهة إلى ممثل شركة «ساينغ بيل» كيم شول سو تقترح استثماراً في منجم للذهب تابع لشركة مدرارة.

وأفاد الفريق في الملخص التنفيذي لتقريره المؤلف من أكثر من 350 صفحة بأن «برامج الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية في كوريا الشمالية لا تزال على حالها»، فيما يعتبر «تحدياً لقرارات مجلس الأمن من خلال زيادة هائلة في عمليات النقل غير القانونية بين سفينة وأخرى للمنتجات النفطية والفحم». وأكد أن «هذه الانتهاكات تبطل فاعلية العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة في الآونة الأخيرة من خلال خرق الحدود القصوى المفروضة على استيراد كوريا الشمالية للمنتجات النفطية والنفط الخام، إضافة إلى الحظر على الفحم الذي فرضه مجلس الأمن في عام 2017 رداً على التجارب النووية وتجارب إطلاق الصواريخ الباليستية غير المسبوقة التي نفذها البلد».

ونقل عن دولة، لم يسمها، أن كوريا الشمالية «اشترت بالفعل أكثر من 500 ألف برميل من المنتجات النفطية المكررة عام 2018»، فضلاً عن أن مصارف وشركات تأمين عالمية «لا تزال تقوم عن غير قصد بتيسير المدفوعات وتوفير التغطية لسفن مشاركة في عمليات نقل غير قانونية أكبر حجماً من أي وقت مضى للمنتجات النفطية بين سفينة وأخرى بقيمة تبلغ عدة ملايين من الدولارات، وذلك إضافة إلى ازدياد عدد عمليات نقل الفحم بين سفينة وأخرى ومحاولات نقله بالشحن العابر». كما أجرى الفريق تحقيقاً بشأن «مشاركة كوريا الشمالية في تعدين الذهب في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وبناء معسكر في سيراليون، وبيع حقوق صيد السمك في المياه المحيطة بكوريا الشمالية، إضافة إلى نشاطات كيانات مدرجة في قائمة الجزاءات ونشاطات أخرى محظورة تنفذ في كل أنحاء العالم»، مثل شراء سلع تجارية كمالية ذات علامات رائدة، مثل المركبات من طراز رولز – رويس، ومرسيدس – بنز، وليكزس.