خطة لقانون يمنع محاكمة الزعماء خلال وجودهم في المنصب
 

بعد أن أبلغ المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبيت، محامي رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وبقية المشتبه بهم في ملفات الفساد الثلاثة، بأنه عليهم أن ينسقوا موعداً لجلسة الاستماع لطعونه، بحيث تكون قبل العاشر من يوليو (تموز) المقبل، يسود في الحلبة السياسية قلق من أن يصبح لإسرائيل «رئيس حكومة بنصف وظيفة».

فحسب الاستطلاعات التي تنشر تباعاً في وسائل الإعلام المختلفة، ستسفر نتائج الانتخابات - على الغالب - عن وضع يكون فيه نتنياهو صاحب أكبر احتمالات للفوز بمهمة تشكيل الحكومة. وبما أن الانتخابات ستجري في 9 أبريل (نيسان) القادم ونتائجها الرسمية ستنشر بعد أسبوع ورئيس الدولة، رؤوبين رفلين، سيحتاج إلى أسبوع آخر من المشاورات حتى يقرر لمن يكلف بتشكيل الحكومة، فإنه سيكون على نتنياهو أن يستعد لجلسات الاستماع وهو منشغل في تشكيل الحكومة، وتوزيع الحقائب. ولن تقتصر المشكلة على الانشغال فحسب، وإنما سيكون نتنياهو في حالة ضغط شديد من ناحية الوقت ومن ناحية مضمون المفاوضات مع حلفائه، وسيكون معرضاً في هذه الحالة للابتزاز من مختلف الأحزاب الصغيرة بدفع ثمن باهظ، أكان ذلك بنوعية الحقائب أو بالمضمون السياسي.

وحسب قرار المستشار، سيتم تأجيل نشر مواد التحقيق ضد نتنياهو إلى ما بعد الانتخابات، وهذا يعني أن الجمهور لن يعرف بالضبط ما هي الاتهامات ضده وما هي تفاصيل تلقي الرشى وبقية ورطات الفساد. وهذا هو أحد أسباب عدم تأثر الناخبين من توجيه الاتهامات له واستمراره في الحفاظ على قوته الانتخابية، فضلا عن أن حلفاءه في معسكر اليمين واليمين المتطرف يلتفون من حوله ويساندونه، وبعضهم قرر إنقاذه من تهم الفساد بالتعهد من الآن أنهم سيؤيدون سن قانون جديد يمنع محاكمته يعرف بـ«القانون الفرنسي»، والذي ينص على عدم جواز محاكمة رئيس حكومة ابان أدائه وظيفته.

وكان المستشار مندلبليت، قد طلب من المحامين العمل على تنسيق مواعيد لجلسات الاستماع، بحيث لا تتأخر عن العاشر من يوليو المقبل. وستكون مواد التحقيق تحت تصرف المحامين بدءاً من العاشر من أبريل، أي بعد يوم واحد من الانتخابات، بناء على طلبهم. وحسب قرار المستشار فإنه ينوي تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو تتضمن تلقي الرشوة في «الملف 4000»، وارتكاب مخالفات الاحتيال وخيانة الأمانة في «الملف 1000» و«الملف 2000». ومع ذلك فإن أيا من أحزاب اليمين لا ترى غضاضة في مواصلة دعم نتنياهو.

ويتضح مما يتسرب عن كواليس السياسة الإسرائيلية، أن نتنياهو وضع خطة متكاملة للتهرب من محاكمات الفساد، مع حلفائه، وذلك بتغيير قانون محاكمات الزعماء في إسرائيل. وفي أمس، كشف رئيس الحزب اليهودي الديني الأشكنازي «ديغل هتوراه»، النائب موشيه غفني (كتلة «يهدوت هتوراه»)، إن حزبه يدرس دعم سن قانون يمنع تقديم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، للمحاكمة في ملفات الفساد المنسوبة إليه. وقال غفني، في حديث إذاعي: «إذا كان الحديث عن أمور اقتصادية ليست جدية، فيجب دراسة هذه المسألة». وأضاف أنه يجدر فحص هذه المسألة بعد الانتخابات، «فإذا تبين أن الجمهور يمنح نتنياهو الثقة فهناك مجال لدراسة هذه المسألة»، مشيرا إلى أن دولاً غربية أخرى يوجد فيها «أمور كهذه». وعندما سئل بشكل صريح عما إذا كان حزبه سيدعم منع تقديم نتنياهو للمحاكمة في ملفات الفساد، قال: «صحيح. هذه إمكانية... من غير المستبعد ألا تكون هذه الشبهات ثقيلة». وقال رئيس حزب «البيت اليهودي»، بتسالئيل سموتريتش، إنه إذا فاز نتنياهو في الانتخابات فيجب سن هذا القانون.

ولكن رئيس «اليمين الجديد»، وزير التعليم نفتالي بينيت، قد صرح، الأسبوع الماضي، بأنه لن يدعم القانون إذا كان يسري بأثر تراجعي، حيث أبدى استعدادا لدعم مثل هذه القانون إذا كان يتصل برؤساء حكومة في المستقبل. كما سبق أن تحفظ وزير المالية، موشيه كاحلون، من القانون، في حين قال حزب «كاحول لافان» إنه لن يدعم تشريعاً من هذا النوع، إضافة إلى باقي أحزاب المعارضة. وحتى حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، المعروف بعدم تأثره من قضايا الفساد، لم يدل بأي تصريح في هذا السياق. ولكن هذا لا يعني أنهم يرفضون القانون، بل إنهم سيرفعون سعر تأييدهم له.

والمعروف أن «القانون الفرنسي»، مطروح على بساط بحث الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، منذ عام 2017، وقد طرحه في حينه النائب الليكودي ديفيد أمسالم، على خلفية التحقيقات الجنائية مع نتنياهو، ولكنه لم يقر لأن أمسالم طرحه بصيغة طماعة بشكل زائد عن الحد، وضمنه تجميد التحقيقات التي فتحت ضد رئيس الحكومة أثناء ولايته في منصبه، وذلك بذريعة «تمكينه من إدارة شؤون الدولة من دون أن يضطر لتكريس وقت للتحقيقات». كما تضمن الاقتراح منع إجراء تحقيق تحت التحذير مع رئيس حكومة في ولايته إلا إذا كان الحديث عن شبهات بارتكاب «مخالفات جنسية أو ذات صلة بالعنف أو الأمن أو المخدرات، أو إذا كان تأجيل التحقيق قد يتسبب بضرر أمني أو اقتصادي جدي».