أفلا تستدعي عقوبات اليوم والجهود المبذولة أميركيًا لتجفيف منابع التمويل لدى الحزب، للتساؤل عن كل تلك المرحلة من البحبوحة المالية، كيف وماذا أنتجت؟
 

بمقدور إسماعيل هنية أن يقيم مهرجانًا جماهيريًا حاشدًا، يطل فيه على الناس ليخبرهم عن انتصار جديد، وكيف أن العدو المحتل الغاشم خضع صاغرًا ذليلًا تحت قبضات المجاهدين الأبطال وأجبر على تسليم شنط ملايين الدولارات القادمة من إحدى الدول الخليجية عبر مطار بن غوريون لتصل إلى حماس من أجل رفع قدرات المقاومة الشريفة! 

 

فتصفق تلك الجماهير المتثائبة مزهوة فرحة، وتعود إلى بيوتها على أمل تحقيق المزيد من هذه الإنتصارات الإلهية وغير الإلهية، من دون أن يعذب نفسه حمساوي واحد أن يقف ليسأل نفسه هل هذا العدو بهذا الغباء ليمدنا بأهم شريان الحياة (المال)، حتى ننتصر عليه؟؟!! 

 

إقرأ أيضًا: رسالة الى وزيرة الداخلية ريا الحسن: ماذا عن حواجز الجنوب؟

 

وهنا تحديدًا يكمن الفرق الشاسع بين العقل العربي (المتخلف) والذي يطفو على القليل من الشعارات الخطابية، وبين العقل الإسرائيلي الذي قد يمنحك انتصارًا أو يمدك بما تريد طالما أنك تخدم أهدافه الاستراتيجية من حيث لا تدري أو تدري.

 

بالأمس سربت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أكد خلال اجتماع لحزب الليكود "أن الأموال التي ترسل إلى حماس تهدف للإبقاء على الانقسام الفلسطيني"، مما يعني وبصريح العبارة أن حماس هذه، التي تعتبر نفسها رأس حربة في مقاومة العدو إنما هي بالواقع تقدم له أكبر خدمة تاريخية لطالما حلم بها وهي تمزيق الشارع الفلسطيني وبالتالي نسف القضية من أساسها.

 

إقرأ أيضًا: شكرًا للعقوبات الأميركية

 

وفي هذا السياق نفسه، ونحن نشهد أكبر عقوبات أميركية مستحدثة على ايران ومعها على حزب الله، مما خلق أزمة مالية اضطرت السيد حسن نصرالله أخيرًا للاعتراف بخطورتها وثقل وطأتها، أفلا يستدعي هذا الامر أيضًا أن تقف قيادة الحزب لتسأل نفسها السؤال البيديهي والضروري: لماذا كانت الادارة الاميركية كل تلك السنوات الماضية تسمح لهذه الأموال الضخمة من الوصول إلى الحزب أمام ناظريها؟؟ 

 

أفلا تستدعي عقوبات اليوم والجهود المبذولة أميركيًا لتجفيف منابع التمويل لدى الحزب، للتساؤل عن كل تلك المرحلة من البحبوحة المالية، كيف وماذا أنتجت؟ وهل كانت هي أيضًا بهدف شرزمة الشارع العربي وخدمة للمشروع الأميركي وتشويه صورة المقاومة من خلال الدخول بحروب لا علاقة لها بها؟ أم يكتفي الحزب أيضًا بالاختباء خلف الخطابات الشعاراتية والتلذذ بإنتصارات كانت تمنح له من عدو "مهزوم".