لا تأثير للشارع بعد أن فشل في اختياراته ومنح ثقته للاخوان وللاسلام السياسي الذي ما دخل دولة الاّ وأفسدها هذا ما يقوله تونسيون في خط المعارضة لسلطة لم تكن أفضل من سلطة بن علي على الاطلاق
 

كانت تونس مقصداً للاستشفاء والخدمات الطبية للمغرب العربي لكفاءة الجهاز الطبي وتطور المصانع المحلية والرقابة الصارمة على الأدوية والأجهزة والتقنيات الطبية بنسبة عالية لهذا كانت الطبابة مصدر اطمئنان للتوانسة وللمغرب العربي الكبير منذ زمن وهذا ما فقدته منذ سقوط حكم زين العابدين من علي وتولي جماعة أولي الأمر من الاخوان والسلفيين مسؤولية الأمن في تونس في سلطة اتسعت لعصابات السرقة من رجال أعمال وتجار جُدُد استباحوا كل شيء وخربوا البلاد والعباد طمعاً بمزيد من الثروات على حساب الشعب.

 

لقد حولوا تونس الخضراء الى صحراء من وثق بهم الطيبون وظنوا أن مخافة الله تردعهم عن حرامه فأمعنوا فيها فتكاً وقتلاً وأسقطوا مكتسباتها التاريخية وما انجزه التونسيون طيلة تاريخهم المشرّف ودفنوا تجاربها الحيّة بسياسات هشّمت من روح الثورة التي فجرها بائع فقر على أبواب القصور الذي حرق نفسه ليشعل نور تونس بمشعل الحرية وقيام الدولة المدنية بمواصفات ومعايير الدولة المتقدمة في الدول الديمقراطية.

 

إقرأ أيضًا: السلاح الذي دمّر ثورة

 

بعد سقوط تجربة الاخونة الكاملة في تونس بعيد سقوط نظام بن علي انتقل الغنوشي الى سياسة الواجهة المدنية واستتر بلحيته واختفى داخل مراكز القوة وادارة العملية السياسية لحكومة تلبي طموحاتها بفساد سياسي ومالي لا مثيل لهما في تجارب بن علي نفسه وهذا ما تريده جماعة الاخوان لتحفيز الشعب على الكفر "بالكرافتات" للعودة الى الملتحين من جماعة الاخوان.

 

استخدم الاخوان في البداية لعبة الأمن فكانت العبوات المتنقلة لضرب الاستقرار والتخريب لتخويف الناس بأشباح متنقلة قادرة على استهداف كل شيء من مدنيين وعسكريين ومسؤولين دون أن يكون للأجهزة المختصة أيّ دور وأيّ قدرة على مواجهة أشباح متنقلة في كل الأمكنة وبعد الأمن وقبله نهش الجوع من لحم التونسيين واستمر بتمزيق اجسادهم في ظل بحبوحة مالية لأرباب السلطة وجعل السمسرات السياسية والمالية احدى السمات البارزة في النهضة التونسية الجديدة.

 

إقرأ أيضًا: روسيا وسياسة إكذب

 

لقد وصل الفساد الى أدوية الأطفال والرضّع فمات أحد عشرة طفلاَ في مستشفى الرابطة وسط تونس وتم تسليمهم الى ذويهم بصناديق كرتون تم استحضارها من المزابل الأمر الذي أدّى الى استقالة وزير الصحة ويبدو كما تضيف نائبة في البرلمان التونسي أن الوزير المستقيل مجرد كبش محرقة كما هي الحال المعتمدة للتخلص من جريمة تشمل الحكومة كاملة فيتم الفداء بشخص لتسلم جماعة الحرامية المنتشرة بكثافة في مفاصل تونس كافة بحيث يتم اللعب بكل شيء لصالح بناء أهرام من الأموال وبأوسخ الطرق وأرخصها من الأمن الى البيئة الى الغذاء الى الصحة المستهدفة لنسبة عالية من التونسيين.

 

ثمّة مواقف لنخب نيابية واعلامية تدين الحكومة وتحمل رئيسها مسؤولية الدواء المميت والقاتل اضافة الى ما في البلاد من لصوص وعصابات وتجّار يعيثون فساداً دون حسيب أو رقيب باعتبار الحسيب والرقيب من عليّة قوم النهب والسرقة.

 

لا تأثير للشارع بعد أن فشل في اختياراته ومنح ثقته للاخوان وللاسلام السياسي الذي ما دخل دولة الاّ وأفسدها هذا ما يقوله تونسيون في خط المعارضة لسلطة لم تكن أفضل من سلطة بن علي على الاطلاق.