من المستبعد أن تحظى حكومة محمد اشتية بدعم كل مكونات منظمة التحرير الفلسطينية، حيث أن الفصيلين الأساسيين، الجبهتان الشعبية والديمقراطية ،أعلنتا مسبقا عدم مشاركتهما في هذه الحكومة.
 
كلف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأحد القيادي في حركة فتح محمد اشتية بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة، في قرار يعكس نجاح أعضاء اللجنة المركزية للحركة في إقناع عباس بالقبول بتكليف شخصية فتحاوية، بعد أن كان الأخير يميل إلى شخصية مستقلة.
 
وقال نائب رئيس حركة فتح محمود العالول، إن اشتية “سيبدأ مشاوراته لتشكيل الحكومة من هذه اللحظة”. وأوضح محمد اشتية العضو في اللجنة المركزية لحركة فتح والوزير السابق أنه سيبدأ مشاوراته “مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والكفاءات الوطنية لتشكيل هذه الحكومة وعرضها على الرئيس عباس للمصادقة عليها”، مشيرا إلى أنه يدرك تماما الأزمة التي يعيشها الوضع الفلسطيني العام.
 
وكانت أوساط مقربة من حركة فتح قد تحدثت قبل أيام عن توجه لعباس بتكليف شخصية تكنوقراط تحظى بنوع من القبول لدى الفصائل الفلسطينية، وبرضى المجتمع الدولي، بيد أنه يواجه ضغوطات خاصة من المحيطين به الذين يطالبون بأن تكون شخصية رئيس الوزراء المقبلة فتحاوية، في ظل هاجس الفراغ الذي يمكن أن يخلفه غياب الرئيس الحالي.
 
ويمنح النظام الأساسي للمكلف بتشكيل الحكومة مدة أسبوعين للإعلان عن حكومته، وإن تعذر ذلك يتم تمديد الفترة 3 أسابيع إضافية. ونشرت وكالة وفا الرسمية مرسوم التكليف، والذي تضمن تكليف الحكومة المقبلة بـ”مساندة قرارات القيادة الفلسطينية ودعم جهود استعادة الوحدة الوطنية وإعادة غزة إلى حضن الشرعية”.

ونص كتاب التكليف على دعوة الحكومة الفلسطينية المقبلة “لاتخاذ الإجراءات اللازمة كافة وبالسرعة الممكنة لإجراء الانتخابات التشريعية وترسيخ الديمقراطية والتعددية السياسية”. كما نص أيضا على “التزام الحكومة المقبلة بتوفير الدعم المادي والمعنوي الممكن لضحايا الاحتلال وأسرهم من شهداء وأسرى وجرحى تقديرا واحتراما لعطائهم الوطني”.

واشتية، هو سياسي واقتصادي ولد في قرية تل بنابلس عام 1958، وانتخب عضوا للجنة المركزية بين عامي 2009 و2016، وعمل وزيرا للأشغال العامة، ووزيرا للمجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار، ويحمل شهادة الدكتوراه في التنمية الاقتصادية من جامعة ساسكس البريطانية، وسبق أن عمل أستاذا وعميدا في جامعة بيرزيت.

وشارك اشتية في المفاوضات التي رعتها الولايات المتحدة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في عام 1991، وكذلك في عامي 2013 و2014، والتي قادها حينذاك وزير الخارجية الأميركي جون كيري.

ويأتي تعيين اشتية خلفا لرئيس الحكومة السابق رامي الحمدالله الذي كان شكل حكومته عام 2014، وغلب على تلك الحكومة الطابع المهني الأمر الذي دفع إلى إطلاق اسم “حكومة التوافق الوطني” عليها كونها حظيت بموافقة كل الفصائل الفلسطينية. غير أن استمرار الخلافات وتعثر كل المحاولات لتحقيق المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس، كانا أحد الأسباب التي دفعت القيادة الفلسطينية إلى تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة بقيادة حركة فتح.

ويستبعد أن تحظى هذه الحكومة بدعم كل مكونات منظمة التحرير الفلسطينية التي يرأسها محمود عباس، حيث أن فصيلين أساسيين هما الجبهتان الشعبية والديمقراطية أعلنتا مسبقا عدم مشاركتهما في هذه الحكومة، لذلك من المتوقع أن يتم اختيار وزراء هذه الحكومة من حركة فتح.

ويتوقع محللون أن يؤدي تشكيل حكومة بقيادة فتح إلى زيادة الانقسام القائم بين حركتي فتح وحماس. ولم يتأخر رد حماس طويلا إذ اعتبر المتحدث باسمها فوزي برهوم أن هذا التكليف ينم عن “سلوك تفرد وإقصاء وهروب من استحقاقات المصالحة وتحقيق الوحدة، ووصفة عملية لفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة وترسيخ الانقسام”.

وأكد برهوم في تصريح أن حماس “لا تعترف بهذه الحكومة الانفصالية كونها خارج التوافق الوطني، وأن المدخل الأمثل لتصحيح الوضع الفلسطيني هو بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء انتخابات عامة شاملة رئاسية وتشريعية ومجلس وطني”.

ويأتي التكليف بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة قبل شهر على الانتخابات الإسرائيلية في أبريل المقبل. وأعلن عباس خلال لقائه الأحد وفدا من حزب ميريتس الإسرائيلي، أنه يمد يده لأي حكومة إسرائيلية تؤيد حل الدولتين “ولا تستمر في عنادها للسلام”. وقال عباس “موقفنا لن نتراجع عنه، رؤية حل الدولتين ومحاربة العنف والإرهاب وأموالنا يجب أن تعود إلينا”.

وتزامن تكليف اشتية بتشكيل حكومة جديدة مع تصريحات لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو هدد فيها بـ”عملية واسعة” في قطاع غزة ضد حركة حماس. وفي تصريح أدلى به قبل اجتماع الحكومة الأسبوعي، أشار بنيامين نتانياهو إلى أنه رغم أن “فصائل مارقة” كانت وراء “الاستفزازات” الأخيرة في غزة، إلا أنها “لا تعفي حماس” من المسؤولية.

وقال “لقد سمعت أشخاصا في غزة يقولون إنه بما أننا وسط حملة انتخابية، فإنه من المستبعد شن عملية واسعة النطاق”، في إشارة إلى الانتخابات التي ستجرى في 9 أبريل. وأضاف “أود أن أقول لحماس: لا تعتمدوا على ذلك. سنفعل كل ما هو ضروري لإعادة السلام والهدوء إلى سكان المناطق الحدودية مع غزة”.