حرارة الانتخابات بالتوازي مع حرارة البالونات الحارقة في قطاع غزة
 
مع استمرار الحرارة الإنتخابية في المواقف الإستطلاعات يعتبر مراقبون أن نتنياهو سيكون بمقدوره تشكيل حكومة وحدة وطنية، وفي الوقت نفسه تستعيد البالونات الحارقة حرارتها في غزة الأمر الذي يربك الإحتلال ومخاوف من عملية عسكرية بخلفيات انتخابية.
 
 
 
نتنياهو: عناصر مارقة بغزة تطلق القذائف وحماس تتحمل المسؤولية
 
اعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد، أن من وصفهم بـ‘ناصر مارقة" هي التي أطلقت قذائف صاروخية من قطاع غزة باتجاه جنوب البلاد، لكنه حمل حركة حماس المسؤولية. عما يحدث في قطاع غزة وقال نتنياهو، في بداية اجتماع حكومته الأسبوعي، حسب بيان صادر عن مكتبه، إنه "شهدنا في الأيام الأخيرة استفزازات من قطاع غزة. عناصر مارقة قامت بها ولكن هذا لا يعفي حماس من تحمل المسؤولية عن تلك الاستفزازات.
حماس تتحمل المسؤولية عن كل ما يخرج من قطاع غزة، ونحن نرد على ذلك كما يستوجب من خلال غارات تشنها طائرات سلاح الجو على أهداف تابعة لحماس.
 
وأضاف أنه "سمعت أشخاصا في غزة يقولون إنه بما أننا في حملة انتخابية فإن عملية عسكرية واسعة النطاق غير واردة. أقترح على حماس ألا تعتمد على هذا، فسنفعل كل ما يلزم من أجل استعادة الأمن والهدوء إلى محيط غزة وإلى الجنوب بشكل عام.
 
وقال نتنياهو إن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، سيزور إسرائيل في نهاية الأسبوع، واصفا إياها بأنها "بزيارة مهمة.
 
وأضاف أن الرئيس البرازيلي، يائير بولسونارو، سيزور إسرائيل بداية الشهر المقبل. وقال إن "البرازيل قوة عظمى ونحن نفتح هنا ممرات تجارة ستجلب عملا للعديد من الإسرائيليين وستثري دولة إسرائيل، سياسياً واقتصاديا"ً.
 
نتنياهو: إسرائيل لليهود فقط ويوجد تمثيل للأقليات بدول أخرى
 
تفوق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على نفسه في مستوى تفوهاته العنصرية ومعاداته للمواطنين العرب، عندما زعم خلال اجتماع حكومته الأسبوعي اليوم، الأحد. ونقلت عنه قناة "كان" التلفزيونية الحكومية، قوله إن "دولة إسرائيل ليست دولة قومية لجميع مواطنيها، وللأقليات الأخرى يوجد تمثيل قومي في دول أخرى.
 
وكان نتنياهو يعقب بذلك على "ستوري" نشرته، أمس، الممثلة والمذيعة الإسرائيلية، روتيم سيلع، في حسابها في موقع التواصل "انستغرام"، وتحدثت عن حقوق المواطنين العرب السياسية، على خلفية الانتخابات العامة للكنيست.
 
لكن نتنياهو بدأ يعقب على ما كتبته سيلع، وكتب في حسابه في "انستغرام"، صباح اليوم: "العزيزة روتيم، ثمة تصحيح هام: إسرائيل ليست دولة جميع مواطنيها. وبموجب قانون أساس القومية الذي مررناه، إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وله فقط.
 
 
وأضاف نتنياهو أنه "لا توجد أية مشكلة مع مواطني إسرائيل العرب"، زاعما أنهم "متساوو الحقوق مثلنا جميعا وحكومة الليكود استثمرت في الوسط العربي أكثر من جميع الحكومات الأخرى". وتابع مروجا للدعاية الانتخابية لحزبه، أن "الليكود طلب فقط التركيز على المسألة المركزية في هذه الانتخابات: حكومة يمين قوية برئاستي أو حكومة يسار يشكلها يائير لبيد وغانتس بدعم الأحزاب العربية. ولا توجد للبيد وغانتس طريق أخرى لتشكيل حكومة، وحكومة كهذه ستقوض أمن الدولة ومواطنيها.
 
وكانت سيلع علّقت في الـ"ستوري" الذي نشرته على مقابلة أجرتها الصحافية رينا متسليح مع وزيرة الثقافة الإسرائيلية، ميري ريغف، في القناة 12 التلفزيونية، مساء أمس. وكتبت أن "ميري ريغف شرحت لرينا متسليح أن على الجمهور أن يحاذر، لأنه في حال انتخب بيني غانتس، فإنه سيكون ملزما بتشكيل حكومة مع العرب". وأضافت سيلع، التي يتابع حسابها في "انستغرام" 824 ألفا، أن "رينا متسليح صمتت. وأنا أتساءل لماذا لم تسألها رينا باستغراب عن ما هي المشكلة مع العرب؟؟؟ يا رب العالم، يوجد مواطنون عرب في هذه الدولة.
 
وتابعت سيلع أنه "متى سيبث أحد ما في هذه الحكومة للجمهو أن إسرائيل هي دولة جميع مواطنيها. وجميع البشر وُلدوا متساوين. والعرب أيضا هم بشر. والدروز كذلك...". بعد ذلك كتبت لقسم من الذين عقبوا على ما كتبته بعبارات بذيئة، وكتبت أن "تعقيباتكم المرفوضة لن تمنعني أبدا من قول رأيي. جيل كامل من الأولاد نشأ في دولتنا من دون أمل بالسلام. وهذا محزن ويدعو لليأس. ليست السياسيين الذي تصمع أصواتهم بقوة بالغة يمنحون أملا حقيقيا بالسلام، المساواة والحب بدلا من التحريض والتقسيم.
 
استطلاع: أغلبية الإسرائيليين تؤيد شطب تحالف الموحدة والتجمع
 
أظهر استطلاع نُشر امس، الأحد، أن أغلبية المستطلعين يؤيدون شطب قائمة تحالف الموحدة والتجمع ومنعها من خوض انتخابات الكنيست، التي ستجري في التاسع من نيسان/أبريل المقبل، وذلك بعد أن قررت لجنة الانتخابات المركزية، المؤلفة من مندوبي الأحزاب، منعها من خوض الانتخابات، الأسبوع الماضي.
 
وبحسب الاستطلاع، الذي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت، فإن 54% من المستطلعين زعموا أن شطب هذه القائمة مبرر، بينما قال 18% إنه ليس مبررا. ويواجه حزب التجمع خصوصا حملة تحريض ضده في الحلبة السياسية الإسرائيلية.
 
وكانت لجنة الانتخابات المركزية صادقت على خوض الفاشي ميخائيل بن آري الانتخابات في إطار قائمة "اتحاد أحزاب اليمين" الكهانية الفاشية. واعتبر 38% في الاستطلاع الحالي إن شطب بن آري مبرر، لكن 28% قالوا إنه ليس مبررا.
 
وفيما أظهر هذا الاستطلاع، وكذلك استطلاع نشرته صحيفة "هآرتس"، أن زعيم حزب الليكود ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ما زال يتمتع بشعبية أعلى من خصمه، رئيس قائمة "كاحول لافان"، بيني غانتس. وقال 38% في استطلاع "يديعوت" إنهم يفضلون نتنياهو في رئاسة الحكومة، بينما قال 31% إنهم يفضلون غانتس في المنصب. كما عبر 53% عن اعتقادهم بأن نتنياهو سيشكل الحكومة القادمة، بينما قال 27% إن غانتس سيشكلها.  
وتبين من كلا الاستطلاعين أن معسكر أحزاب اليمين سيتفوق على معسكر أحزاب الوسط – يسار ومعهم القوائم العربية.
 
وجاءت توزيعة المقاعد في الكنيست وفقا لـ"يديعوت أحرونوت" كالتالي: "كاحول لافان 33؛ الليكود 29؛ العمل 10؛ "يهدوت هتوراة" 7؛ الجبهة والعربية للتغيير 7؛ شاس 6؛ "اتحاد أحزاب اليمين" 6؛ ميرتس 5؛ اليمين الجديد 5؛ "يسرائيل بيتينو 4؛ "كولانو" 4؛ تحالف الموحدة والتجمع 4. وبذلك سيكون تمثيل اليمين والحريديين 61 مقعدا، الوسط – يسار 48 مقعدا، والقوائم العربية 11 مقعدا.
 
وبحسب استطلاع "هآرتس" فإن معسكر اليمين سيكون ممثلا بـ63 مقعدا، بينهم حزب "زيهوت" (هوية) برئاسة اليميني المتطرف موشيه فايغلين: "كاحول لافان" 31؛ الليكود 28؛ العمل 10؛ الجبهة والعربية للتغيير 8؛ "اتحاد أحزاب اليمين" 8؛ "اليمين الجديد" 7؛ "يهدوت هتوراة" 7؛ شاس 5؛ "كولانو" 4؛ ميرتس 4؛ تحالف الموحدة والتجمع 4؛ "زيهوت" 4. وبحسب هذا الاستطلاع، فإن 57% واثقون من أنهم سيصوتون للقائمة التي قالوا إنهم سينتخبونها، بينما قال 34% إنهم متأكدون بشكل كاف من تصويتهم للقائمة التي أعلنوا أنهم سينتخبونها.
 
ثلاثة سيناريوهات لتشكيل "حكومة وحدة وطنية" في إسرائيل
 
من غير الواضح ما الذي ستسفر عنه الانتخابات الإسرائيليّة المقرّرة في نيسان/ أبريل المقبل، فلا زالت قائمة "كاحول لافان" تتصدّر استطلاعات الرأي الإسرائيليّة بفارق لا يقل عن 5 مقاعد عن "الليكود"، لكن دون استطاعة أيّ منهما تشكيل ائتلاف حكومي، وإن لم يقم نتنياهو بمفاجأة انتخابيّة عشيّة الانتخابات، كالتي قام بها في الانتخابات الأخيرة، وأسفرت عن تشكيله حكومة ضيّقة جدًا ينوي أن تشكّل نواةً للائتلاف المقبل، فإن احتمال تشكيله الحكومة المقبلة يؤول إلى الصّفر، وهو الاحتمال ذاته لإمكانية فوز معسكر المركز بأغلبيّة 61 عضوًا.
 
ووفق محرّر القسم الإسرائيلي في موقع "المونيتور"، بن كسبيت، فإن إشكاليّات كهذه حلّت، في السابق، بحكومة "وحدة وطنيّة" بين المعسكرات الإسرائيليّة، مستشهدًا بحكومة ليفي أشكول عشيّة النكسة، وحكومتي يتسحاك شامير وشمعون بيرس في ثمانينيّات القرن الماضي، "لكن في العام 2019، يبدو الوضع مختلفًا تمامًا، فقد أعلن حزب ’العمل’ بقيادة آفي غباي، و’كاحول لافان’ بقيادة بيني غانتس ويائير لبيد، علنًا أنهما لن يكونا جزءًا من حكومة يشارك فيها نتنياهو بعد قرار المستشار القضائي للحكومة الإسرائيليّة التوصية بتقديم لوائح اتهام ضده، الأمر الذي من شأنه أن يعقّد الأوضاع السياسيّة بشكل غير مسبوق.
 
والحلّ لهذا التعقيد وفق بن كسبيت هو عبر تشكيل حكومة وحدة وطنيّة بواحدة من السيناريوهات الآتيّة:
 
1. تناوب بين غانتس وننتياهو
 
أما احتمال اختراق الجمود السياسي بتساوي المعسكرات في إسرائيل عبر تشكيل حكومة وحدة وطنيّة بين "الليكود" و"كاحول لافان"، يتناوب على رئاستها غانتس ونتنياهو، فسيساهم، وفق كسبيت، بتحطم مصداقيّة غانتس وسينهيه سياسيًا، "لذلك، فهو أمر مستبعد."
 
ووفقًا للقانون الإسرائيلي، فبعد 7 أيّام من الانتخابات على الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، تكليف أحد أعضاء الكنيست بتشكيل الحكومة بعد مشاورات مع القوائم الفائزة. ويمنح رئيس الحكومة المكلّف مهلة 28 يومًا قابلة للتمديد بـ14 يومًا إضافيًا، وإن لم ينجح في مهمّته، فإن على ريفلين أن يجري مشاوراتٍ حكوميةً مجدّدًا، يحقّ له في ختامها تكليف عضو كنيست آخر بتشكيل الحكومة، وإذا فشل هذا العضو بتشكيل الحكومة، فإن أغلبية أعضاء الكنيست المنتخبين بإمكانهم طلب تكليف عضو كنيست ثالث بتشكيل الحكومة، وإن فشل عضو الكنيست الثالث في مهمّته، فإنّ إسرائيل ستذهب لانتخابات مجدّدًا خلال تسعين يومًا.
 
قد تستمرّ هذه المداولات لسبعة أشهر، ستستمر حكومة نتنياهو فيها بتسيير الأعمال، دون أن يستطيع الاستقالة منها أو إقالة أي من أعضائها، بحسب القانون الإسرائيلي.
 
2. حكومة وحدة مع الليكود بدون نتنياهو
 
ووفقًا لكبيست، فإن الحلّ الوحيد في هذه الحالة هو التخلّص من نتنياهو. فقد أعلن لبيد، بالفعل، قبل أسبوعين أن قائمته "كاحول لافان" على استعداد لإقامة حكومة وحدة مع الليكود "في مرحلة ما بعد نتنياهو"، "لكن السؤال هو هل يوجد في الليكود من يستطيع شقّ عصا الطاعة والتمرد على نتنياهو؟ فعلى مدار سنوات حكمه نجح نتنياهو في القضاء على كافة التمردات الداخلية ضدّه. هذه المرّة، صحيح أن نتنياهو أكثر ضعفًا بسبب لوائح الاتهام، إلا أنه يمنع التقليل من قدراته السياسيّة ومن سيطرته المطلقة على حزب ’الليكود’، الذي يبدو أنه أقرب إلى طائفة أكثر منه إلى حزب سياسي ديمقراطي."
 
نتنياهو يخشى انقلاب ساعر عليه
 
وقد يفسّر هذا الاحتمال أسباب إصرار نتنياهو على إفشال الوزير السابق عن حزب "الليكود"، غدعون ساعر، الذي سرّبت صحيفة "يسرائيل هيوم"، قبيل الانتخابات، أنّه "يتآمر" مع ريفلين لتكليفه بتشكيل الحكومة بدلًا من نتنياهو.
 
3. انشقاق أحد أحزاب اليمين
 
لكن إن فشل الليكود في التخلّص من نتنياهو، فلا يعني ذلك أن حكومة الوحدة الوطنية بعيدة، إذ هنالك إمكانية لانشقاق أحد أحزاب اليمين واقترابها من أحزاب المركز. "فإن تقدّمت ’كاحول لافان’ بفارق كبير (مثل 5 مقاعد) عن ’الليكود’، سيحاول غانتس ولبيد اجتذاب أحزاب مثل ’يسرائيل بيتينو’ أو ’كولانو’ لمعسكرهم في مقابل رزمة من المقاعد الحكوميّة"، لكن مشكلة "كاحول لافان" هنا أن دخول هذه الأحزاب للكنيست غير مضمون لأنها تتذبذب حول نسبة الحسم.
 
لكن ماذا إن فاز معسكر نتنياهو الحالي وشكّل حكومة؟
 
وفقًا لبن كسبيت، فثّمة انطباع في الساحة السياسيّة الإسرائيليّة أن الانتخابات المقبلة ليست "المباراة النهائيّة"، إنما مباراة "نصف النهائي" تمهيدًا للانتخابات المقبلة التي ستشهدها إسرائيل لاحقًا إن قرّر المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية تقديم نتنياهو للمحاكمة مجددًا، بعد انتهاء الاستماع إلى أقواله.
 
وفي حالة كهذه، سيكون من الصعب على نتنياهو الحفاظ على حكومته الضيقة (إن نجح في تشكيلها) بعد الانتخابات القريبة، وفقط عندها، سيكون ممكنًا الذهاب لانتخابات من الممكن أن تحمل حسمًا سياسيًا حقيقيًا بعد نهاية مرحلة نتنياهو، "وإلى ذلك الحين، فإن الفوضى السياسية في إسرائيليّة ستستمر في وضعها الراهن.
 
تقييم إسرائيلي لمسيرات العودة بعد سنة على انطلاقها
 
مرّت سنة كاملة تقريبا منذ بدء تظاهرات مسيرة العودة المدنية السلمية عن السياج الأمني المحيط بقطاع غزة، ولم يمرّ أسبوع واحد من دون مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي. وسقط شهداء وجرحى فلسطينيون، في معظم أيام الجمعة، التي شهدت هذه التظاهرات. ويبدو أن إسرائيل لا تعرف كيف تواجه هذه التظاهرات، التي بادر إليها وأطلقها الفلسطينيون، في الثلاثين من آذار/مارس العام الماضي.
 
ولفتت دراسة، أعدها رئيس قسم الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة تل أبيب، والرئيس السابق لدائرة الجبهة الفلسطينية في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية برتبة عقيد، ميخائيل ميلشطاين، ونُشرت أمس الخميس، إلى أن مظاهرات مسيرات العودة، من حيث "خصائصها ومدتها مختلفة كليا عن النزاعات التي خاضتها إسرائيل في هذه الجبهة في العقود الأخيرة. وإثر ذلك، من الصواب تعريفها كـ’معركة جديدة’". 
 
واعتبر أن "بدايتها بـ’مسيرات العودة’، وهي احتكاك شعبي بحجم وقوة لم يُشهد مثلها في الماضي في قطاع غزة. ولاحقا، شملت المعركة الجديدة إرهاب الطائرات الورقية والبالونات، وكذلك مواجهات عسكرية موضعية قرب السياج الحدودي، ووصلت أوجها بجولات تصعيدية ذكّرت بالفترة التي سبقت الجرف الصامد"، أي العدوان على غزة عام 2014.
 
ورأى ميلشطاين أن "نموذج النضال الشعبي، الذين ميّز غالبا الضفة الغربية، الذي يكون فيه الاحتكاك بين الجيش الإسرائيلي والجمهور الفلسطيني واسعا نسبيا، جرى نسخه إلى جبهة القطاع، وملاءمته للظروف الخاصة في المنطقة. وذلك إلى جانب الحفاظ على تواصل مستمر للمواجهة، التي ألزمت إسرائيل بحالة تأهب دائم، وحشد قوات كثيرة، وحتى حرف الانتباه عن التحديات الإستراتيجية المركزية التي تواجهها، وفي مقدمتها الجبهة الشمالية."
 
واعتبر الباحث أن هذه "المعركة الجديدة" لم تكن "خطة منتظمة جرى إخراجها إلى حيز التنفيذ، وإنما ’تجربة وتضليل’ مارستها حماس خلال السنة الأخيرة، وحماس رعت هذه التظاهرات ولاءمتها لاحتياجاتها. وبمنظور حماس، غاية هذا النضال إنقاذها من الضائقة المتعددة الجوانب التي تواجهها، وذلك من دون المخاطرة بمعركة عسكرية واسعة النظاق وبالغة الأضرار على غرار ’الجرف الصامد’. وفي أعقاب ذلك بالإمكان تسمية أسلوب عمل حماس بـ’معركة بين حربين’، وهو مصطلح مستعار من المفهوم الذي طوّره الجيش الإسرائيلي في السنوات الأخيرة."
 
وأضاف ميلشطاين أن "اهتمام حماس المركزي كان متركزا على الضائقة المدنية الشديدة في القطاع، وعلى طرق لتخفيفها. وهدف المعركة الجديدة كان الضغط على إسرائيل كي تسمح بتسهيلات مدنية أخرى في قطاع غزة، من جهة؛ ومن الجهة الثانية، غاية النضال حرف أنظار سكان القطاع عن مشاكلهم الداخلية وتحويل إحباطهم نحو إسرائيل. وكان من شأن الصيغة ’الشعبية’ لمعظم الأحداث أن يساعد في تجنيد شرعية داخلية وخارجية، ومن خلال ذلك منع إسرائيل من تحقيق تفوقها العسكرية لدى مواجهتها التحديات الجديدة في جبهة غزة."
 
الانقسام بين القطاع والضفة
 
اعتبر ميلشطاين أنه توجد عدة استنتاجات مما يصفها بـ"المعركة الجديدة"، أي مسيرات العودة المتواصلة منذ سنة تقريبا، إزاء "الصورة الجديدة لحماس والاتجاهات الأساسية في المؤسسة الفلسطينية"، وهي:
 
أولا، "القطيعة الحاصلة فعليا بين جانبي المؤسسة الفلسطينية: رغم موت (استشهاد) أكثر من 250 فلسطينيا في الاحتكاكات في المنطقة الحدودية لقطاع غزة في السنة الأخيرة، بقيت الضفة الغربية هادئة نسبيا من الناحية الشعبية والأمنية. والآن، على الأقل، يبدو أن الجمهور الفلسطيني في الضفة مرتدع من التوجه إلى خطوات شعبية، بما في ذلك التماثل مع أشقائه في قطاع غزة، ويفضل الاستمرار في الحفاظ وتنمية نسيج حياته. وهذا الأمر يسبب إحباطا عميقا في حماس، التي تحاول ’إشعال’ الضفة الغربية بواسطة المبادرة إلى عمليات وتشجيع نضال شعبي."
 
ثانيا، "تعزز مفهوم حماس الاستقلالي كجهة ذات سيادة وإحدى غاياتها المركزية، وربما المركزية، هي الحفاظ على الحكم ومعالجة الوضع المدني، من دون التنازل عن صبغتها الأصلية وغاياتها الإستراتيجية، وخاصة الأهمية التي توليها للحفاظ على قوتها العسكرية وتنميتها. والاعتبار المدني، مثلما في حالة ’الجرف الصامد’، مرتبط بحبل سرّة المعركة الجديدة، ويعكس مرة أخرى المشكلة العويصة القائمة في قطاع غزة بين الواقعين المدني والأمني، وهي علاقة لم تُفهم بالقدر الكافي في إسرائيل عشية ’الجرف الصامد".
 
ثالثا، "تسعى حماس طوال الوقت إلى فك رموز طريقة التفكير الإسرائيلية، ويُلاحظ أن قيادة الحركة تفهم جيدا الارتداع العميق، لدى الحكومة والجيش والجمهور في إسرائيل، من تصعيد ’متدحرج’ يؤدي إلى احتلال القطاع. وعلى ضوء ذلك، تدفع حماس نموذج نضال يسمح لها بالتعبير عن صبغتها كحركة مقاومة وأن تثبت أنه على الرغم من تحولها إلى حزب حاكم، ورغم تخوفها العميق من حرب واسعة، فإنها لا ترتدع بشكل مطلق من دفع خطوات متحدية تجاه إسرائيل."
 
رابعا، "العودة إلى ’عهد الجولات’. يرافق هذه الظاهرة خطر الانزلاق، حتى من دون تخطيط ورغبة الجانبين، إلى حرب واسعة، مثلما حدث في سابقة ’الجرف الصامد’. والدمج بين الشجاعة المتزايدة للفصائل المسلحة في القطاع، وارتداع حماس من فرض سيادته بالقوة عليها، تشكل وصفة لتدهور الوضع: الاحتكاكات الموضعية قد تتطور إلى ’تبادل ضربات’ مع إسرائيل، وتتسع لاحقا إلى حد مواجهة واسعة."
 
خامسا، "مشكلة الجيل الشاب في المؤسسة الفلسطينية عامة وفي قطاع غزة خاصة: الشبان الغزيون هم القوة المحركة المركزية للنضال الحالي، ووزنهم بالغ بين جمهور المتظاهرين وكذلك بين القتلى (الشهداء) في الصدامات.
 
وحماس تعي الإحباط العميق بين جمهور الشباب الذي يفتقر إلى أفق، والذي قسم كبير منه يشعر أنه ليس لديه ما يخسره، ويحاول تحويل نشاطه ضد إسرائيل. وتفجر مستقبلي لغضب الشباب والذي سيوجه ضد حماس أيضا، من شأنه أن يقود الأخيرة إلى المبادرة لخطوات عسكرية محدودة ضد إسرائيل، وذلك بهدف حرف أنظار الجمهور عن المشاكل الداخلية."
  
وأشار ميلشطاين إلى أن غزة هي "الجبهة الأكثر قابلية للاشتعال" التي تواجهها إسرائيل اليوم. "ورغم أنه لا توجد مصلحة لدى أي من الجانبين بتصعيد حتى موعد الانتخابات في إسرائيل، إلا أنه، مثلما حدث في الماضي، ثمة احتمال لتدهور من دون وجود رغبة لدى كلا الجانبين، في أعقاب احتكاك متواصل يرافقه سوء فهم."