أثنى فهد، على هذا النشاط كنموذج للمواطنة الصادقة والملتزمة مع التأكيد أنّه الأول من نوعه في قصور العدل
 
بادر شبّان وشابّات من جمعيّة "فرح العطاء" إلى تنظيم وترتيب أرشيف محكمة التميّيز المُهمل في الطبقة السفلى من قصر عدل بيروت، قرب موقف السيّارات الخاصّ بالقضاة.
 
وفي زمن السلم بقيت الملفات تُشَقع فوق بعضها. الى أن أتى الفرج على يد شابات وشبان متطوعين في جمعية "فرح العطاء"، عقدوا العزم على ترتيب ما خلفه الزمن من فوضى ورائحة عفن وغبار. وشمروا عن سواعدهم لترتيب هذا النفق وتوضيبه وتنظيفه وإعادته الى الحياة. 
 
وجوه المُشاركين في هذا العمل التطوعي والفريد من نوعه، إمتزجت بالحماسة والشغف الذي يبعثُ الأمل بغدٍ واعدٍ. 
 
توزّع الشبّان ما بين فريق يُعيد توضيب الملفات المنسيّة منذ عقود، وبين فريق آخر ينفضُ الغبار حتى غمرت وجوههم. إنتشروا في هذا المستودع المُهمَل ورائحة العطاء تتعالى من إلتزامهم في إتمام هذه المهمّة في مؤسّسة عامّة تحت راية العدالة. قرّروا هؤلاء الطلبة الجامعيّين، تزويد نشاطهم بالإيمان لترك بصمة تحدّي في نفوس اللّبنانيّين كافّة، من خلال مهمّتهم التي  لا يُدركُ غايتها وأهمّيتها إلّا من يُعايشون قصر العدل.
وجالت عدسة موقع "لبنان الجديد"، في المكان وإلتقت بـِ رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، ورئيس الجمعيّة المحامي ملحم خلف والمشاركين في الورشة، حيثُ ثمّنا جهودهم في إعادة الحياة إلى هذه الملفّات المنسيّة ومن دون أيّ مُقابل مادّي.
 
 
وفي حديثٍ خاصّ مع موقعنا، قال المُحامي إلياس سلامة:" أخذت جمعيّة فرح العطاء مبادرة على عاتقها لتُعيد ترتيب وتنظيف الملفّات في محكمة التمييز وهذا النشاط هو على صعيدَين، الأوّل هو أنّه ليس ملفًا قضائيًّا، إنّما هو ملف يحوي حقوق أشخاص لذلك هناك أهميّة لهذه المُبادرة أنّها تُعطي لأصحاب هذه الحقوق أحقيّة إسترجاع ملفاتهم. أمّا ثانيًا، هذه الملفات ليست أرشيف فقط إنّما إجتهادات محاكم وهذا عمل قضاة ومُحامين، هذا إرث حقوقيّ وثقافيّ يجبُ المُحافظة عليه والأهميّة تكمُن لأنّ الإجتهادات هي من إحدى مصادر القانون من هُنا الأهميّة أن نُحافظ على إجتهادات المحاكم لإستخدامها كمصدر من مصادر القانون".
 
وتابع:" نحنُ اليوم في مستودع محكمة التمييز الذي يضمُّ ملفات تقريبًا من سنة 1950 حتى 1990 وهذه الملفات جزء منها مفصول وصادر فيهاأحكام نهائيّة أمّا الجزء الباقي لم يكتمل بعد".
 
وأضاف:" كما تعلمون أنّ محكمة التمييز هي آخر درجة من درجات المحاكمة، فهناك ملفات من محكمة البداية والإستئناف والتمييز، فمنذ أحداث عام 1985 وإصابة محكمة التمييز وإحتراق قسم من ملفاتها تمّ نقلها الى هذا المستودع وجرى توضيبها ولكنّ مع الزمن تحتاج إلى إعادة ترتيب وتوضيب والتأكّد من وضعها مع إعادة الكشف على الملفات المُتضرّرة. يجري إعادة تأهيلها بتنظيفها وترتيبها والتأكّد من كل الملفات وفقًا لدفاتر السجّلات القديمة للملفات. حتى إذا إنتهى العمل يكون قد عُرِف مكان كلّ ملف تمهيدًا لمكننة هذه السجلات التي تُسهّل عمليّة الوصول إلى الملف".
 
وفي ختام حديثه، شدّد سلامة على أنّ هذه المُبادرة هي مُبادرة تؤمن بـِ لبنان وبـِ نهضته من خلال القضاء لأنّ جمعيّة فرح العطاء تؤمنُ بأنّ القضاء هو ركيزة المجتمع وقال:" إذا لا نملكُ قضاء لا نملكُ لبنان و لا نملكُ مجتمع من هُنا أتت هذه المُبادرة، فعندما تعرف السلطة القضائيّة مدى مساندة المواطنين لها عندها تشعر بمدى وقوفها إلى جانب المواطن، نحن هنا كمواطنين وليس كجمعية لاننا نحب لبنان وسنبقى فيه لأنّه بلدنا، ويجب ان نعرف كيف نحافظ عليه، سنغيّر ما يوجعنا فيه".
 
 من جهة أخرى، صرّح القاضي جان فهد لـِ موقع "لبنان الجديد":" الورشة ماضية بمُساعدة "فرح العطاء" ومساعدين قضائيّين لتتولّى بعدها الأقلام دورها في الأرشفة، هذه المبادرة حظيت بإقبال من جانبنا و المجتمع المدني يدًا بيدّ، ونحنُ سعداء بهذا العطاء".
 
وشدّد فهد في تصريحه على أنّه بعد إنهاء عمليّة إعادة التأهيل ستتم جدولة الملفات وحفظها وفق الأصول المعمول بها في المحاكم والتقنيّات الحديثة. 
 
وتابع فهد:"إن عملية إعادة تأهيل مخزن محفوظات وملفات محكمة التمييز في بيروت من قبل متطوعي فرح العطاء هي تأكيد على إلتزامهم التعاضدي الوطني للتصدي لما يعيق عمل بعض المحاكم وذلك إيمانا منهم بالمواطنة الملتزمة وبأن القضاء هو رافعة الوطن ونهضته وقيامته. "
 
وأخيرًا أثنى فهد، على هذا النشاط كنموذج للمواطنة الصادقة والملتزمة مع التأكيد أنّه الأول من نوعه في قصور العدل، شاكرًا فرح العطاء على مبادرتها وعلى إستمراريّة إعطاء مثل هذا النموذج.
 
في المُقابل، رأت السيّدة منى كالوت، أنّه منذ 1990 كنتُ أدركُ أهميّة القيام بهذا المشروع والجهد الذي تقومُ به جمعيّة "فرح العطاء" برعاية الرئيس جان فهد نشكرهم عليه وهذا شيء بغاية الأهميّة خاصّة أنّ ملفات محكمة التمييز ثروة نملكها ومُفترض المحافظة على كافّة الملفات".
 
وأضافت:" هذه المبادرة أعطتنا الشجاعة لإعطاء جهد شخصي لمصلحة العدليّة ونتمنى ألا يذهب المجهود هدرًا وأن نُحافظ عليه بالأجيال القادمة لاسيّما وأنّنا عثرنا على ملفات مطبوعات منذ أيّام الصحافي سليم اللوزي و رياض طاهة ".
 
كما شارك موظّفون ومساعدون قضائيّون في قلمي محاكم التمييز في عملية ترتيب الملفّات وتصنيفها بين جَزائي ومَدني تسهيلاً للوصول إليها عند اللّزوم.
 
وتسعى الجمعيّة منذ تأسيسها خلال عام 1985، إلى جمع شمل العائلة اللّبنانيّة على أسس تفوق قيمة الإنسان وكرامته، فالإلتزام بالوطن، المواطنة والتعاضدّ، يختصر "فرح العطاء".
 
من لبنان إلى مختلف أنحاء العالم، فروع إمتدّت إلى فرنسا عام 1986 فإلى أوروبا عام 2010 وصولاً إلى العراق في 2010 ، فالولايات المتّحدة في 2012.
 
يُذكر أنّ "فرح العطاء"، دخلت السجون وقامت بترميمها إحتراماً لكرامة السجين، إعتنت بالمدارس الرسميّة في القرى المنسيّة، فشيّدت بهمّة متطوعيها مدرسة رسمية في عكار، وأنجزت ترميم ما لايقلّ عن 12 مدرسة رسميّة، وأعادت تأهيل 8 سجون في لبنان منها بمواصفات تبنين(2009)، البترون(2008) وعاليه (2012).كما عمدت إلى مساعدة الأهالي الذين تضرروا في الإنفجارات الإرهابيّة.