تعترف جميع القوى السياسية اللبنانية بأن الفساد السياسي في البلاد منتشر في الوزارات وفي الادارات الرسمية بنِسَب متفاوتة، ويتفق الجميع على ضرورة استئصاله، بالنظر إلى أن بعض تلك الملفات تعود إلى عهود ماضية، وتراكمت ثروات ضخمة لهؤلاء دون محاسبة على الرغم من ارتفاع أصوات تنادي بها في أكثر من عهد، ثم طويت تارة للحفاظ على التوازنات، وطوراً من أجل منع المساس بالتنوع الطائفي.

ونُقل عن فاعليات سياسية مواكبة، أن توقيت فتح ملف الفساد كأول عنوان ساخن بعد تشكيل الحكومة كان متسرعاً؛ لأن ما رافقه من ردات فعل سواء من الرئيس الأسبق للحكومة فؤاد السنيورة وتيار المستقبل، أحدث اضطراباً في الاستقرار السياسي، وخفّض الثقة الدولية للبدء في تنفيذ مشروعات «سيدر»، وهذا ما انعكس في أحاديث بعض الزائرين الدوليين وفي تقارير السفارات المعتمدة لدى لبنان من أوروبية وعربية.

وأشارت هذه الفاعليات إلى أن التراشق الإعلامي الذي ارتفعت وتيرته في بعض وسائل الإعلام وانتقل إلى مجلس الوزراء، هدد بإمكان استمرار التراشق لولا الاتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة، والتمني على الوزراء إبقاء المداخلات إلى الجزء الأخير من الجلسة، ونجحا في تجنبها للتمكن من تمرير المشروعات المتصلة بحياة المواطن.

وكشفت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» عن أن اللجان المختصة ماضية في تحضير جدول بأولويات المشروعات المطلوبة من المشرفين على مؤتمر «سيدر» وفي طليعتهم فرنسا، وتحديداً المبعوث الرئاسي بيار دوكان، الذي أبلغ ملاحظات تختصر بأنه لن يكون هناك تمويل لمشروعات قبل إنجاز إصلاحات ملحّة، مثل وضع آلية لمعالجة العجز المتراكم لشركة كهرباء لبنان، ثم تخفيض في بعض بنود موازنة 2019، وإنهاء خدمات الموظفين الذين لا ينتجون أو لا لزوم لهم، والموزعين في بعض الوزارات بتوظيفات بعناوين مختلفة ولم يخضعوا إلى أي امتحان في «مجلس الخدمة المدنية»، وهو المرجع الصالح للتوظيف الرسمي.

وأكدت المصادر، أن المدخل الواجب لوضع جدول بأولويات المشروعات الذي يطالب به «سيدر» هو إنجاز الموازنة، والتأكد أنها تتضمن تلك المشروعات من الناحية المالية لخفض الإنفاق والدين الذي يتضاعف.

وذكرت المصادر الوزارية، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلب من موفده دوكان، أن يبلغ المسؤولين في بيروت أنه يجب إنجاز التصور الرسمي الواحد للمشروعات بورقة عمل تحتوي على المقترحات لتأمين مؤتمر المساعدات الاقتصادية قبل نهاية شهر مارس (آذار) الحالي من أجل مراجعتها لعرض الخطة التي تتضمن التصور اللبناني لتنفيذ المشروعات لعرضها على مؤتمر «سيدر» في النصف الأول من أبريل (نيسان) المقبل؛ وذلك لمناقشتها وإقرارها لإعطاء الضوء الأخضر للتنفيذ.

وأعادت المصادر إلى الأذهان أن الإقبال الدولي، ولا سيما الأوروبي والعربي كانت نسبته مرتفعة، ونصحت بعدم إضاعة هذه الفرصة أو التلكؤ فيما يطلبه المشرفون على هذا المؤتمر بقيادة الرئيس ماكرون؛ نظراً إلى خطورة انعكاساته السلبية على الاقتصاد اللبناني. وقالت المصادر: إن لبنان في المرتبة الـ13 من أصل 16 دولة عربية اصابها الفساد باستعمال وزراء للأموال العامة وقبول رشى، إلى ما هنالك من طرق فاسدة لإغراء الموظف الرسمي.