هل صحيح أن جبروت أميركا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا عاجز عن منع تركيا أردوغان وقطر تميم من العبث بأمن الليبيين.
 

من أجل تنشيط ذاكرة العراقيين والعرب، وغيرهم من شعوب العالم الأخرى السعيدة، بقرب تطهير آخر جيوب الدواعش يتوجب علينا أن نعود إلى بداية ولادة هذا البعبع الذي أرعب الدنيا، وصولا إلى نهايته التي كانت محتومة ومعروفة سلفا لكل ذي علم عليم.

ففي الرمادي، في 25 ديسمبر 2012، بالتحديد، أصبح وكلاء التحالف العجيب الغريب المريب بين الريال القطري والإسلام التركي والتقية الإيرانية هم القادةَ والممولين والمحرِكين والمسيرين لموجة التظاهرات، والمخترعين الأوائل لفكرة الاعتصام في الأنبار أولا، ثم في باقي المحافظات السنية الست.

وبعد أن كانت مطالب المعتصمين لا تزيد على تحقيق العدل، ووقف التهميش، والكف عن إرهاب نوري المالكي وفق “المادة 4 إرهاب”، تمكن التحالف بين الريال القطري والإسلام التركي والتقية الإيرانية من رفع سقف تلك المطالب وتسخينها وتحويلها إلى نفير عام لا يكتفي بمطالبة الحكومة المالكية القاسمية السليمانية بتحقيق المطالب المشروعة لجموع المتظاهرين، ومنهم أبرياء وشرفاء وصادقون كثيرون، بل بالتهديد بغزو العاصمة، وإسقاط الحكومة، وإقامة الخلافة القومية الطائفية السنية على أنقاضها. طبعا لا ينبغي أن ننسى أن الشيوخ الذين تصدروا المعتصمين بالأمس يستظلون، اليوم، بخيمة الولي الفقيه، ويجلسون بين نوري المالكي وهادي العامري، وكأن شيئا لم يكن، وبراءة الأطفال في عيونهم، ولا يخافون ولا يستحون.

وأنتم، قراءَنا الأعزاء، بلا شك تتذكرون كيف سارع نوري المالكي إلى استغلال تهديداتهم باحتلال العاصمة، واتخاذها ذريعة شرعية لتجييش جيوشه في 30 يناير 2013 واقتحام الرمادي لتحريرها وسحق فلول المعتصمين، ظالما أو مظلوما، زيادة في إذلال الطائفة التي يبغضها وليُّه الفقيه، ومن أجل مزيد من الانتقام من أحفاد يزيد.

وهنا، وفي هذه الموقعة بالذات، نبتت تلك الشجرة الخبيثة التي أصبح اسمها داعش، وارتدى قتَلتُها ومفخِّخوها وذبّاحوها ثيابَ ثوار العشائر المجاهدين الناهضين فقط لنصرة المظلومين، وللدفاع عن الله ورسوله والمؤمنين.

وكان طبيعيا واعتياديا أن تتوافد لنصرتهم وتقوية أزرهم فلولُ الزرقاوي، ورجال الطريقة النقشبندية، وبقايا أسوأ البعثيين وأكثرهم غباء وجهالة وطائفية وعصبية عنصرية، طلبا للثأر ولرد الاعتبار.

وفي 9 يونيو 2014 تمكن الدواعش، ومَن لف لفهم، من طرد جيش الحكومة من الموصل، لتبدأ حكاية إبريق الزيت، ولتتسع دولة الخلافة الإسلامية في العراق وسوريا، ثم لتبدأ حروب الحلفاء، (تركيا أردوغان وسوريا الأسد وإيران قاسم سليماني وأميركا الأوبامية وجحافل الحشد الشعبي)، لقتال تنظيم داعش وتحرير البلاد والعباد من شروره، وصولا إلى اجتثاثه من جذوره، كما قيل، وكما يقال.

هذه هي الحكاية من طقطق لسلام عليكم باختصار شديد.

والآن، وقد أشرفت معارك اجتثاث الدواعش على نهايتها يحق لنا أن نتساءل:

هل صحيح أن داعش قد انتهى ولن تكون له ذيول وبؤر وخلايا نائمة في المساجد والمدارس والمنازل والإذاعات والفضائيات ومواقع الإنترنت؟

وهل إن البيئة التي أنتجته لم يعد لها وجود في العراق وسوريا واليمن وليبيا وفلسطين؟

بعبارة أخرى. هل تحققت العدالة والمساواة في العراق ولم يعد الانتماء الطائفي هو مقياس الكفاءة، وانتهى زمن الميليشيات وسلاحها، وأصبح الدين لله والوطن للجميع، وخلت سجون نوري المالكي وحيدر العبادي وعادل عبدالمهدي من سكانها، الرجال والنساء والأطفال، أم إن الظلم هو نفس الظلم، والتهميش نفس التهميش، والاختلاس نفس الاختلاس، والعمالة نفس العمالة، وقاسم سليماني هو نفسه الحاكم بأمره الذي يوزع المناصب والمكاسب والرواتب، كما كان، وكما سوف يظل يكون، حتى يتبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض من جهاد المجاهد المناضل دونالد ترامب وجيوشه التي تغطي عين الشمس في العراق وسوريا؟

وهل صحيح أن بشار الأسد هو الواحد الأحد الذي لا بديل له سوى دمار سوريا التي لم يبق فيها منزل دون مأتم، ولا شارع دون دم؟

وهل صحيح أن أميركا وروسيا وإسرائيل لا تستطيع أن تخرج إيران وذيولها، حسن نصرالله والنجباء والعصائب وأبي فضل العباس والعشرات من الميليشيات التي لا تختلف عن داعش بشيء؟

وهل صحيح أن جبروت أميركا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا عاجز عن منع تركيا أردوغان وقطر تميم من العبث بأمن الليبيين، ومنعهما من الاستمرار في سياسة الإغداق على المجاهدين الليبيين بالمال والسلاح والمقاتلين؟

وهل صحيح أن أميركا وروسيا وأوروبا والصين وحليفاتها العربية والإسلامية عاجزة عن قطع طريق الكرم الحاتمي الإيراني على الحوثيين بالمال والصواريخ والرجال، وإطفاء نار الفتنة في اليمن غير السعيد بجرة قلم؟

وماذا عن فلسطين، وقد أطلق ترامب، قولا وعملا، يد بنيامين نتنياهو في رقاب الفلسطينيين وأرزاقهم وكراماتهم ومستقبل أجيالهم القادمة التي ولدت في المنافي، والتي ستولد في الفيافي والقفار؟

وسنبقى نتساءل، هل وهل وهل، ولا نهاية لسلسلة “هل”، وهم، كلهم، لا يقرأون ولا يسمعون؟

وبعد كل هذه المظالم والمآتم والولائم تريدون منا أن نصدق بأن داعش قد انتهى، أيها المنافقون؟