أزمة الأزمات ما زالت قضة الكهرباء في لبنان والحق على المواطن!!
 

هذا ما كان ينقص المواطنين اللبنانيين الصابرين، الذين ينامون باكراً على العتمة، ويستيقظون على فواتير المولدات الكهربائية التي تقصم الضهور، فمستشارة مستشار وزير الطاقة السابق جبران باسيل، والتي اعتلت منصب الوزير منذ حوالي شهرٍ فقط، اكتشفت العلّة الكامنة في مشكلة الكهرباء وتقنينها المتمادي منذ أكثر من ثلاثة عقود، إنّهم المواطنون، صرخت الوزيرة ندى البستاني: وجدتُها، إنّهم المواطنون الذين يسرقون الطاقة خلسةً ولا يدفعون الفواتير، والتّعرفة المدعومة من دولة "النهب والمحاصصات"، اكتشفت الوزيرة ما استعصى على الرجال - الرجال منذ إقالة وزير الطاقة الراحل جورج افرام في 11/6/1993 لاختلاف رؤيته الإصلاحيّة مع ثنائي الترويكا الشهيرة، الرئيسان الراحلان الياس الهراوي ورفيق الحريري (اذكروا محاسن موتاكم)، لتستمر مع الإقالة النادرة في تاريخ لبنان السياسي الحديث، معاناة اللبنانيين مع الظلام وفواتير المولدات الخاصة مع تعاقب عددٍ من الوزراء على الوزارة "الدسمة" من كلّ الألوان والأجناس، والذين كما تبيّن فيما بعد، أنّهم قاموا بتأمين مصالحهم قبل تأمين الطاقة الكهربائية.

 

إقرأ أيضًا: مدير عام المالية.. عوني آخر يُكمل الهجوم على السنيورة

 

نقول أنّ الوزيرة البستاني اهتدت وبسرعة فائقة إلى الخلل الكهربائي المتمادي ، إنّهم المواطنون الذين "يُعلّقون" أسلاكهم على أسلاك المؤسسة لسرقة الطاقة (مع أنّها معظم الأوقات تكون باردة)، والمواطنون الذين لا يدفعون الفواتير (بسبب تخلُّف الإدارة في الجباية)، ومن ثمّ رفع التّعرفة (تدريجياً والحمد للّه)، ذلك أنّ الوزيرة ترى أنّ التعرفة مدعومة منذ زمنٍ طويل، مثلها مثل البنزين والسكر والقمح، مع العلم أنّ الخزينة تجني أموالاً من أسعار المحروقات، ولا علم حتى الآن عن دعمٍ لمادة السُّكّر!.

 

والأهم من هذا وذاك، أن تتوقّف مؤسسات "الدولة" عن سرقة مؤسسات "الدولة"، فالمؤسّسات الرسمية مدينة لمؤسسة كهرباء لبنان بفواتير تبلغ وفق حسابات الوزيرة بما لا يقلُّ عن ألفين وخمسمائة مليار ليرة (2500 مليارليرة لبنانية فقط لا غير).

 

إقرأ أيضًا: هل يكون الرئيس السنيورة آخر ضحايا الحريريّة السياسية

 

هكذا إذن، عودٌ على بدء، تحميل المواطنين أعباء الأخطاء والارتكابات والسرقات ونهب المال العام ، والعبث بمصالحهم وكرامتهم، أمّا الوزراء والمدراء العامّون ومافيات الفيول مع سائر السماسرة وتُجّار المولدات، فيستحقّون ربما، بنظر معالي الوزيرة رفع التّحيّات الحارّة على جهودهم الجبارة في تأمين طاقة "مُقنّنة" وقاسية طوال ثلاثين عاماً، أمّا البُشرى للمواطنين الصابرين فهي عودة الوزيرة إلى خطّة باسيل "المشؤومة" عام 2010 ، والتي حصل معها على مليار ومائتي مليون دولار، مع الوعد القاطع بتأمين الكهرباء بدوامٍ كامل عام 2015. 

 

ولم يتحقّق سوى المزيد من التّقنين والعثرات والهدر المتمادي لخزينة الدولة، إلاّ أنّ معالي الوزيرة ستُضيف  "لمستها الناعمة" على الخطّة التي شابتها التّجاعيد.

 

يحار اللبنانيون أمام مصاب فقدان الطاقة الكهربائية ولا يجدون لها حلاّ معقولاً، لو سألوا أحد البهاليل لربما أجابهم إجابةً شافية تُغني عن البحث والتّمحيص وبما يشفي العقول: سأل رجلٌ بهلولاً : ما تقول في رجُلٍ مات وخلّف زوجةً وأُمّاً وبنتاً، كيف تقسم التركة بينهن؟ فقال: اليُتمُ للبنت والثّكلُ للأم، وخرابُ البيت للزّوجة.

 

تُصبحون وتُمسون على كهرباء "ناعمة".