نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للمحررة رولا خلف، تحت عنوان "بينت الجزائر كيف تتشكل المقاومة ضد الاستبداد".
 
وتقول خلف في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إن الشعب الجزائري "الصبور قرر أن ينتفض، فبعد عقود من الإساءة خرج إلى الشارع ليعبر عن رفضه"، لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لانتخابات نيسان/ أبريل.
 
وتشير الكاتبة إلى أن "هناك سرا معروفا، وهو أن بوتفليقة (عاجز تماما)، وهو في الواقع رجل مربوط على كرسي متحرك، تقف خلفه مجموعة من العسكريين ورجال الأعمال والمخابرات، يحكمون البلاد، فمنذ عام 2014 لم يلق خطابا، ولم ير ماشيا، بل إنه لم يحضر في أثناء ترشحه الأخير للرئاسة في ذلك العام".
 
وتفيد خلف بأن "الشعب الجزائري كان يراقب ما يجري من بعيد، خاصة أنه لم يتخلص بعد من صدمة سنوات الحرب الأهلية في التسعينيات من القرن الماضي، ولهذا السبب لم يتحرك حتى عندما انتفض الجيران العرب في 2011، لكن هناك حدودا للصبر حتى عند الذين تعودوا على تحمل الألم".
 
وترى الكاتبة أن "الجزائريين وصلوا إلى هذه النقطة، وقد تخفت التظاهرات الشبابية في معظمها، التي نظمت عبر منابر التواصل الاجتماعي وضربت البلاد، أو قد تواجه عنف النظام، الذي حافظ على بوتفليقة خلال العشرين عاما الماضية، إلا أن الشعور بالإهانة من مدة رئاسية أخرى لرئيس مريض أخرج البلاد من حالة السبات التي تعيشها". 
 
وتعلق خلف قائلة إن الحرب الجزائرية كانت أول نزاع تغطيه في تسعينيات القرن الماضي بصفتها مراسلة أجنبية، مشيرة إلى أن الشعور بالإهانة ذاته هو الذي دفع الملايين من الجزائريين للخروج في عام 1988 للشارع، والمطالبة بالديمقراطية بعد سنوات من الحكم الديكتاتوري القائم على شرعية "حرب المليون شهيد" للتحرر من الاستعمار الفرنسي. 
 
وتلفت الكاتبة إلى أن "الجيش تدخل في عام 1991 لمنع الإسلاميين من الانتصار في الانتخابات، في بروفة تشبه بدرجة كبيرة ما حدث للربيع العربي بعد عقدين من الزمان، وفي ذلك الوقت قرر الإسلاميون حمل السلاح، ودخلت البلاد في فوضى حرب أهلية". 
 
وتعلق خلف قائلة إن عدم التئام جراح تلك الحرب حتى الآن لا يدهشها، "فلسنوات ظلت الغالبية الجزائرية الصامتة تعيش في رعب، ووجدت نفسها وسط وحشية النظام وشرور المتمردين المتطرفين". 
 
وتنوه الكاتبة إلى أن خروج الجزائريين للشوارع ذكرها بكلمات المدير التنفيذي لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" كينث روث، الذي سمعته يتحدث عن "عودة المقاومة".  
 
وتقول خلف: "صحيح أن النظام الديمقراطي عانى من تدهور خلال العقد الماضي، وفاقم تراجعه تآكل القيادة الأخلاقية الأمريكية، إلا أن ما قصده روث هو أن المدافعين عن الديمقراطية وحقوق الإنسان يحققون مكاسب، وإن لم يظهروا في عناوين الأخبار، من الإطاحة العام الماضي بحكم رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق، إلى صعود رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، والتظاهرات التي تقودها المعارضة في فنزويلا التي قد تضع نهاية لحكم نيكولاس مادورو، ومقاومة قضاة المحكمة العليا في بولندا لعملية تطهير قصد منها تأكيد الاستبداد في البلاد". 
 
وتفيد الكاتبة بأن "المقاومة ضربت ضربتها في الولايات المتحدة نفسها في أثناء الانتخابات النصفية، التي منح فيها الناخب الأمريكي مجلس النواب للحزب الديمقراطي، بالإضافة إلى قرارات المحاكم التي قيدت النزعة السيئة لدى ترامب، خاصة في موضوع المهاجرين". 
 
وتبين خلف أنه "السودان يشهد منذ بداية العام الحالي تظاهرات عارمة ضد 30 عاما من حكم عمر البشير، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لارتكاب جرائم في دارفور". 
 
وتستدرك الكاتبة بأنه "رغم هذه الانتصارات، إلا أن الديمقراطية بحسب تقرير (فريدم هاوس) لا تزال تعاني وللعام الثالث عشر على التوالي، فقد انتخب البرازيليون رئيسا يحب الديكتاتورية، وصوت البرلمان المصري المذعن على تعديلات دستورية تجعل من عبد الفتاح السيسي رئيسا مدى الحياة".
 
وتختم خلف مقالها بالقول إنه "أمام صعود الديكتاتورية هناك مقاومة متزايدة، والجزائر هي أحد الأمثلة".