وافقت محكمة مجرية أمس على تسليم البرتغال مقرصن معلومات مرتبط بتسريبات «فوتبول ليكس» التي أماطت اللثام عن فساد مزعوم في عالم كرة القدم، ما فتح الباب أمام تحقيقات قضائية في دول أوروبية عدة.
 
وكانت السلطات المجرية أعلنت في 16 كانون الثاني الماضي القبض على البرتغالي روي بينتو (30 عاماً) المقيم في العاصمة بودابست تنفيذاً لمذكرة توقيف أوروبية صادرة عن السلطات البرتغالية، لارتباط إسمه بتسريبات «فوتبول ليكس» وسرقة رسائل إلكترونية داخلية لنادي بنفيكا البرتغالي.
 
وأكّدت المحكمة المجرية أنّه «لا يمكن رفض طلب التسليم. كل الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي يُتوقّع منها إلتزام المعايير القضائية ذاتها»، في إشارة الى مذكرة التوقيف الصادرة عن البرتغال، والتي تمّ بموجبها إلقاء القبض على بينتو، على الرغم من معارضة محاميه تسليمه، وهو رهن الإقامة الجبرية منذ أسابيع بانتظار البت في مسألة تسليمه.
 
وتتهم النيابة العامو بينتو بـ«محاولة الإبتزاز الشديد، والوصول غير المشروع وسرقة البيانات من بعض المؤسسات بما في ذلك الدولة».
 
وأشار محاموه الى أنّه «جزء هام» من موقع «فوتبول ليكس»، والذي وفّر ملايين الوثائق المقرصَنة لمؤسسات إعلامية أوروبية حول مخالفات مزعومة في عالم كرة القدم، قامت بنشرها على دفعتين في نهاية عام 2016 ثم تشرين الثاني 2018.
 
وكان بينتو المكنّى «جون» من قِبل الصحافيّين الذين درسوا الوثائق، «متفائلاً» بتجنّب التسليم، بحسب ما قال لوكالة «فرانس برس» أحد ممثليه القانونيّين ديفيد ديك.
 
ويُتّهم بينتو بسرقة رسائل إلكترونية داخلية لبنفيكا، استخدمها مسؤولون لدى غريمه التقليدي بورتو لاتهامه بقضية محاولة السيطرة على الحكّام في الدوري البرتغالي. وكانت تسريبات «فوتبول ليكس» قد كشفت عن نظام التهرّب الضريبي المتّبع في عالم كرة القدم، وخصوصاً في قضية للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو عندما كان يدافع عن ألوان نادي ريال مدريد.
 
وفي تشرين الثاني الماضي أشارت تسريبات جديدة إلى فضائح طالت فريقي باريس سان جيرمان ومانشستر سيتي بشأن مخالفتهما قوانين اللعب المالي النظيف بغطاء من الإتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا)، ورئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جاني إنفانتينو، حيث حامت الشكوك حول وجود «صداقة مريبة» تجمع بينه والمدّعي العام لمنطقة هو-فاليه السويسرية رينالدو أرنولد.
 
خبير تكنولوجيا
 
ويصف محامو بينتو موكلهم بأنّه «شاب برتغالي يحبّ كرة القدم، وبسبب اشمئزازه من الممارسات المعروفة تدريجاً، قرّر أن يكشف للعالم حجم الممارسات الإجرامية التي لا تؤثر فقط على كرة القدم بل تعرّض صورتها لضرر كبير. وساهمت تلك التسريبات بنشر معلومات هامة نتجت منها تحقيقات عدة».
 
ويصف عارفو بينتو، صاحب الوجه الطفولي، بأنه «اجتماعي وسعيد» بحسب معلومات حصلت عليها «فرانس برس» من شبكة «ذا سيغنالز» الأميركية التي تتألف من كاشفي معلومات.
 
وبحسب الصحف البرتغالية، خضع بينتو، أحد عشاق نادي بورتو ورونالدو، لدروس شخصية في برمجة الحواسيب، وهو يتحدّر من فيلا نوفا دي غايا إحدى ضواحي بورتو، ويعيش في بودابست منذ 2015. ووصل الى المدينة ضمن برنامج تبادل كجزء من دراسته في التاريخ، ويرى بأنّ بلاده لم تعد تمنحه «أية آفاق بسبب الأزمة الاقتصادية».
 
وبعد تثبيت نفسه في المجر، حيث يكسب قوته ويساعد والده صانع الأحذية المتقاعد، من خلال عمله في الآثار القديمة، أنشأ بينتو موقع التسريبات في 2016. وبدأ بتحميل عقود لاعبين ومدربين من نادي سبورتينغ البرتغالي والفرع المالطي من صندوق الإستثمار «دوايان»، المثير للجدل في سوق انتقالات اللاعبين.
 
أوقف بينتو في بودابست ضمن هذا السياق في محاولته ابتزاز «دوايان»، وأقرّ باتصاله بالصندوق، لكن بغية اختباره من دون أي نية سيئة. وكانت صحيفة «سابادو» أول من كشفت عن إسمه.
 
وفي مقابلة مع صحيفة «أكسبرسو» الشهر الماضي، إدّعى بينتو أنّ البرتغال تسعى الى تسلّمه من المجر «لإسكات ما يحمله حاسوبي»، معرباً للصحيفة عن اعتقاده بأنّ بلاده تحاول «تخريب» تحقيقات يسهم فيها في دول أوروبية عدة بعد الكشف عن الجرائم.