أثبتت المعارضة السياسية في سوريا من خلال منصّاتها المتعددة أنها أسوأ من أهل اللحى وأخذها تخاصم نخبها الى الدرك الأسفل من الثورة
 

وُزّع هذا العنوان مع صورة لدبابة من ورق الدولار الأميركي على وسائل التواصل الاجتماعي تسخيفاً وتنديداً بالثورة السورية التي انتهت بأيادي الثوريين الذي أضاعوا الطريق الى دمشق كما أضاع آخرون طرقهم نتيجة التلهي بحسابات الثروة والسلطة، وهذا ما ضيّع على السوريين فرصة التخلص من حكم بيت الأسد وبناء الدولة المدنية على أنقاض الدولة الأمنية.

 

لقد فوّت السوريون على أنفسهم فرصة لا تتكرّر خاصة وأن بداية الثورة ومنذ حائط درعا والأطفال الذين كتبوا عليه بطبشور المدرسة قليسقط بشار وما تبع ذلك من انتقام بوليسي لشبيبة درعا ووجهائها قدّ هزّت الوجدان العالمي حيث تعاطف الشرق والغرب مع شعب يواجه جلاده بصدور عارية فيسقط الشهيد تلو الشهيد في شهادة جماعية حرّكت سورية بكل محافظاتها ودفعت بالدول الكبرى الى الاصطفاف خلف ثورة شعبية جامحة هزّت جمود العرب ودفعتهم الى البحث عن دور كبير في حركة الثورة.

 

إقرأ أيضًا: رعد اعتذر وباسيل يعتذر والحريري مسامح

 

كانت البدايات تؤذّن بفجر سوري جديد ولكن ثمّة من أراد في الداخل السوري اسقاطها وهنا لن أذكر الخارج الذي أسهم في أخذ الحرب السورية الى حسابات غير سورية بل سأشير الى السوريين الذين وأدوا ثورتهم الفتيّة من خلال بحثهم عن الثروة في الثورة فضاعوا في رهان الكسب وتحصيل الأموال وقد تبيّن مدى جوع السوريين مادياً ومعنوياً بحيث أن الجيش الحرّ تقاسم مع جيش النظام مكاسب الطرق ومغانم الحروب المتنقلة في المحافظات والأرياف واعتماد الخوّة المتبعة منذ قيام الحركة التصحيحية لتعزيز شبكات الانتفاع من النظام ومن ثم فُتحت الحدود لأهل اللحى الذين عاثوا فساداً في سورية وضربوا جيش الحرّ وانتشرت الظواهر الدينية في أحزاب لا حصر لها وأكثر قيادييها وعناصرها لا علاقة لهم بالدين ولكن تربية اللحية تكفي كيّ يكون المقاتل قائداً وداعياً لجهة في زاروب أو في حيّ أو في شارع، ومن ثمّ اتخذت الأكثرية ولاءًا محايداً إمّا لداعش وأمّا للنصرة وقد تموضعت داعش في مناطق آبار النفط وبحثت عن الذهب والثروات الأخرى وكانت تخدم النظام أكثر مما كانت تخدم المعارضة.

 

أمّا المعارضة السياسية فقد أثبتت من خلال منصّاتها المتعددة أنها أسوأ من أهل اللحى وأخذها تخاصم نخبها الى الدرك الأسفل من الثورة فكانوا دون تأثير يُذكر وكانوا يمتصون ضروع السلطة من قبل الحصول عليها بطريقة لم تشهدها أيّ معارضة عربية على طول التجربة حتى الثورة الفلسطينية وفي أسوأ حالاتها لم تشهد هكذا مستوى من التدني الأخلاقي والمالي في ظل مشاركة صفر في الثورة السورية في حين أن كل قيادات الثورات في العالم قد وصلت الى السلطة في الدولة أو في المعارضة من خلال نضال طويل وكفاح مستمر، وقد دفعت أثمان غالية في حين أن القيادات السورية ذهبت مباشرة الى الفنادق ولم تمرّ بالخنادق واختلفت في ما بينها عن من يجلس في مقدمة الطائرة الذاهبة الى مؤتمر هنا ومؤتمر هناك بعد ان اختلفوا في من يرأس الوفد ومن يرأس المنصّات المتعددة بعدد الدول المشاركة في الحرب السورية.