عقد اللقاء التشاوري لملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار والمنسقية العامة لشبكة الأمان للسلم الأهلي اجتماعه الشهري في مطرانية جبل لبنان للسريان الأرثوذكس في السبتية بعنوان "التكافل الاجتماعي ومسؤوليات الدولة في تعزيز السلم الأهلي".

وحضر اللقاء العلامة السيد علي فضل الله، المطران جورج صليبا، القاضي الشيخ خلدون عريمط، الأب نكتاريوس خيرالله ممثلا المطران إلياس عودة، المطران دانيال كورية، الشيخ زياد الصاحب، الشيخ حسين شحادة، المحامي عمر الزين، الكاتب يوسف مرتضى، المحامي نعيم القلعاني، الشيخ سامي عبد الخالق، الصحافي قاسم قصير، الكاتب سركيس أبو زيد والدكتور إيلي السرغاني والأستاذ علي سمور.

البيان
إثر الاجتماع أصدر اللقاء بيانا جاء فيه:
"تستمر الأزمة السياسية الاقتصادية في لبنان، وتلقي بثقلها الضاغط على الأوضاع الاجتماعية للبنانيين، ولقد تفاقمت ظواهر الجنوح والجريمة وحالات الإحباط واليأس إلى المستوى الذي لم يشهده الوطن في السابق، وهي تنحو نحو تهديد السلم الأهلي بتجلياته المختلفة من السلم العائلي إلى السلم الاجتماعي فالسلم الوطني.

للانصاف، فإن اللبنانيين بعمومهم وبما ترسخ في وجدانهم من قيم عائلية واجتماعية وأخلاقية وإيمانية، سواء على المستوى الفردي، أم على مستوى المؤسسات والجمعيات الأهلية، جسدوا بأشكال متنوعة هذه القيم في لون متميز من التكافل الاجتماعي خفف من حدة الأزمة، وحاصر مضاعفاتها الأخلاقية والأمنية من دون أن ننسى دور الدولة وإن لم يكن بالمستوى المطلوب.

على أن ارتفاع معدلات الضغوط المعيشية والفقر وبوتيرة غير مسبوقة طاول فئات واسعة من اللبنانيين ما جعل مساحة التكافل الاجتماعي تضيق، وذلك لحساب فئة ضئيلة ضاعفت من ثرواتها من دون أن تتحمل مسؤوليتها الاجتماعية بالقدر الذي تستوجبه معطيات البؤس الفادحة، يمنعها من ذلك ضمور الحس الأخلاقي في وجدانها وانغماسها في الاستهلاك الجنوني والركض وراء رغباتها وملذاتها الخاصة.

هنا لا بد من أن نشير إلى الدور المهم للدولة، الذي يفترض بها القيام به، وهو الذي أختزل إلى الحد الأدنى، من خلال العمل لتقليص هذه الهوة الكبيرة لمصلحة الأكثرية الفقيرة من الشعب اللبناني، وإلزام هذه الفئة أن تتحمل قسطها من المسؤولية الاجتماعية.

ورأى المجتمعون "أن الوضع إذا استمر على حاله، فإن لبنان بأسره تنتظره أياما قاسية قد تنعكس سلبا على مستويات متعددة من السلم الأهلي، ما يتطلب العمل على صعيدين مهمين:
- على الصعيد الذاتي أولا، بأن نعمل نحن، كمؤسسات وجمعيات دينية واجتماعية وخيرية وأهلية، على تفعيل دورنا وعلاقاتنا لتوفير الإمكانات رغم صعوبة ذلك، والتواصل أكثر على مستوى المؤسسات والجمعيات لتبادل الخبرات وتأمين العون المتبادل لاستمرار دورها الاجتماعي، والتشاور الفعلي حول المدى الذي يمكن أن تذهب إليه في التأثير السياسي والوطني على تصويب مسار الحكم والدولة في معالجة الأزمة الراهنة.

وعلى الصعيد الموضوعي، ثانيا، الإصرار على قضية الإصلاح وخصوصا في المجال الاقتصادي، وتطبيق القوانين القائمة، واقتراح القوانين الملائمة، وإعادة الهيبة لمؤسسات الرقابة والتفتيش، واستعادة المصداقية لمؤسسة القضاء، وفي هذه المناسبة لم يكن بوسعنا إلا التفاؤل بما الزمت به القيادات السياسية الأولى في هذا البلد نفسها بالحرب على الفساد، وهو جوهر الأزمة، وما تعهدت به من أنها لن تتوانى عن ذلك في هذه المرحلة والتي اعتبرتها الفرصة الأخيرة للإصلاح.

إننا نرى أن عملية الإصلاح سوف تكون عملية شاقة ومعقدة بسبب التركيبة السياسية الطائفية للبلد، ويجب أن تقارب بحكمة وحذر وشفافية وشمول ونفس طويل، على أن تكون الأولوية في إعداد الخطط والمشاريع والقوانين والضوابط التي تصون المال العام وما سوف يأتي إلى لبنان من قروض كبيرة، والتي للأسف وبفعل الفساد المقيم قد يكون صرفها خاضعا لرقابة خارجية، وذلك بعد أن عجزت الطبقة السياسية عن توفير رقابة ذاتية تحصن المال العام من الفساد والهدر اللذين أوقعا لبنان في هاوية الإفلاس.

لكن يبقى الأهم هو الحضور الشعبي الضاغط حتى لا يعود المسؤولون عما التزموا به من دون آية ردود فعل، بأن يستعيد المواطنون حضورهم وفعاليتهم في الساحة، و يعود للأحزاب والمؤسسات والجمعيات تأثيرها، ولتبقى الضغوط مكثفة على الطبقة السياسية لتصويب مسارها، لقد دعونا في السابق إلى التحرك لعقد مؤتمر وطني أو مؤتمر للجمعيات والمؤسسات والأطر الأهلية، وقد توقف المؤتمر عند هذه الدعوة، وجرى تشاور أولي بشأنها، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة تحضير لعقد هذا المؤتمر في شهر نيسان المقبل عشية الذكرى السنوية لاندلاع الحرب الأهلية، وبحث تأمين شروط التأثير والفعالية للمؤتمر، ودراسة المدى الذي يمكن أن يصل إليه في ظل أوضاع البلد الحساسة".