المعركة ضد الفساد وهمية وستقف عند حدود الطوائف وهذا ما لا يعرفه النائب فضل الله
 

رسّخ اتفاق الميثاق الوطني (الطائف) تركيبة لبنانية بطابع طائفي تعتمد في الأعم الأغلب على المحاصصة بين الأقطاب المشاركة في الحرب الأهلية، في حين ثبّت وجود بعض كبار الممولين اللبنانيين لتلك الحرب، كما أتت جميع الحكومات المتعاقبة لتسير بخطىً متوازية تحافظ بها على توازنات الطوائف المتفق عليها في حكومة الطائف الأولى.

 

كان لهذه الخاصية التي اعتُمدت في لبنان آثاراً سلبية على فكرة بناء الدولة الحديثة في بُعدها الإقتصادي التنموي وعلى تناغم النسيج الإجتماعي المختلف بعد حرب بين أبناء الوطن الواحد دامت لأكثر من ١٥ عاماً، بينما لم يتعدى أثرها الإيجابي سوى على المستوى السياسي للأفرقاء من خلال تكريس زعامتهم.

 

إقرأ أيضًا: هل هي مكافحة للفساد أَم إستنسابية في استهداف الخصوم؟

 

ظهر فساد الحكومات المتتالية في كل مفاصل الدولة ومرافقها الحيوية ومؤسساتها الخاصة والرسمية فكان هذا الفساد أمر واقع في ظل تواجد القوات السورية في لبنان التي كانت شريكة كامل الأطراف الحكومية في جميع الصفقات، واعتبر الكثيرون أن الوصاية السورية آنذاك هي التي مهدت لبداية انهيار الإقتصاد اللبناني الذي نشهده اليوم بالرغم من أن الفساد الإداري الذي سبب عجزاً في الخزينة وديناً عاماً ازداد بعد مرحلة خروج القوات السورية.

 

بعد هذا السرد الطويل تبين أن الفساد لا مذهب له ولا دين وأن جميع من شارك في الحكومات اللبنانية متورط به، وكل من وصل إلى ندوة البرلمان متورط ايضاً باستثناء قلة قليلة، وأصبح لدى الرأي العام اللبناني قناعة تامة أن الساسة اللبنانيين متفقون ضمناً على ادارة شؤون هذا البلد حسب التركيبة التي ذكرناها سابقاً وأن أي صوت يصدح خارج السرب يعاقب باخفاته، ونرى في البروباغاندا الإعلامية التي قام بها النائب فضل الله من خلال اتهامه لرئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بالفساد ليس سوى فقاقيع اعلامية الغاية منها اظهار صورة امام الرأي العام الشيعي أن حزب الله معني بمحاربة الفساد خصوصاً بعد وعود وهمية ثبت عدم جديتها في أعقاب انتخابات ٢٠١٨ النيابية.

 

إقرأ أيضًا: بين المجتمع الديني والدولة المدنية.....زواجٌ يحقق العدالة الإجتماعية

 

قدم النائب فضل الله ملفاته للمدعي العام المالي، وهذه الملفات حسب زعمه تدين الرئيس السنيورة، لكن لماذا لم يقدم ملفات تدين بعض حلفائه بالرغم من علمه وعلم جميع اللبنانين بفسادهم، هل ان مبدأ الوفاء للحلفاء الذي يتغنى به حزب الله ينهيه عن قيامه بواجبه الأخلاقي بمحاربة الفساد؟

 

أم أنه يعرف حق المعرفة أن فتح ملفات لرجل بحجم الرئيس السنيورة ستحرك الرأي العام في الشارع السني وستأخذ منحى طائفي وهو يعتبر نفسه معنياً بالسلم الأهلي فينسحب تحت هذه الذرائع من كشف ملفات الفساد الذي هو أصلاً يوهم جماهيره بها.