أي أفق للنظام الإيراني في المعركة بين المحافظين والمتشددين؟
 

منذ ثلاثة عقود وتحديدًا بعد وفاة المؤسس للجمهورية الإسلامية الإمام الخميني اعتلى التيار المحافظ في إيران بفضل تقربه وولائه المطلق إلى المرشد الجديد آية الله خامنئي، ومنذ السنوات الأولى حاول المحافظون إقصاء منافسيهم اليساريين الإسلاميين بمختلف الأساليب، وساعدهم في ذلك مجلس صيانة الدستور خاصة في معظم الأدوار الإنتخابية.

 

ولكن هناك فترات خرجت الأوضاع عن سيطرتهم وتلقى المحافظون فيها صفعات من شأنها أن تكون معلمة ولكن التيار المحافظ لم يتعلم ولن يتعلم بفضل غبائه والأسوء من ذلك هو صموده أمام الشعب ومحاولته لتيئيس الشعب انتقامًا منه على خياراته الرئاسية المفضلة وبل المحسومة والحاسمة. 

 

ولذلك نرى ان هذا التيار المتغذى من الإقتصاد الربيعي والسياسة الريعية لا يتلقى العبر أو الدروس بعد كل هزيمة ليعيد النظر في مبادئه وقناعاته كما هو الحال في أي بلد يحكمه نظام الحزبية. 

 

إقرأ أيضًا: طائرة نرويجية تنتظر ترامب في مطار شيراز

 

وعلى سبيل المثال فإن هزيمة الديمقراطيين في الولايات المتحدة في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة دفعت الحزب الديمقراطي إلى درس أسباب الهزيمة والبحث عن الثغرات التي استغلها التيار الجمهوري بغية سد تلك الثغرات وتقديم مخطط أفضل في الإنتخابات المقبلة. 

 

أما التيار المحافظ في إيران لا يعترف بهزائمه ولن يترك الساحة بعد كل هزيمة وبل انه يطالب المنتصر بالتخلي عن صلاحياته وفي الوقت نفسه يلقي اللوم على الشعب الذي يدير ظهرها لهم غالبًا ما. 

 

وفي جميع الأحوال ليس لدى المحافظين الا التمترس خلف النظام والتغذي منها وتحويل النظام والإسلام والشريعة والمقاومة والصمود والإستقلال إلى أحجار يرمي بها الآخرين لاقصائهم من الساحة. 

 

إن المحافظين لا ينجزون شيئًا ولا يدفعون تكلفة ولو تكون حجمها ضئيلة جدًا ولكنهم يستفيدون من الإنجازات التي حققتها وتحققها الإصلاحيون والمعتدلون. 

 

وعلى سبيل المثال عتدما اقترح الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي في العام 1999 إلى الأمم المتحدة لتسمية عام 2000 عام الحوار بين الحضارات، تهجم عليه المحافظون الإيرانيون ولكنهم فيما بعد رفعوا لافتة الحوار بين الحضارات فور وقوع حادث 11 أيلول ليؤكدوا على عدم تورط إيران في ذاك الحادث. 

 

إقرأ ايضًا: ثلاثية جواد ظريف في مرمى المتشددين

 

وعندما تقدم الرئيس روحاني في المفاوضات النووية وحصل على الاتفاق النووي، تهجم المحافظون عليه واتهموه بالخيانة واهدار الرأسمال النووي لقاء رفع العقوبات ولكن بعد ما جاء ترامب وانسحب عن الإتفاق النووي يعود المحافظون ليطالبوه بالالتزام بالاتفاق النووي متناسين موقفهم السابق المعارض له والمطالب بعدم إقراره في البرلمان. 

 

وما يثير السخرية هو أنهم يحملون على الرئيس روحاني تبعات موقف الرئيس ترامب والآن يجدد هذا التيار الطفيلي تجاربه السابقة في تتاول موضوع الانضمام إلى فاتف، انهم يريدون أن يشدوا أيدي الرئيس روحاني ويحملوه من جديد تبعات قرارهم الذي يقطع جميع أوداج الاتصال المصرفي بين إيران والعالم حتى بين ايران والصين وروسيا.

 

ولهذا، فإن رفض فاتف سيدخل إيران في نفق مظلم ينتهي إلى الإنهيار الإقتصادي في حين أن المحافظين متمسكين بشعاراتهم الخالدة.