منع زواج القاصرات.... ومعركة برلمانيّة في الأفق
 
نفذ "التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني" و"التحالف الوطني لحماية الأطفال والطفلات من التزويج المبكر"، اليوم السبت، مسيرة مناهضة للتزويج المبكر، بهدف الضغط لإقرار قانون يُحدّد سنّ الزواج في لبنان بـ18 عاماً. فمنذ عشرات السنين، والمعضلة المتمثلة بـ"التزويج المبكر" مستمرّة في لبنان. ورغم كلّ المناشدات لضرب هذه الفكرة الباطلة، غير أنّه لا آذان صاغية بالنسبة للدولة بكافة أجنحتها. ووسط "معمعة" ما يُحكى عن إصلاحات إقتصادية، فإنّ المجتمع يحتاج إلى "إصلاحات قانونية" تساهم في وضع حدّ لهذه الجريمة المتمادية بحق الفتيات. مع كل هذا التناسي والإهمال لقضية محقة، يحاول الناشطون في الميدان الإجتماعي إنتزاع هذه الإصلاحات إنطلاقاً من الشارع الذي ربّما قد تصل الرسالة من خلاله. 
 
الدعوة الأخيرة جاءت تحت عنوان "الجازة عبكيّر بتعمل ضحايا كتير"، لمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وقد انطلقت من أمام جسر العدليّة باتجاه مجلس النواب، لـِ "حث الأخير على ممارسة واجبه التشريعي، ووقف تدّخل الطوائف والمصالح السياسيّة الضيّقة بالأحوال الشخصيّة وحقّ النّساء والفتيات بالحماية".
 
في حديثها لموقع "لبنان الجديد"، ترى الناشطة في التجمّع النسائيّ الديمقراطيّ اللّبنانيّ، مهى نمّور، أنّه "يجبُ الحدّ من ممارسة العنف على النساء والفتيات خاصّةً، لاسيّما من ناحية حرمانهنّ من حقّهنّ في التعليم إلى الدخول في سوق العمل ومنعهنّ من المصروف وصولًا إلى ضربهنّ وتعنيفهنّ، هذه الأمور تأتي من ناحية التعنيف النفسيّ والجسدي للتزويج المُبكر".
 
وتضيف: "من ناحية تأثير الزواج المبكر على البنية الجسديّة للفتيات، فمن المُمكن أن تتأذى جسدياً من خلال أعضائها التناسليّة، كما أنّ الرضاعة باستطاعتها أن تؤدّي إلى وفاتها خلال عمليّة الولادة لأنّ جسدها يكون "طفلًا" وغير قادر على تحمّل هذه العمليّة".
 
وأشارت نمّور إلى أنّ "زواج القاصرات يُعرّضُ حياتهنّ للخطر في حالات الحمل المُبكر، والعزلة الإجتماعيّة، والتوقّف عن الدراسة، والحدّ من فرصهنّ في التقدّم الوظيفيّ والمهنيّ، وزيادة تعرّضهنّ للعنف المنزلي، وغيرها من المخاطر".
 
وأكّدت نمور أنّ "مشروع القانون الذي صاغه التجمّع النسائيّ الديمقراطي اللّبنانيّ، يُجرّم كلّ من شارك أو ساعد على تزويج طفل بغرامات قيمتها عشرة أضعاف الأجر الأدنى، وعقوبات بالسجن تراوح بين 6 أشهر وسنتين".
 
ومع ذلك، فقد لفتت نمّور إلى أنّ "هذا المشروع ما زال يراوح مكانه في أدراج مجلس النواب"، وتقول: "ما زلنا نعيش في بلدٍ ليس فيه سن أدنى للزواج، أو قانون مدني ينظم شؤون الأحوال الشخصية. بل تُحدّد المحاكم الدينيّة سنّ الزواج وفق 15 قانوناً للأحوال الشخصية، هو عدد الطوائف في البلاد. من هذه القوانين ما يسمح بزواج فتيات لم يبلغنّ الخامسة عشر من عمرهنّ. بلد يتغنّى بالإنفتاح والتحرّر على السطح بينما تحكمه المرجعيّات الدينيّة التي تضعُ يدها على كل مفاصل حياتنا اليوميّة وتنظيمها، كما يتحكّمون باللّعبة السياسيّة وبالمجلس النيابي الذي تشكّله الطوائف، ليتمّ إنتهاك النساء والأطفال تحت غطاء الشرع". 
 
ورأت أنّه من الضروري إقرار قوانين تحمي النساء من العنف وبما إنّ لبنان كان قد وقّع على إتفاقيّة سيدا و إتفاقيّة حقوق الطفل فهذا جزء كبير من عملنا ونحنُ كجمعيّة نقوم بحملات ضغط لإقرار قوانين تحمي النساء.
 
وعن إحتمال تعرّض حملتهم للمحاربة، كما حصل سابقاً، تؤكد نمّور "إستعداد التجمع لأيّ مواجهة، والإصرار على موقفهم بأنّ حماية القاصرات هي من مهام الدولة اللّبنانيّة".
وكانت منظمة الأمم المتحدّة للطفولة اليونسف قد أصدرت تقريرًا عام 2016، كشفت فيه أنّ "6% من اللّبنانيّات اللتي كانت تتراوح أعمارهنّ خلال إعداد التقرير ما بين 20 و24 سنة كنّ قد تزوجنّ قبل بلوغهنّ سنّ الـ 18. إلّا أنّ إستطلاعًا للرأي أجراه سابقًا تجمّع النساء اللّبنانيّات الديمقراطيّات بالتشارك مع هيئة الأمم المتحدّة للمرأة، أظهر أن 85% ممن شملهم الإحصاء لا يعتبرون أنّ بلوغ الفتاة جسديًّا يجعلها جاهزة للزواج".
 
في الواقع، فإنّ اللبناني غير قادر على قيادة السيّارة إلّا إذا تجاوز الثامنة عشرة من عمره، ولا يحقّ له المشاركة في الحياة السياسيّة إلّا إذا أكمل الـ21 من عمره. إلّا أنّ القانون نفسه تجاهل قضايا إنسانيّة مثل تزويج القاصرات والقاصرين لأسباب غير مُبرّرة.. وهنا، تبدأ معركة التغيير.. وجهها قانوني في دولة لا يسنّ حكامها إلا القوانين التي تأتي وفق معاييرهم.