قال الشاعر: كلُّ امرئٍ بطوال العيش مكذوبُ... وكلُّ من غالب الأيام مغلوبُ.
 

ها هو الشعب الجزائري الأبيّ يخرج للشارع رافضاً إذلاله وإهانته بترشيح الرئيس الجزائري الحالي عبدالعزيز بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة، الرئيس المقعد والمُصاب بحالات شللٍ في أعضائه تمنعهُ من الحركة، والقيام بالنشاط المفترض بأيّ حاكمٍ أن يقوم به، ومع ذلك تُصرُّ طغمة حاكمة مُحيطة بالرئيس، وتتولّى مقاليد الحكم بالفعل، على إعادة ترشيحه مُتحدّية مشاعر الجزائريّين ومصالحهم وأمانيّهم بانتخابات حُرّة وديمقراطية تأتي برئيس جزائري مُعافى ونشيط، مُؤهّل لقيادة البلاد والحفاظ على مؤسساتها الدستورية ورعاية سائر المؤسسات الحكومية، والسّهر على مصالح الشعب الجزائري الذي سبق له أن ثار ضد أعتى استعمار استيطاني فرنسي أواسط الخمسينات من القرن الماضي، كان يهدف فيما يهدف إلى طمس الهوية الوطنية الجزائرية ببُعدها القومي العربي ومعتقداتها الإسلامية، ودفع في سبيل ذلك أغلى الضحايا، وعانى ويلات الاعتقال والدمار والعُسف، وما لبث أن وقف في وجه الهجمة الأصوليّة التّكفيرية التي ضربت الجزائر مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وتمكّن من القضاء عليها بفضل وعي أبنائه وتضحياتهم، وهو في سبيل استكمال نهضته وتطوّره وعزّته لن يقبل بالطبع أن يُهان بفرض رئيسٍ عليه لا حول له ولا قوّة ولا إرادة، وبالتأكيد لا دليل على توفّر نيّة جادّة لدى الرئيس بوتفليقة على تجديد ولايته، فهو غير قادرٍ للأسف (وذلك  بعد تاريخه النضالي الطويل والمُشرّف) اليوم على العناية بجسده، فما بالكم بقيادة البلاد! هذا في حال كونه لم يفقد قواه العقلية، إذ لو أنّها ما زالت سليمة ومُعافاة لوقف بنفسه ضدّ "المتآمرين" لإعادة ترشيحه وإهانته، ولعلّ لو قُيّض له أن ينزل اليوم مع المتظاهرين للاحتجاج على ترشيحه لفعل، ووقف بجانب شعبه الرافض لسياسة الإذعان والتّسلُّط والتّفريط بالمسؤولية الوطنية ومصالح البلاد العليا.

قال الشاعر:

كلُّ امرئٍ بطوال العيش مكذوبُ

وكلُّ من غالب الأيام مغلوبُ.

 

إقرأ أيضًا: عودة ظريف عن استقالته.. خطوة للأمام وخطوتان للوراء