يستعد «التيار الوطني الحر» لخوض أوسع حركة تعيينات إدارية وعسكرية وأمنية منذ دخوله السلطة عام 2005. ومع انتخاب مؤسّسه ميشال عون رئيساً للجمهورية تكتسب هذه التعيينات بُعداً سلطوياً إنتظره «العونيون» منذ عقود: حان وقت «الانتقام»!
 

يستذكر وزير عوني في حكومة الرئيس تمام سلام عام 2014، التعيينات التي جرت «بالقطّارة»، وشملت عشرة أسماء من أصل عشرات المراكز الشاغرة في الادارات والمؤسسات العامة لموظفي الفئة الاولى، والتي وصفها «العونيون» يومها بـ «تعيينات الشمندر»، مقارنة مع التعيينات الدسمة التي حظي بها تيار «المستقبل» و»الثنائي الشيعي». لكن عملياً، شكّلت هذه التعيينات الانطلاقة الأكثر جدية لدخول «التيار البرتقالي» لاحقاً الادارات من الباب العريض عبر الهدم التدريجي لـ»سياسة الاحتكار» ومن خلال «فرض الشروط» والاسماء في أكثر من موقع.

قبل ذلك بسنوات، في حكومة سعد الحريري الأولى، لم تفرض التعيينات نفسها أصلاً على جدول الأعمال. أما في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي كان لـ «التيار الوطني الحر» فيها عشرة وزراء، مع شريك مضارب واحد هو رئيس الجمهورية (السابق) ميشال سليمان، لم يتمكّن «البرتقاليون» من إمرار تعيين واحد يشفي غليلهم.

لكن، في حكومة الحريري الثانية فقط، بدأ عهد «التمدّد» العوني في الادارات والمؤسسات العامة، لكنه أخذ بطريقه «تفاهم معراب» الذي شكّلت التعيينات أحد أبرز أسباب سقوطه، فيما أدركت بقية القوى السياسية، وتحديداً «تيار المستقبل» والرئيس نبيه بري، أنّ «الأكل» من الصحن المسيحي لم يعد ممكناً كما قبل 2005.

النقاش حول توزيعة «أزلام» أهل السلطة في الادارات لم ينتهِ بعد، والمداولات في الغرف المغلقة تشي برفع المتاريس مجدداً. حتى بين الحريري وباسيل، المُفترض أنهما يزنّران نفسيهما بتفاهم «مصلحي» صلب تحت سقف التسوية الرئاسية، الكلام لم ينتهِ أيضاً، لا بل أنّ النقاش قد يقود الى تباعد مجدداً على خلفية أكثر من تعيين حساس، أبرزه الفصل بين موقعي رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط («الميدل ايست») والمدير العام للشركة (للطائفة السنّية حالياً)، بحيث يؤول هذا الموقع الى الموارنة كما كان معمولاً به قبل 1999. وهنا تفيد معلومات، انّ رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية يسعى الى تسمية شخص محسوب عليه لهذا المنصب، وهو الامر الذي يرفضه باسيل بشدة.

وبالتأكيد، تحتضن التعيينات ما يكفي من «الالغام» التي قد تؤخّر البتّ بها، ومنها عدم حسم طائفة بعض المواقع، النزاع المسيحي - المسيحي في ظل محاولة باسيل تطبيق معيار «الاقوى في الحكومة ومجلس النواب له الحصة الأكبر والكاسحة في التعيينات»، الخلاف الدرزي - الدرزي حيث دخل الثنائي طلال إرسلان ووئام وهاب شريكاً مضارباً بقوة للنائب السابق وليد جنبلاط، الخلاف الشيعي الصامت بين حركة «أمل» و»حزب الله» حول بعض المواقع، منها مثلاً المديرية العامة للتعليم المهني والتقني... فيما تؤكّد المعلومات، انّ «حزب الله»، وللمرة الاولى منذ دخوله الحكومات، يسعى الى اقتطاع حصة وازنة له داخل الادارة، ما يعني تلقائياً «سحب» أكثر من موقع من «مكتسبات» حركة «امل»!سنيّاً قد تنتقل تجربة تأليف الحكومة الى داخل الإدارات فينبري حلفاء الحريري وخصومه الى مشاركته الحصة السنية من التعيينات. أما على الضفة المسيحية، فكلام يُقال فوق السطوح، وتحديداً على لسان راصدي باسيل، إنّ معركته الرئاسية سيدشّنها بتثبيت «رجالاته» في الادارة!

وفق المعلومات، الشواغر (بعضها يعود الى عشر سنوات) تبلغ 43 في وظائف الفئة الأولى، و240 في الفئة الثانية.

أما أهمّ المناصب الشاغرة أو التي ستشغر في الاشهر المقبلة فهي:

ـ لدى الموارنة: رئيس مجلس شورى الدولة، رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمؤسسة المحفوظات الوطنية (شاغر منذ العام 2010)، رئيس المؤسسة الوطنية للاستخدام، رئيس المعهد الوطني للادارة، رئيس المجلس الدستوري (إنتهت ولايته والأعضاء منذ 2015)، المدير العام للحبوب والشمندر السكري، نائب رئيس مجلس الانماء والاعمار، رئيس اللجنة الادارية للمشروع الاخضر، المدير العام رئيس فرع الشؤون الوزارية في رئاسة الحكومة...
ـ لدى الروم الكاثوليك: المدير العام ورئيس مجلس إدارة «تلفزيون لبنان»، المدير العام للطرق والمباني في وزارة الاشغال، المدير العام رئيس الفرع الفني في رئاسة الجمهورية (معطيات تفيد أنه قد يصبح من حصة الشيعة)، رئيس لجنة بورصة بيروت، المديرالعام رئيس فرع الامانة العامة في رئاسة الجمهورية...

ـ لدى الاورثوذكس، رئيس المركز التربوي للبحوث والانماء، مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان، الامين العام لمجلس الانماء والاعمار، رئيس الصندوق المركزي للمهجرين...

ـ لدى الشيعة: المدير العام للمغتربين، المدير العام للتعليم المهني والتقني، نائب حاكم مصرف لبنان، المديرالعام لإدارة حصر التبغ والتنباك (الريجي) مدير بنك التمويل، مدير شركة «انترا»، المدير العام للاستثمار في وزارة الطاقة والمياه، المدير العام رئيس فرع الشؤون القانونية في مجلس الوزراء، نائب رئيس مجلس الانماء والاعمار..

ـ لدى السُنّة: المدّعي العام التمييزي، المدير العام لوزارة العدل، المديرالعام للتنظيم المُدني (يمكن أن يُعطى للأقليات وهناك خلاف مستمر لأي طائفة سيؤول هذا الموقع)، رئيس مجلس الانماء الاعمار، المدير العام للمجالس المحلية والبلديات، المفتش العام الهندسي، المدير العام لوزارة السياحة، الامين العام لمجلس الوزراء، المدير العام لرئاسة الحكومة، نائب حاكم مصرف لبنان، المدير العام للطيران المدني، المدير العام رئيس فرع الشؤون القانونية في رئاسة الجمهورية، نائب حاكم مصرف لبنان، رئيس مؤسسة «إيدال»...

ـ لدى الدروز: رئيس أركان الجيش، قاضي التحقيق العسكري في المحكمة العسكرية (شاغر بعد استقالة القاضي رياض ابو غيدا)، نائب حاكم مصرف لبنان، المدير العام للجلسات واللجان في مجلس النواب...

ـ لدى الارمن: المدير العام للبيئة، الإحصاء المركزي، المفتش العام في التفتيش المركزي، نائب حاكم مصرف لبنان (يشغر مركزه مع بقية نواب الحاكم في نيسان 2019)، رئيس الهيئة الناظمة للاتصالات (غير مُتفق لمن ستؤول رئاستها بعد)...

كذلك ستشمل التعيينات مجالس ادارة 47 مؤسسة عامة، كل منها يضمّ بين 3 و 7 أعضاء، أي ما مجموعه نحو 270 شخصاً...